أخبار عربية وعالمية

حصاد الفلك والفضاء 2019

 

الأحساء
زهير بن جمعة الغزال

أوضح ذلك المهندس ماجد ابو زاهرة
شهد علم الفلك واستكشاف الفضاء في العام 2019 العديد من الأحداث والقصص المتنوعة والشيقة ولكن أكبر قصة هي نشر أول صورة لثقب أسود .

إن معظم الإنجازات التي تحققت هذه السنه زرعت بذورها منذ فترة طويلة، فأكثر من 10 سنوات من التخطيط سبقت الصورة الأولى للثقب الاسود، إضافة لحوالي 30 عاما من الهندسة لمهمة المسبار نيوهورايزنز، وربما سافر أحدث زائر من بين النجوم مليون سنة قبل اكتشافه في داخل نظامنا الشمسي.

وبالمثل، جرى العمل هذا العام لاكتشافات المستقبل، حيث جرى وضع بيانات كاشفات موجات الثقالية (ليغو) و (فيرغو) على الإنترنت منذ أبريل 2019 ، وقد سجلت عشرات موجات الثقالية المحتملة، ويتوقع أن نرى قائمة من عمليات الاندماج المؤكدة التي تم اكتشافها خلال النصف الأول من أبريل 2020.

كما تم البدء في المراحل الأولى من التخطيط لمهمة تلسكوب جيمس ويب الفضائي والذي من المقرر إطلاقه في عام 2021، وتوجد أربعة مفاهيم تستهدف كل منها جزءًا مختلفًا من الطيف الكهرومغناطيسي، والقرار النهائي متوقع في أوائل عام 2021.

وأعلنت ناسا أيضًا عن مهمتين جديدتين ، الاولى المسبار المتجول ” فايبر” للهبوط على سطح القمر بحلول أواخر عام 2022 ، وسترسل بعثة ” دراغون فلاي” عبارة عن طائرة استطلاع بدون طيار لاستكشاف قمر زحل ” تيتان” في عام 2034.

في غضون ذلك ، ومع اقتراب عام 2019 من نهايته ، نلقي نظرة على بعض من أكبر الاحداث الفلكية لهذا العام.

1. صورة “ظل” الثقب الأسود
في شهر أبريل الماضي ، كشف علماء الفلك عن الصورة الظليه الأولى للثقب الأسود ، حيث تظهر الصورة ثقب اسود محاط بغاز ساخن في الانبعاث الراديوي. تبلغ الصورة الظلية 40 ميكرو ثانية فقط – أي ما يقرب من حجم صورة مصغرة تظهر على بعد 40,000 ميل، ولإنجاز هذا العمل الفذ استغرقت سنوات من التخطيط والتنسيق بين التلسكوبات الراديوية المنتشرة في جميع أنحاء العالم.

فقد استخدم العلماء رموز الكمبيوتر وشهور من التحليل لبناء صورة الثقب الأسود الهائل في وسط المجرة M87. في الصورة يشير المركز المظلم إلى المكان الذي يغرق فيه الضوء خلف أفق الحدث ، ولا يعود أبدًا ؛ وشكل الهلال هو من الضوء والغاز الساخن المندفع نحو الخارج.

2. أول رائد فضاء إماراتي
نجح مركز محمد بن راشد للفضاء بإرسال أول رائد فضاء عربي إلى محطة الفضاء الدولية في 25 سبتمبر ضمن بعثة الفضاء الروسية والتي حملت الإماراتي هزاع المنصوري على متن المركبة ” سويوز ام اس 15 ” ليعود بعد 8 أيام على متن المركبة ” سويوز ام اس 12 ” حيث انتظرت الإمارات عودة هزاع المنصوري بفارغ الصبر ، وعاد مكللا بالنجاح في 3 اكتوبر بعد إتمام مهمته.

3. نيوهورايزونز يحلق قرب “أراكوث”
في الأول من يناير ، حلق المسبار (نيوهورايزونز) التابع لوكالة ناسا بالقرب من أكثر الأجسام البعيدة التي تمت زيارتها في النظام الشمسي ، وهو جسم ضمن حزام كايبر كان يسمى سابقا (486958) 2014 MU69 والمعروف الآن رسميًا باسم “أراكوث”.

وقد كانت الصور لذلك الجسم مذهلة وغير متوقعة ، حيث ظهر على شكل “رجل الثلج” مظلم محمر ، ولكن تبين أنه ليس على شكل ثلج على الإطلاق.

تسلط البيانات التي لا تزال تستقبل من المسبار نيوهورايزنز الضوء على كيفية تكوين الكواكب في النظام الشمسي المبكر.

4. عبور عطارد
استمتع الراصدون في السعودية والوطن العربي في 11 نوفمبر برؤية عطارد يتحرك مباشرة بين الارض والشمس وشوهد من خلال التلسكوبات المزودة بفلتر شمسي حيث ظهر الكوكب كنقطة دائرية سوداء تتحرك بهدوء امام وجه الشمس، وهذا الحدث النادر جدا يحدث مرة فقط كل بضعة سنوات ، حيث سيكون العبور التالي لعطارد في العام 2039.

5. محاولات الهبوط على القمر
حاولت ثلاث دول الهبوط على أقرب جار سماوي لنا هذا العام ، حيث حققت الصين الهبوط الأول والوحيد الناجح هذه السنه عندما هبطت المركبة ” تشانغ إي 4″ و مسبارها المتجول في يناير، وكليهما لا يزالان يستكشفان فوهة “كارمان فو ” على الجانب الآخر من القمر.

وكانت هناك محاولتان أخريان للهبوط احداهما مهمة “بيرشيت” الإسرائيلية وهي أول بعثة ممولة من القطاع الخاص إلى القمر ، ولكنها تعرضت لمشكلة في محرك الهبوط الرئيسي قبل الاصطدام على حافة منطقة ” بحر السكون” في 11 أبريل.

من ناحية اخرى تعرضت مهمة “تشاندرايان 2″ الهندية والتي تضم مركبة هبوط تسمى ” فيكرام” والمسبار المتجول “براغيان” الى خلل في نظام التشغيل اثناء مرحلة الهبوط قبل أن تصطدم بعيدًا عن هدف الهبوط المقصود بالقرب من القطب الجنوبي للقمر، ولكن لا تزال المركبة “تشاندرايان 2″ في مدار القمر وتعمل على رسم خريطة لسطحه.

6. الزائر الثاني من بين النجوم
عندما اكتشف علماء الفلك الجسم الفضائي” أوموموا” العام الماضي 2018 ، كنا نظن أنه من المفارقات أننا اكتشفنا زائرًا قادمًا من خارج المجموعة الشمسية، ولكن تم اكتشاف الجسم الثاني ( بوريسوف) بعد سنة واحدة فقط!

فبينما تحدى ” أوموموا ” فهمنا لأصل هذه الأجسام ، فإن المذنب (2I / بوريسوف) التقاء مع توقعاتنا، من حيث حجمه وتكوينه ومع ما رأيناه في مذنبات النظام الشمسي لفترة طويلة، وسوف تستمر مراقبة المذنب (2I / بوريسوف) حتى أوائل عام 2020.

7. رحلات إلى الكويكبات
صنعت المركبة الفضائية (هايابوسا 2) اليابانية التاريخ عندما هبطت – مرتين! – لجمع عينات من الكويكب (ريوغو). والآن ، يتم توجيه (هايابوسا 2) في طريقة العودة ، ومن المقرر أن تحلق قرب الارض في ديسمبر 2020 ، عندها ستقوم بإخراج كبسولة جمع العينات وقذفها باتجاه الارض وهبوطها في الصحراء الأسترالية.

وفي الوقت نفسه ، لا تزال مهمة المسبار (اوسايريس ريكس) التابعة وكالة ناسا تدور حول الكويكب (بينو)، وقد كشفت عن تضاريس وعرة غير متوقعة جعل من الصعب اختيار موقع لأخذ عينه من على سطح الكويكب، وفي ديسمبر 2019 ، أعلنت وكالة ناسا أنها اختارت موقع يسمى “نايتنجيل” لجمع عينات “ويتوقع أن يحدث ذلك في منتصف عام 2020.

8. لمس الشمس
في شهر ديسمبر ، جاءت النتائج الأولى من مهمة المسبار ” باركر” التابع لوكالة ناسا الذي أكمل ثلاثة مدارات من 24 مخطط لها والتي ستأخذه بالقرب من الشمس بشكل تدريجي. لقد قام باركر بالفعل بملامسة الغلاف الجوي الخارجي للشمس وهو يتحرك على مسافة 24 مليون كيلومتر (15 مليون ميل) من السطح المرئي ” الفوتوسفير”.

ومن بين النتائج الأولى الأخرى ، أعلن عن اكتشاف “موجات مارقة” في الرياح الشمسية ، والتي تسرع الجزيئات بأكثر من 300,000 ميل في الساعة في غضون ثوانٍ، ترافقها انعكاسات في المجال المغنطيسي وهي عملية تسمى ” التبديل” والتي يعتقد أنها قد تكون السبب في تسخين الغلاف الجوي الخارجي للشمس.

9. ستارلينك والنجوم
ربما كان التطور الأكثر إثارة للجدل هذا العام هو الإطلاق المتعدد لأقمار (ستار لينك) بواسطة شركة (سبيس اكس) بهدف انشاء شبكة إنترنت عالمية ذات النطاق العريض (بمقابل مالي)، إلا أن سطوع الدفعة الأولى في قبة السماء والتي أطلقت في مايو قد أثارت جدلاً ما زال مستمراً بين علماء الفلك.

فقطار الأقمار الصناعية – الذي يظهر عندما لا تزال أقمار (ستار لينك) في مدارات منخفضة وتتجمع مع بعضها البعض في السماء – هو مشهد رائع في الأفق ولكنه يسبب مشاكل عند رصد أعماق الفضاء، وحتى عندما تصعد الأقمار الصناعية إلى مدراتها المقررة، فإنها لا تزال مشرقة، ومع الموافقة على إطلاق حوالي 12,000 من قِبل لجنة الاتصالات الفيدرالية الأمريكية ، فهي بذلك كثيرة بشكل مثير للصدمة، وقد شهد هذا العام وحده إطلاق 120 قمرا صناعيا ، مع إطلاق آخر في نهاية ديسمبر.

10. وداعا ابروتينيتي
من المعروف أن عاصفة ترابية اجتاحت كوكب المريخ في العام 2018 وتسببت في تغطية الألواح الشمسية للمسبار المتجول (ابروتينيتي)، ولعدة أشهر عمل المهندسون لاستعادة المسبار المتجول ولكن دون جدوى، ولذلك أعلنت وكالة ناسا رسميًا عن انتهاء مهمة (ابروتينيتي) في فبراير.

لقد صُممت مهمة المسبار المتجول ( ابروتينتي) لمدة 90 يومًا ، وبدلاً من ذلك استمرت حوالي 15 عامًا ، قطعت خلالها حوالي 45.16 كيلومترًا (28.06 ميلًا) ، وغيرت فهمنا لماضي الكوكب الاحمر الرطب والدافئ.

11. جائزة نوبل لعلم الفلك
ليس كل عام يتلقى فيه علماء الفلك جائزة نوبل في الفيزياء حيق كانت آخر مرة في عام 2017 وقبل ذلك عام 2011. وفي هذه السنة ، ذهبت الجائزة إلى (جيمس بيبلز) و (ميشيل مايور) و (ديدييه كويلوز) لاكتشافات متباينة توفر وجهات نظر جديدة في مكاننا في الكون: تم تكريم (بيبلز) لعمله النظري في علم الكونيات ، في حين حصل (مايور) و (كويلوز) على الجائزة لأرصادهما لكوكب حول نجم يشبه الشمس.

