الأحساء
زهير بن جمعة الغزال
أقامت منصة إعلاميي الاحساء، حلقة نقاشية أسبوعية جديدة، بعنوان ( دور الإعلام في احياء التراث السعودي ) قدمها الدكتور فهد الحسين، الأكاديمي بجامعة الملك سعود ووكيل كلية السياحة والآثار للتطوير والجودة سابقاً، ومستشار هيئة السياحة والتراث الوطني سابقاً، والمتخصص في تراث الجزيرة العربية وعمارتها، وشارك بها لفيف من الإعلاميين أعضاء المنصة، وتناقشوا حول دور الإعلام في التعريف بالتراث السعودي لعموم الجماهير السعودية والعربية والعالمية لا سيما الأجيال الجديدة، وعن كيفية الترويج للمناطق السياحية ونشر الثقافة السعودية.
وقال الدكتور فهد الحسين، أن الطرح الإعلامي للتراث السعودي في الوقت الحالي ضعيف للغاية، نظراً لعدم وجود رؤية واضحة لدى الجهات المعنية بالتراث بالمملكة، إلا أنه أشار إلى أن في الفترة المقبلة سوف تحدث نقلة نوعية بضم التراث لوزارة الثقافة، لأنها جهة لديها طموح عالي، تريد استقطاب الجميع، والاستفادة من الخبرات والجهود، وسيكون بالتأكيد للإعلام اليد العليا في ذلك، وحين يتم وضع خطة إعلامية شاملة للتراث سوف يقوم الإعلام بأفضل دور لإحياء التراث، والاستثمار فيه لخدمة الحاضر والمستقبل.
وذكر، أن الإعلام السعودي في الوقت الحالي يعتمد على مادة الخبر وينصب اهتمامه عن التراث ليدور حول اكتشاف موقع أثري مهم، أو خبر البدء في أعمال الحفر والتنقيب، ولا يتناول قضايا تحسين عمليات إدارة التراث، وتقنيات العرض، وأساليب الترميم والمعالجات التي تلحق الضرر بالتراث، ولا يناقش عمليات الاتجار غير المشروع بالتراث، ولا يناقش قضايا تزوير وتزييف التراث ومسألة تطوير طرق التعامل مع التراث في ظل التطور الذي تتبناه المملكة في رؤية السعودية ٢٠٣٠.
واضاف، أن المملكة لديها تراث كبير يمكنها أن تتباهى به أمام العالم ومن الواجب أن تسلط الأضواء عليه بالشكل المطلوب وبطريقة علمية صحيحة وممنهجة ومدعمة ببرامج تدريبية وورش عمل ومبنية على يد نخبة من الخبراء المتخصصين الذين يستطيعون وضع الهوية الثقافية السعودية على خريطة العالم السياحية.
واشار، إلى أن هناك العديد من المناطق السعودية بها ثراء واسع، وغنية من حيث وفرة التراث وتقادمه، ووفقاً لتقرير الخبراء الدوليين الذين وضعوا أول خطة استراتيجية لهيئة السياحة والآثار، جاءت ست مناطق، هي الأبرز من حيث الوفرة والتقادم، وهي منطقة المدينة المنورة، ومنطقة نجران، ومنطقة عسير، والمنطقة الشرقية، ومنطقة الجوف، ومنطقة حائل، ومن المؤكد أن لكل منطقة مخزونها التراثي الذي لم يستكشف حتى الآن، ومنها على سبيل المثال، المنطقة الشرقية، التي تضم مواقع أثرية مهمة كثيرة، ويرى علماء الآثار أنها تختزن أدلة تجيب عن أسئلة كبرى، حول بدايات الاستيطان البشري القديم، ونشأة القرى الحضارية، وأدلة ظهور الزراعة في واحات الجزيرة العربية، وأصول توطين أنواع من النبات الزراعية، وبدايات ظهور التخصص الحرفي، ونمو الصناعات التقليدية، والتحول للتجارة الدولية، وغيرها.
ونوه، إلى أن أهم نقطة للحافظ على التراث السعودي، هي التعاون بين كل الجهات وتحول فكرة الحفاظ على التراث الوطني إلى جزء من المنظومة الثقافية والسلوك الاجتماعي العام، وهذا الفكر لن يتحقق إلا من خلال سلسلة برامج تتكامل مع بعضها البعض، لعل أهمها البرامج والأنشطة التعليمية وتحفيز رجال الأعمال للاستثمار الرشيد في التراث، وبناء شراكة مجتمعية غير ربحية لتنفيذ مشاريع للحفاظ على التراث.
وقال، أن هناك تجارب دولية مهمة يمكن الاستفادة منها للتطوير ووضع خطة يمكن من خلالها بناء ثقافة ابداعية تحفز الجميع وتشركهم في عملية الحفاظ على التراث الوطني السعودي، كما أن توجه رجال الأعمال لتبني تأسيس مراكز أبحاث ودورات علمية سيثري بالطبع عملية الحفاظ على التراث وإنمائه.
وتحدث الدكتور فهد، عن الالتباس والتداخل بين المفاهيم ودلالات مصطلحات آثار، وتراث، وموروث شعبي، وهو التباس ناشئ لاعتبارات جدة تخصص إدارة موارد التراث، والذي تعد المملكة العربية السعودية أول من أدخلته في برامجها الأكاديمية على مستوى العالم العربي.
وقال، إن هناك اتفاق دولي على أن (التراث)، هو مصطلح شامل لكل ما ورثه الإنسان عن الماضي، ويدخل تحت هذا المصطلح كل ما هو مصنف كآثار، أو موروث شعبي، وينقسم التراث وفقاً لمنظمة اليونسكو إلى نوعين رئيسين هما التراث الطبيعي والذي يشمل الأرض وما احتوته من معالم جغرافية وجيولوجية وكائنات حية (نباتات وحيوانات) والتراث الثقافي والذي يشمل كل ما خلفه لنا إنسان الماضي، من عناصر مادية، أو معنوية، ويدخل تحت هذا النوع من التراث كل ما أنتجه الإنسان أو عدل عليه، مثل المباني والقطع الأثرية، بالإضافة إلى القيم والعادات والتقاليد الإنسانية.
أما عن مصطلح (الآثار) فقال إنه يقصد به المواقع والمخلفات الأثرية التي تعود إلى ما قبل ٢٥٠-٣٠٠ سنة، وتدخل الآثار تحت مظلة التراث، فعلى سبيل المثال موقع مدائن صالح الأثري، يسمى موقعاً تراثياً، باعتبار أن آثار المقابر الحجرية، والمنشآت المحفورة في الجبال والنقوش الكتابية وغيرها تعد جزءاً من المكون الموروث لمعالم الموقع الأثري، إضافة إلى أشكال الأرض والجبال والبيئة الطبيعية المكونة له.
أما عن مصطلح الموروث الشعبي أو التراث الشعبي فهناك التباس أيضاً عند عامة الناس، وقال الدكتور فهد، أنه يقصد به الأعمال التي يمارسها الناس أو الشعب، منذ قديم الأزل حتى اليوم، ويندرج تحت هذا النوع مختلف أشكال الموروثات والممارسة البشرية الحية، والتي استمدت مادتها عن أصل قديم، وتشمل اللغة واللهجات، والمعارف، والعادات والتقاليد، وجميع أشكال الفنون القولية أو الأدائية، والحرف والصناعات التقليدية.