الأحساء
زهير بن جمعة الغزال
يتوقع علماء الفلك أن يشهد العالم زخة شديدة من الشهب لفترة قصيرة ليلة الخميس على الجمعة 21-22 نوفمبر 2019م. وتسمى زخة الشهب هذه ألفا وحيدات القرن، نسبة إلى المجموعة النجمية المسماة وحيد القرن، وسميت الزخة كذلك بسبب أن شهب هذه الزخة تبدو وكأنها منطلقة من نقطة وهمية تقع في مجموعة وحيد القرن، وبالقرب من النجمة اللامعة الشعري الغميصاء. ومن المتوقع أن تكون مدة زخة الشهب هذه قصيرة جدا حيث تتراوح ما بين 15 إلى 45 دقيقة فقط وذلك ابتداء من الساعة 04:15 فجرا بتوقيت غرينتش من يوم الجمعة 22 نوفمبر، حيث أن موعد الذروة المتوقع هو في الساعة 04:50 فجرا بتوقيت غرينتش. ومن غير المستبعد رؤية ما يعادل 100 إلى 1000 شهاب في الساعة خلال هذه الفترة.
وحيث أن زخات الشهب تحدث كل سنة في نفس الموعد ولكن بتفاوت بعدد شهبها، وبعد تتبع العلماء لنشاط هذه الزخة خلال السنوات الماضية لوحظ أن هذه الزخة شهدت نشاطا كبيرا بعدد الشهب عام 1925 و 1935 حيث بلغ عدد الشهب حينها 1000 شهاب في الساعة، كما شهدت الأعوام 1985 و 1995 نشاطا ملحوظا بلغ ما بين 400 و 700 شهاب في الساعة. وعلى الرغم من أن المصدر المسبب لهذه الشهب غير معروف، إلا أنه يعزى إلى مذنب طويل المدة يدور حول الشمس مرة كل 500 عام.
وفيما يتعلق بالمناطق الأفضل لرؤية العاصفة المحتملة، فهي المناطق التي يكون الوقت عندها ليلا في الساعة 04:50 فجرا بتوقيت غرينتش، وهذا يجعل مناطق غرب الجزائر والمغرب وموريتانيا وغرب أوروبا وشرق القارتين الأمريكيتين هي الأفضل على مستوى العالم، ثم يليها وسط وجنوب القارتين الأمريكيتين. أما في شرق ووسط العالم العربي، فإن الزخة المتوقعة ستحدث نهارا، مما يمنع رؤية الشهب حينها إلا إن تم الرصد باستخدام الرصد الراديوي، وهو متاح من قبل بعض الفلكيين في العالم العربي.
فعلى المهتمين برؤية هذه الشهب الرصد من مكان مظلم والنظر إلى السماء قبيل فجر يوم الجمعة، وفي العادة يزداد عدد الشهب وقت الذروة ويزداد أيضا كلما اقتربنا من موعد الفجر، وبالتالي فإن أفضل المناطق لرؤية زخة الشهب هي تلك المناطق التي تحدث فيها الذروة وقت الفجر حسب توقيتها المحلي.
والشهب عبارة عن حبيبات ترابية تدخل الغلاف الجوي الأرضي، فتنصهر وتتبخر نتيجة لاحتكاكها معه وتؤين جزء منه، ونتيجة لذلك نراها على شكل خط مضيء يتحرك بسرعة في السماء لمدة ثوان أو جزء من الثانية. ومن النادر أن يزيد قطر الشهاب عن قطر حبة التراب، حيث يتراوح قطر الشهاب ما بين 1 ملم إلى 1 سم فقط. وتبلغ سرعة الشهاب لدى دخوله الغلاف الجوي ما بين 11 إلى 72 كم في الثانية الواحدة. ويبدأ الشهاب بالظهور على ارتفاع 100 كم تقريبا عن سطح الأرض، ويبلغ عدد الشهب التي تسقط على الأرض بحوالي 100 مليون يوميا، معظمها لا يرى بالعين المجردة.
وبشكل عام تنقسم الشهب إلى نوعين، النوع الأول هو الشهب الفردية وهي تظهر بشكل عشوائي لا يمكن التنبؤ به مسبقا، ويترواح عددها ما بين 2 إلى 16 شهاب في الساعة، والنوع الثاني يسمى الزخة الشهابية، وهي تحدث كل عام في نفس الموعد تقريبا، وذلك عندما تدخل الأرض الحزام الغباري لأحد المذنبات. وبعض الزخات الشهابية ضعيفة يبلغ عدد شهبها 5 شهب فقط في الساعة، وبعضها نشيط قد يصل إلى 100 أو 200 شهاب في الساعة، وفي أحيان نادرة قد تصل إلى مستوى عاصفة شهابية وذلك إن زاد عدد شهبها عن 1000 شهاب في الساعة، وكانت آخر عاصفة شهابية شهدتها الأرض يوم 18 نوفمبر 1999م.
غالبا ما يميل لون الشهاب إلى الأصفر. و يعتبر لون الشهاب مؤشرا لمكوناته: فذرات الصوديوم تعطي للشهاب اللون البرتقالي – الأصفر، والحديد يعطي اللون الأصفر، والمغنيسيوم يعطي اللون الأزرق المخضر، والكالسيوم يضفي اللون البنفسجي بعض الشيء، والسيليكون يعطي اللون الأحمر. وبشكل عام، فإن الشهب لا تصدر أصواتا، إلا أنه قد يسمع للشهاب اللامع (الكرة النارية) صوتا أحيانا يشبه الهسيس، و يعتقد أن هذا الصوت ناتج عن أمواج راديوية ذات ترددات منخفضة، وفي أحيان نادرة قد يصدر الشهاب صوتا يشبه صوت الطائرة لدى اختراقها حاجز الصوت. وقد يترك الشهاب خلفه ذيلا دخانيا، غالبا ما يميل لونه إلى الأخضر بسبب ذرات الأكسجين، وعادة ما يدوم الذيل الدخاني من 1 – 10 ثواني، وقد يدوم من 1 – 30 دقيقة أحيانا.
هذا ولا تشكل الشهب أي خطر على سطح الأرض إطلاقا حتى و إن كانت على شكل عاصفة، فجميع الشهب تتلاشى قبل وصولها إلى سطح الأرض، إلا أن هناك خطرا حقيقيا قد تشكله الحبيبات الترابية على الأقمار الصناعية التي تدور حول الأرض، و التي يبلغ عددها حوالي 500 قمر صناعي عامل. حيث قد تصل سرعة الشهاب إلى 72 كم في الثانية الواحدة (200 ضعف سرعة الصوت). و اصطدام جسيم بهذه السرعة قطره أقل من قطر شعرة الإنسان بإمكانه تكوين شرارة كهربائية كفيلة بأن تعطل أجهزة القمر الصناعي الحساسة، وبالتالي إيقافه عن العمل. فعلى سبيل المثال تعطل قمر الاتصالات أولومبوس أثناء زخة شهب البرشاويات عام 1993 بسبب اصطدامه مع إحدى الحبيبات الترابية.