12. بقعة المشتري العظيمة
ربما كان أكبر حدث سجلته تلسكوبات الراصدين هذا العام هو انفصال غيوم من بقعة المشتري الحمراء العظيمة، حيث شوهدت غيوم حمراء زاهية وخالية من الميثان تخرج من الطرف الغربي ثم الطرف الشرقي من البقعة الحمراء العظيمة، حيث يبدو أن الحزام الاستوائي الجنوبي يسحب المواد من العاصفة العظيمة ، مما يخلق جسرًا مضطربًا بينهما.

إن مثل هذه الأحداث غير معروفة سابقا ، ولم تحدث إلا نادراً ؛ خلال السنوات القليلة الماضية ، ولا يزال من غير الواضح كيف ترتبط هذه الأحداث بالحجم المتناقص في البقعة الحمراء العظيمة.

13. الشمس تسجل رقم قياسي جديد
خلال هذه السنه أصبحت مرحلة الحد الأدنى من الدورة الشمسية عميقة جدا وقد كسرت الرقم القياسي بدون وجود بقع شمسية على سطحها متجاوزة بذلك الرقم القياسي السابق المسجل في عصر الفضاء عام 2008 ضمن فترة الحد الأدنى لنشاط الشمس 2009 – 2008 ، والتي كانت في السابق ألاعمق في عصر الفضاء، ولكن الآن إنتقل العام 2019 إلى المركز الأول.

إضافة لذلك زادت كثافة الأشعة الكونية، حيث يسمح المجال المغناطيسي الضعيف للشمس بمزيد من الجزيئات القادمة من الفضاء السحيق بالدخول إلى نظامنا الشمسي مما يعزز مستويات الإشعاع في أعلى الغلاف الجوي للأرض، وهذا يحدث الآن حيث بلغت أعلى إرتفاع خلال 5 سنوات.

14. عرض “غايا” الجديد
في عام 2018 ، أصدرت بعثة القمر الصناعي (غايا) التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية أحدث فهرس لها ، ورسمت المسافات لأكثر من مليار نجم درب التبانة. والآن ، هذه البيانات تؤتي ثمارها بأعداد كبيرة، فلدى علماء الفلك تقدير جديد أكثر دقة لكتلة درب التبانة: حيث انها تعادل 1.5 تريليون شمس.

إضافة لذلك لدى العلماء الان أيضًا جدول زمني جديد لالتقاء مجرتنا مع مجرة أندروميدا (المرأة المسلسلة) ، فالموعد تأخر من 3.9 مليار سنة من الآن إلى 4.5 مليار سنة، واتضح أن الحدث سيكون مرور سريع أكثر منه تصادمًا وجهاً لوجه.

تستخدم العديد من الدراسات أيضًا بيانات “غايا” للتعرف على ماضي مجرتنا ، وحتى استكشاف محيطها و قد تبدو هذه الدراسات صغيرة ، ولكنها تعمل معًا على تغيير فهمنا لمجرتنا درب التبانة.

15. كسوف الشمس الحلقي
كانت خاتمة الاحداث الفلكية هذه السنه كسوف حلقي نادر جدا شوهدت مع بداية شروق الشمس في السعودية حيث تجمع الالاف من المهتمين في منطقة جبل الأربع بمدينة الهفوف بمحافظة الأحساء احد افضل الموقع لرؤية الظاهرة وتوثيقها بالصور الى جانب بعض دول الخليج العربي، وبعد ذلك تحرك الكسوف شرقا نحو جنوب الهند وشمال سيرلانكا وأجزاء من المحيط الهندي واندونيسيا قبل أن ينتهي مع غروب الشمس في المحيط الهادي.

وسوف يحدث كسوف حلقي اخر مشاهد في اقصى جنوب السعودية واليمن وسلطنه عمان في حين سيشاهد جزئيا في دول الخليج العربي ومعظم الدول العربية في 21 يونيو 2020.

لقد تميزت سنة 2019 بمجموعة واسعة من الاحداث الفلكية والبعثات الفضائية وسنكون على موعد متجدد في العام 2020 لاستكشاف الكون من حولنا وتحسين المعرفة البشرية من اجل مستقبل افضل .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى