مقالات مجد الوطن

كسوةُ العناكب

 

محمد الرياني

في يومِ المطر، السحابُ يرقصُ في الفضاءِ ليسعدَ الأرضَ الجدباء، كلُّ شيءٍ حولَ الأرضِ رائعٌ ، على الأرضِ خرجَ الراقصون مستقبلين المطر، بعضُهم يتعمدُ تحريكَ رجليه جذلًا وبعضهم بلا قصدٍ يتمايلُ من فرطِ فرحتِه، هي الوحيدةُ التي كانت تمشي بثباتٍ وهي تنظرُ إلى الأرض، المنتشون ينظرون إلى السماءِ وتركوا أقدامَهم تتحاورُ مع الأرضِ؛ باستثنائها تمشي بثباتٍ وكأنها تكتبُ على الوحلِ سمتَها ووقارَها، لم تستجبْ لنداءِ السحابِ ولم يدفعها غرقُ دثارِها لتفعلَ فعلَ الفرحين ، واصلتْ سيرَها حتى النهاية، بقيَ الآخرون يواصلون عزفَ لحنِ المطرِ ومع هذا لم تطربْ لصوتِ السحابِ ووقْعِ المطرِ على الأرض، فتحتِ البابَ الصغيرَ وأغلقتْه على نفسِها كي تهربَ من الضجيجِ ومن الغيومِ التي لم تبرحِ السماءَ حتى بعدَ اختفائها، اشتدَّ المطرُ حتى غرقتِ الأزقة، عادتْ من جديدٍ لتستطلعَ الأمر، ظهرتْ بقُبَّعةٍ مستديرةٍ على رأسِها وحولَ جسدِها رداءٌ أحمر ، وضعتْ قدميها في الماءِ الغزير، تجاوزتْه ولم ترفعْ رأسَها وفضلتْ أن تنظرَ إلى الأرضِ كما كانت تفعل، أخذتْ تهبطُ إلى الأرضِ وكأنها تلتقطُ شيئًا، نزعتْ خيوطًا من ثوبِها وجلستْ على الأرضِ تكسو جدَّاتِ المطر، تفرَّقَ السحابُ والحشراتُ المكسوَّةُ بالحُمرةِ ترقصُ جذلى، عادتْ مطأطأةً برأسِها إلى بابِها القريب، فعلتُ مثلَها وصوبتُ بصري نحوَ جدَّاتِ المطر، أردتُ أن أكسوها ولكن خيوطَ ثوبي لم تكنْ حمراء، رفعتُ رأسي للسماءِ ويدي معها، تمنيتُ أن يعودَ السحابُ وأن تأتي صاحبةُ الرداءِ الأحمرِ لتعيرني خيوطًا من ثوبها، غادرتِ العناكبُ الجميلةُ واختفت ، يبدو أنَّ دموعَ الخجلِ هطلتْ مع المطرِ على كسوةِ العناكبِ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى