مقالات مجد الوطن

هتان مخملي على بيش

 

محمد الرياني

 

ما أسعدني والقمر يعلوني عن يميني !

سريتُ نحو بيش والقمر يعلوني بدرًا يشق الفضاء بإطلالته ، تمنيتُ لو كنتُ منه أقرب حتى أهبط على الفاتنة بيش من علو ، ولكن قمرًا آخر كان ينتظرني وأنتظره ، وكلما قطعتُ مسافة بقي القمر مكانه وكأنه يريد لليلةِ أن تخلد إلى الجمال فتخلد ذاكرة الشعر ، وصلتُ إلى مخمل ذلك المكان الأنيق حيث الهتان القادم بلا ضجيج أو بريق ، في المدخل المخملي أدركتُ أن أهل بيش يختارون الأماكن بعناية مثل خضرتهم السرمدية التي تختار الضفافَ بعناية كي تأخذ الأنفاس من شذاها الأريج المعطر ، صعدتُ إلى حيث تفوح رائعة الشعر ، حضر علي هتان كعادته شاعرًا بالفطرة ، ماطرًا مثل هتان شفيف ، ألقى مفرداته كحبات المطر ، اختلط بعضها ببعض البرد ، شعرنا مجتمعين أن الهتان مخملي مثل روعةِ المكان تمامًا ، مضتْ ساعة كاملة مع الشاعر المدهش وهو يصنع فنَّ الدهشة مع فنِّ الشعر الأصيل غير المصطنع ، لامكان للحديث أو المجاملة ؛ ولا مجال للمدح فالهتان يتجاوز مستوى المدح ، انقضى الوقت ، اجتمع في بيش حسنياتُ المساء الأسطوري : علي هتان الشاعر الفذ ومهدلي عارجي المحاور والشاعر الأنيق الخلوق وسيد الشعر محمد النعمي وسيد البشاشة إبراهيم النعمي ومعهم الإعلامي المتوهج صالح الجوحلي وصاحب البيان يحيى الحسن مفرح وشاعر الحياة والجمال مجدي الشافعي وكوكبة من مثقفي ومثقفات موطن السعادة بيش وماجاورها ، في مخمل وجدنا الشريك الأدبي الحقيقي والوجه المشرق للأدب القادم .

كانت ليلة فاتنة بحق ؛ اجتمع فيها قمر في السماء وقمر على الأرض وأقمار حضرت لتطلَّ على الشعر الحقيقي من منابعه وهو يتضوع كأنفاس الصباح والمساء والناس تحت جناحيهما يستمتعون كما في الربيع .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى