مقالات مجد الوطن

 طَعَام

 

الكاتب / محمد الرياني

يحملُ مَواشيه في عربةِ نقلٍ مهترئة فتدوس بأرجلها على بقايا أعلاف يابسة وُضعتْ في الصندوق الخلفي، يختار موقعًا متميزًا في السوق ليراه الجميع، يمتلك شخصيةً عجيبةً تجمع بين الحزم والفكاهة كي ينفق بضاعته، طالبوه أكثر من مرة بأن يستبدل سيارته القديمة بأخرى جديدة من الأموال التي يجلبها من رؤوس الأغنام فيتحجج بأنه لايستطيع فعل ذلك، الذين يبيعون معه في السوق يسألونه عن سرّ انتفاخِ بطونِ الدواب فيجيب بأنه متمرّسٌ في تغذية البهائم فلايقدّم لها إلا أطايب العلف من المزارع الخضراء، يردّون عليه باستغراب بأنهم يفعلون ذلك ولكن بطونها لاتتمدد إلى أسفل كما هي عليه مواشيه، يضحك بكل سخرية ويقول هذا سر الصنعة ولايجوز له الإفصاح عنه، المشترون يبتعاون منه ويغادرون دونما مفاصلة في البيع، يترك ساحة البيع قبلهم فالإقبال على بضاعته كبير، آخر مرة حضر فيها إلى السوق جاء ليحتفل ببيع عددٍ كبير من الأغنام في موسم تقاطر له الباعة والمشترون من كل مكان ، استعان بعربةِ نقلٍ كبيرة تتسع للعدد الكبير الذي لم تستوعبه سيارته الصدئة، قبل أن يحمى وطيس السوق هبّتْ عاصفةُ ترابٍ طارتْ بأوراق البضاعة من المحلات المجاورة لتستقر حول الدواب، ارتفعتْ أصواتُ العجماواتِ بالفرح والسرور فانطلقتْ تتدافع نحوها، اختفى البائع عن الأنظار، هجمت المواشي تأكل الأوراق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى