عمر شيخ – مكة المكرمة .
الحَمْدُ لله الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فيِ الأَرْضِ، المَلِك الحَقّ المُبِيْن ، خَلَقَ عِبَادَهُ مِن سُلَالَةٍ مِن طِيْن، وَرَفَعَ بَعْضَهُم فَوْقَ بَعْض فيِ الدُّنْيَا وَالدِّيْن، وَأَنْعَمَ عَلى مَن شَاءَ مِنْهُم بِالمُلْكِ وَالتَّمْكِيْن، فَجَعَلَهُم فِي عِبَادِهِ مُسْتَخْلَفِيْن، وَعَلى مَصَالِح بِلَادِهم مْسْتَأْمَنِيْن، وَالصَّلَاة وَالسَّلَام عَلى النَّبيِّ الأُمِّي الأَمِيْن، خَيْر مَنْ حَكَمَ بِالكِتَاب المُبِيْن، وَعَلى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَفْضَل مَنْ سَاسُوا البِلَاد وَالعِبَاد بَعْد النَّبِيين وَالمُرْسَلِيْن، وَالتَّابِعِيْن وَمَنْ تَبِعَهُم بِإِحْسَان إِلَى يَوْم الدِّيْن.
أَمَّا بَعْدُ:
فَمِنْ أَفْضَال الله تَعَالى وَآلاَئِهِ، وَتَمَامِ مَنِّهِ وَنَعْمَائِهِ، وَعَظِيْمِ كَرَمِهِ وَعَطَائِهِ، وَجَزِيْلِ قَضَائِهِ وَإِمْضَائِهِ عَلى بِلَادِنَا الغَالِيَة، بِلَاد الحَرَمَيْن الشَّـرِيْفَيْن، المَمْلَكَة العَرَبِيَّة السُّعوْدِيَّة أَنْ جَعَلَهَا سُبْحَانَهُ مَهْبِطَ الوَحْي، وَمَنْبَعَ الإِسْلَام، وَقِبْلةَ الأَنَام، وَمَأْرِزَ الإِيْمَان. كَمَا مَنَّ عَلَيْهَا وَأَفَاء – تَقَدَّسَت أَسْمَاؤُهُ- بِوُلَاةِ أَمْرٍ أَفْذَاذٍ ذَوِي مَجْدٍ أَصِيْلٍ، وَشَرَفٍ أَثِيْلٍ، وَنَخْوَةٍ وَنجَابَةٍ، وَفَضْلٍ وَإِصَابَةٍ، تَتَابَعُوْا فِي عِقْدٍ مُتَلَأْلِئٍ وَضَّاء، وَجُهْدٍ مُشْرِقٍ مَضَّاء مُنْذُ تَأْسِيْسِها عَلى يَدِ الإِمَام المَلِك عَبْدالعَزِيْز بْنِ عَبْدالرَّحْمَن آل سُعُود – طيَّب الله ثَرَاه-.
أولئك قومٌ إنْ بَنَوْا أحْسَنُوا البنَا وإِنْ عَاهَدُوا أَوْفُوا وَإِنْ عَقَدُوا شَدُّوا
وإنْ كَانَتِ النَّعْمَاءُ فِيْهِم جَزَوْا بِهَا
وإِنْ أَنْعَمُوا لا كَدَّرُوْهَا وَلا كَدّوْا
مَغاويرُ أبطالٌ مَطاعيمُ في الدُّجَى بَنَى لهُمُ آبَاؤُهم وَبَنَى الجَدُّ
فَهُم ذُؤَابَةٌ مُبَارَكَةٌ بَاسِقَةٌ، وَأَرُوْمَةٌ سَامِيَةٌ سَامِقَةٌ، وَذِرْوَةٌ شَامِخَةٌ شَاهِقَةٌ، وَبَوَاذِخ فَائِقَةٌ رَائِقَةٌ، وَأَعْلَامٌ بَازِغَةٌ مُتَنَاسِقَةٌ مِن الرَّصَائِع الدُّرَّيَة وَالنُّجُوم العَلِيَّة أَصْحَاب المَآثِر الأَرِيْجَة، وَالمَفَاخِر البَهِيْجَة إِلَى هَذَا العَهْد الزَّاهِر المَيْمُوْن، عَهْد خَادِم الحَرَمَيْن المَلِك سَلْمَان بْنِ عَبْدالعَزِيْز آل سُعُود – حَفِظَه الله تَعَالى- وَوَلي عَهْدِهِ الأَمِيْن صَاحِب السُّمُوِّ المَلَكِي الأَمِيْر/ مُحَمَّد بْنِ سَلْمَان بْن عَبْدالعَزِيْز آل سُعُود- سلَّمَهُ الله-.
وَإِنَّهَا لَمُنَاسَبَةٌ عَظِيْمَةٌ، وَذِكْرَى كَرِيْمَة تَشْرَئِبُّ إِلَيْهَا الأَعْنَاقُ، وَتَرْنُو إِلَيْهَا الأَسْمَاعُ وَتَشْتَاقُ، وَتَرْمُقُهَا الأَنْظَارُ وَالأَحْدَاق؛ إِنَّهَا ذِكْرَى اجْتِمَاع الكَلِمَة وَوَحْدَة الصَّفِ وَالْتِفَافِ الأُمَّةِ حَوْل قَادَتِهَا وَقِيَادَتِهَا، إِنَّهَا الذِّكْرَى الثَّانِيَة لِبَيْعَة وَلي العَهْدِ الأَمِيْن صَاحِب السُّمُوِّ المَلَكِي الأَمِيْر/مُحَمَّد بْنِ سَلْمَان بْنِ عَبْدالعَزِيْز آل سُعُود- وَفَّقَهُ الله-، صَاحِب العَزِيْمَة العَالِيَة، وَالهِمَّةِ المُبَارَكَةِ الغَالِيَة المُتَعَالِيَة، وَالنَّفْس الشَّمَّاء السَّامِيَة، وَالقَرَارَات الحَازِمَة الوَاعِيَة، وَالمَشْرُوَعَات العِمْلَاقَة المُتَوَالِيَة، وَالرُّؤَى الطَّمُوْحَة المُتَتَالِيَة.
إنَّ صَنَائِعَ سُمُوِّ وَلي العَهْدِ الأَمِيْن-حَفِظَهُ الله تَعَالى- فِي الوَطَنِ مَذْكُورَةٌ، وَأَعْمَالَهُ فِي الأُمَّةِ مَنْشُوْرَة، وَمَوَاقِفَهُ الوَطَنِيَّة وَالإِقْلِيْمِيَّة وَالدُّوَلِيَّة مَأْثُوْرَة مَشْهُوْرَة، فَأَهْدَافُهُ عَظِيمَة، وَأَغْرَاضُه حَمِيْدَة جَسِيْمَة، وَمِن تِلْكُمُ الأَعْمَال وَجَلَائِل الأَفْعَال الَّتي سَطَّرَتْ صَفَحَاتٍ لَامِعَة، وَبيَّضّتْ سِجِلَّاتٍ نَاصِعَة مِنْ الإِنْجَازَات السَّاطِعَة، وَالنَّجَاحَات القَاطِعَة:
قِيَادَة عَمَلِيَّة عَاصِفَة الحَزْم، وَتَأْسِيْس التَّحَالُف الإِسْلَامِي الَّذِي يَضُمُّ 44 (أَرْبَعَة وَأَرْبَعِيْن) دَوْلَةً، وَبَرْنَامَج التَّحَوُّل الوَطَنِي (2020)، وَالرَّؤْيَة المَيْمُوْنَة المُبَارَكَة (2030)، وَتَطْوِيْر صُنْدُوْق الاسْتِثْمَارَات العَامَّة، وَتَنْسِيْق العَمَل العَرَبيِّ المُشْتَرَك، وَتَأْسِيْس الشَّرِكَة السُّعُوْدِيَّة للصِّنَاعَات العَسْكَرِيَّة، وَرِئَاسَتُه اللَّجْنَة العُلْيَا لمُكَافَحَة الفَسَاد، وَمَشْرُوْعَات الرُّؤْيَة :«نُيُوْم»، و«البَحْر الأَحْمَر»، وَ«القِدِيّة»، و«جَدَّة دَاون تَاون»، و«وَعْد الشَّمَال»، وَتَطْوِيْر حَيّ الطريف التَّارِيْخِي، وَ«أَمالا»، وَمَشْرُوْع مَدِيْنَة المَلِك سَلْمَان للطَّاقَة (سبارك)، وَتَوْحِيْد المَجَالِس العُلْيَا فِي مَجْلِ رَئِيْسَينِ لِتَوْحِيْد الجُهُوْد فِي الدَّوْلَة، وَهُمَا: مَجْلِس الشُّؤُوْن الاقْتِصَادِيَّة، وَمَجْلِس الشُّؤُوْن السِّيَاسِيَّة وَالأَمْنِيَّة، وَالهَدَف مِن ذَلِكَ هُوَ تَسْرِيْعُ عَمِلِيَّة تَنْفِيْذ القَرَارَات الحَكِيْمَة، وَالتَّخَلُّصِ مِن البِيْرُوْقرَاطِيَّة العَقِيْمَة.
