عمر شيخ – مكة المكرمة – مجد الوطن .
ألقى معالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الأستاذ الدكتور / عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس – خطبة الجمعة من المسجد الحرام قال فيها : اتقوا الله عِبَاد الله ؛ فَمَنِ اتَّقى مولاه لم يَزْدَد مِنْهُ إلاَّ قُرْبَا، وتَزَكَّى بِصِيَامِهِ وأرْبَى، وسَمَا رُوحًا وقَلْبَا، ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً﴾.
يا أيها الصائمون القائمون يَا بُشْرَاكم و يَا نُعْماكم بهذه الأيّام المُبَاركة القلائل، ازدلفوا إلى ربكم بالفرائض والنوافل، واستَدْركوا ما فاتكم في شهركم من الأعمال الجلائل، لِنَسْتَدْرِكَ النَّفَحَات، ونَدْرُج في ثنايا الرحمات.
أمّة القرآن والصِّيام: وفي هذه العَشْر الأواخر اختَصَّكم الباري تبارك وتعالى بليلة عظيمَةَ الشّرف والقدر، مُبَاركة الشّأن والذِّكر، بالخير والرَّحمة والسلام اكتملت، وعلى تنزُّل القرآن والملائكة الكرام اشتملت، هي مِنكم على طرف الثُّمام، بإذن الملك العلاَّم، إنَّها ليلة القدر، ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ، لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ، سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾
وأمَّا عَنْ مِيقاتها فقد قال صلى الله عليه وسلم:” تَحَرَّوا ليلة القدْرِ في الوتر من العَشر الأواخر من رمضان” (متفق عليه)، وقد روى البخاري من حديث ابن عمر أن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أُرُوا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أرى رؤياكم قد تواطأت في السَّبْعِ الأواخر، فمن كان متحريها فليتحرها في السَّبْعِ الأواخر”، وها هي بين أيديكم فاغتنموها في أشرف بقاع الأرض.
إخوة الإسلام: وفي هذه البقاع الطاهرة، وعلى ثرى مكة العامرة، وفي ليلة من ليالي العشر زاهرة، أُثْلجت صدور المؤمنين، وقَرَّتْ أعين الغيورين، بالقِمَمِ الإسلامية والعربية والخليجية التي دعا إليها خادم الحرمين الشريفين -لا يزال بالتوفيق مُكَلّلا- عملا بقول الله تعالى:﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا﴾، وبقوله سبحانه:﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾، وقد تألَّقت قِمَم قادة الأمة وتأنَّقت بموضوعاتها الجسيمة، فلله دَرّهم وقد أشرق جَمْعهم، وتَلَأْلأتْ بالمحبة صُفُوفهم، ومرحبا بهم وهم محط أنظار العالم في هذه الرحاب المبارَكَة، والأيام العَابِقَة، وفي ليلة غراء من هذا الشهر اعتصموا بحبل الله أجمعين، واتَّحَدوا على الخير أَكْتَعِين، وكانوا قُدْوة لشعوبهم وأبناء أوطانهم، في الوحدة والائتلاف، والتآزر والإيلاف، والاعتصام ونبذ الاختلاف، وجزى الله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين على جهودهما المباركة في جمع كلمة المسلمين، وتوحيد صفوفهم ونصرة قضاياهم.
فيا قادة المسلمين هنيئا لكم الاجتماع المُتَوَّج بشرف الزمان والمكان، ضَعُوا أيديكم في يد خادم الحرمين الشريفين لتحقيق الأمن والسِّلم الدوليين، ومكافحة الغلو والتطرف والإرهاب . إن مؤتمركم هذا يعكس حجم الوجدان الإسلامي نحو ثِقَلِهِ الديني، تحت مِظَلَّة قِبْلَتِه الجامعة، حيث المرجعية الإسلامية رُوحِيًا وسِيَاسِيًا في سياق شرف الخدمة والريادة الفذة للبلاد المباركة.
ألا فالزموا أيها المسلمون طاعة أولي الأمر في صالح الأمور، في الغيبة والحضور، وشُدُّوا من أَزْرِهم، وعَزِّزوا أمرهم، ولا تُنْصِتوا للأبْوَاقِ النَّاعِقَة، سدد الله الخطا وبارك الجهود، وحقق الآمال ووفقنا لصالح الأقوال والأعمال إنه جواد كريم.
واستهل معاليه خطبته الثانية قائلاً إخوة الإيمان: الله الله بحسن الختام :﴿ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾، ولقد شَرَعَ الله لكم في ختام شهركم إخراج زكاة الفِطْر، فأخرجوها طَيِّبَة بها نفوسكم، وهي صاعٌ من غالب قوت البلد، ففي الصحيحين من حديث ابن عمر قال:” فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير، على العبد والحر، والذكر والأنثى من المسلمين”
عباد الله: وإن مِنَ التَّحَدُّثِ بِنِعَمِ الله ما نَعِمَ وينعم به المعتمرون والزائرون في رِحَابِ الحرمين الشريفين من منظومة الخدمات المتكاملة المُتَوَّجة بالأمن والأمان، والراحة والاطمئنان، كُلُّ ذلك بفضل الله تعالى ثم ما سَخَّرَتْهُ هذه الدولة المباركة من جهود لخدمة ضيوف الرحمن، ولا غرو فقد اختصها الله بهذا الشَّرف العظيم، ونسأل الله أن يثيبها ويُعِينَهَا على مواصلة هذا الشرف المُؤثَّل، والمجد المُؤصَّل، في خدمة الحرمين مكانًا ،
و قاصديهما إنسانًا .