وَقَدْ سَمَت أَعْمَالُ سُمُوِّهِ الجَلِيْلَة، وَأَهْدَافُهُ النَّبِيْلَة في مَسْلَكٍ رَشِيدٍ، وَفِعْلٍ سَدِيدٍ بِهَذَا الوَطَن المُبَارَك، قِبْلَة المُسْلِمِيْن وَمَهْبِط الوَحْيِ وَمَنْبَع الرِّسَالة؛ فَبَوَّأَتْهُ المَكَانَة الكُبْرَى فِي العَالم الإِسْلَامي وَالمَرْكَز القِيَادِي، وَالثُّقْل العَالِمي وَالرِّيَادِي؛ وَقَادَتْهُ إِلَى ذِرْوَة سَنَام المَجْدِ الشَّاهِق، وَالفَخْر البَاسِق، وَ الْعَلَاء البَاذِخ، وَالشَّرَفِ الشَّامِخ.
وَلاشَكَّ أنَّ هَذِهِ النَّتَائِج البَهِيَّة، وَالثِمَار النَّديَّة، وَالآثَار السَّنِيَّة لَتُسْعِد أَهْل الدِّيْن وَالمِلَّة وَسَائِر أَبْنَاء الأُمَّة، إِذْ الْقُلُوْبُ إِلَى ظِلَالِهَا الوَارِفَة جَانِحَةٌ، وَالعُيُوْنُ لأَنْوَارِهَا الْبَادِيَة لَامِحَةٌ، وَالأَلْسُنُ بِشُكْرِهَا صَادِحَةٌ مَادِحَةٌ.
وَكُلُّ هَذِهِ الإِنْجَازَات وَالنَّجَاحَات وَالعَطَاءَات وَالرُّؤَى وَالأُطْرُوْحَات تَعْكِسُ رُؤْيَةَ خَادِمِ الحَرَمَيْن الشَّرِيْفَين المَلِك سَلْمَان بْنِ عَبْدالعَزِيْز- حَفِظَهُ الله- النَّافِذَة الثَّاقِبَة، وَآرَاءَهُ المُتَبَصِّرَة الصَّائِبَة فِي حُسْن اخْتِيَار القِيَادَات الفَتِيَّة، وَالكَوَادِر الشَّبَابِيَّة، وَالطَّاقَات البَشَرِيَّة الَّتي تَقُوْدُ قَاطِرَة التَّنْمِيَة، وَتَأْخُذُ بِزِمَام قَافِلَة التَّطَوُّرِ وَمَسِيْرَة الإِصْلَاح فِي البِلَاد، بِمَا يُسْهِمُ فِي إِسْعَادِ العِبَاد، وَنَشْر الخَيْرِ عَلى الحَاضِر وَالبَاد.
فَأَمِيْرُنَا الشَّاب، فَرْعٌ مِن أيْكَة الكَرَم، يَمْتَلِكُ مِن العِلْم وَالخِبْرَة، وَالحِنْكَةِ وَالدُّرْبَة مَا يُؤَهِلُهُ للقِيَادَة، وَيَرْقَى بِهِ لِلسِّيَادِة وَالرِّيَادِة، يُعَضِّدُهُ عَلى ذَلِكَ مَا يَكْتَنِزُهُ مِن طَاقَةٍ هَائِلَةٍ، وَحَمَاسٍ مُتَدَفِّقٍ، وَبَاعِثٍ مُتَأَلِّقٍ فِي خِدْمَةِ الوَطَن وَالمُوَاطِن؛ حَيْثُ يَسْمُو سُمُوُّهُ إِلَى مَعَالِي المآرِب، وَيَصْبُو إِلَى شَرِيف الْمَطَالِب، وَأَسْمَى الْمَرَاتِب، وَأَسْنَى المَنَاقِبِ، كُلُّ ذَلِكَ مَقْرُونٌ بالحَزْم الَّذي هو صِفَة الفَوَارِس مِن الرِّجَال، وَأَمَارَة السُّؤدَدِ في الأّبْطَال، فَقَدْ خَاضَ- بَعْدَ تَوْفِيْق الله- كَثِيرًا مِن القرَارَات الجَسِيْمَة وَأَثْبَاجها، حُلْوهَا وَأُجَاجها، بشِيمَة الحَزْم، وَقِيْمَة الجَزْم، والَّتي أَقَام بِهَا كُلِّ مُعْوَجٍّ ومُنْآد، وَذلَّل بِهَا كُلَّ صَعْب وَكِآد.
وَبِهـذه الْـمُنَاسَبةِ الزَّكِيَّة، وَالذِّكْرى البَهِيَّة؛ فَإِنَّنَا نُجَدِّدُ البَيْعَةَ الشَّرْعِيَّةَ لوُلَاةِ أَمْرِنَا ـ وَفَّقَهُمُ اللَّـهُ ـ عَلَىٰ كِتَابِ اللَّـهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ وَسُنَّةِ رَسُولِه صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّم، بَيعَةً مُخْلِصَةً، وَوَلَاءً صَادِقًا، عَلَىٰ الْسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ بِالْـمَعْرُوفِ, فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ وَالْـمَنْشَطِ وَالْـمَكْرَهِ, امْتِثَالاً لِأَمْرِ اللَّـهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ وَاسْتِنَانًا بِسُنَّةِ رَسُولِهِ ـ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.
وختامًا نَسْأَلُ الله العَلِيَّ القَدِيْر أَنْ يَجْزِىَ خَادِمَ الحَرَمَيْن الشَّرِيِفْين خَيْرَ الجَزَاء وَأَوْفَاه، وَأَعْظَمه وَمُنْتَهَاه كِفَاء مَا قَدَّم للإِسْلَام وَالمُسْلِمِيْن، وَمَا أَوْلَى للحَرَمَيْن الشَّـرِيْفَين، وَأَنْ يُسْبِغَ عليه لِبَاسَ الصِّحَّة وَالعَافِية، وَيَمُدّ فِي عُمْرِهِ وَصَالِح أَعْمَالِهِ، وَيَشُدّ أَزْرَهُ بِوَلي عَهْدِه الأمين صَاحِب السُّمُوِّ الملكي الأَمِيْر مُحَمَّد بْنِ سَلْمَان بْنِ عَبْدالعَزِيْز آل سُعُود– حَفِظَهُ الله-، والشُّكْرُ المَوْصُولُ وَالثَّنَاءُ المَبْذُوْل لمُسْتَشَار خَادِم الحَرَمين الشَّـرِيْفَين، أَمِيْر مَنْطِقَة مَكَّة المكرَّمة صَاحِب السُّمُو الملكي الأمير خَالِد الفَيْصَل، وأمير مَنْطِقَة المَدِيْنَة المنوَّرَة صَاحِب السُّمُو الملكي الأَمِيْر فَيْصَل بْن سَلْمَان بْنِ عَبْدالعَزِيْز آل سُعُود، وَسُمُو نَائِبيهما الكَرِيْمَين- حفظهم الله.
وَنَسْأَلَهُ سُبْحَانَهُ أَنْ يَحْفَظ بِلَادَنا بِلَاد الحَرَمين الشَّرِيْفَين مِن كُلِّ سُوْءٍ وَمَكْرُوْه، وَيَزِيْدَهَا أَمْناً وإِيْمَانَاً، وَسَلامَاً وَاسْتِقْرَارَاً، وَيَجْعَلَهَا سَخَاءً رَخَاءً، وَيَحْفَظ عَلَيْها عَقِيْدَتَها وَقِيَادَتَها وَأَمْنَها وَرَخَاءَهَا، وَسَائِر بِلَاد المُسْلِمْين، وَآخِر دَعْوَانَا أَنِ الحَمْد لله رَبِّ العَالمين، وَصَلَّى الله عَلى نبيِّنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليماً كثيرا ً