كتبها – مبارك الدوسري
في الثاني والعشرين من شهر مايو عام 2016 م ، أستلقى الشاب العشريني الوليد خالد السٌعيد ، على أريكة فوق سطح المنزل بعد أن أتجه كل فرد من أفراد أسرته الى داره ليخلد للنوم ، فيما أخذ الوليد يُحدث نفسه عن كيف يشغل فراغه بعد ان ينتهي من واجباته الجامعية في كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية ، ومن ثم أخذ ينظر الى ضوء القمر وهو يدور وسط قبة السماء ، وينظر إلى أنوار أعمدة الشوارع وهي تتسلل الى اسطح المنازل والأبنية المتجاورة ، ومن ثم عاد يفكر في موضوعه الأول ، حتى أحس بالنعاس فتوضأ واتجه الى فراشه ولازال يفكر في نفس الموضوع حتى غلبه النوم .
أتجه الوليد في صباح اليوم التالي الى كليته بجامعة الإمام محمد بن سعود الاسلامية بالعاصمة السعودية الرياض ، وكأن القدر يسوقه الى لوحات الاعلانات في بهو الكلية ، حيث وجد إعلاناً يدعو للتسجيل في عشائر الجوالة بالجامعة ، ومن غير تفكير قال : جوالة الجامعة هي من سيشغل فراغي خاصة وأن برامجها كما جاء في الاعلان تشبع احتياجاتي ومنها خدمة الآخرين .
دخل الوليد على الموقع الالكتروني لعشائر الجوالة ، وفتح ايقونة التسجيل ، وسجل اسمه ومعلوماته المطلوبة ، وكان ذلك يوم الاثنين ، وفي نهاية الاسبوع وصلته رسالة على هاتفه المحمول تبلغه بقبوله عضواً في جوالة الجامعة ، وعليه الحضور يوم الأحد القادم لمعسكر الجامعة الكشفي بمبناها الرئيس .
حضر الوليد اجتماع زملائه وكانت أوائل التباشير عن رغبتهم المشاركة في خدمة المعتمرين في المسجد الحرام بمكة المكرمة خلال شهر رمضان ، أي بعد ثمانية أيام من اليوم ، وأن الفرصة ستكون متاحة لمن يجتاز العديد من المتطلبات ومنها حضور واجتياز دورة في الهلال الاحمر وفي الدفاع المدني ، وفي اساليب وطرق التعامل مع الآخرين .
استطاع الوليد أن يجتازها جميعاً ، وعلى ذلك نال شرف المشاركة في خدمة المعتمرين وكانت الفرصة التي حققت حلمه خاصة الاهتمام بشؤون الآخرين وحاجتهم أيضاً ،وتغيير نمط الحياة العاديّة للفرد ، والفخر بما قدم عندما يراجع إنجازاته التطوعيّة بينه وبين نفسه.
عاد الوليد في منتصف شهر رمضان الى الرياض بعد انتهاء فترة عمل عشيرته ، دخل المنزل فوجد اباه وفي يده اليمنى مسبحة صفراء تتساقط حباتها بالتسبيحات .
أكمل الوليد الشهر المبارك مع اسرته التي وجدت تغيراً في حياته ومنها مشاركة العائلة اليوميات والمناسبات ، وتحسن مهاراته الكلامية والتواصل مع الآخرين ، والتكيف والتعامل مع الآخرين ، وبناء شبكة علاقات مميزة وجسور تواصل أستفاد منها هو شخصياً .
بعد تلك المشاركة الناجحة للوليد في خدمة المعتمرين استمر بالمشاركة في تلك المناسبة كل رمضان بالإضافة الى المشاركة في خدمة الحجاج ، واليوم هو أحد أبطال الكشافة السعودية المشاركة في الحد من تداعيات وآثار جائحة فيروس كورونا المستجد، حيث يذهب صباح كل يوم الى أحد الأسواق المركزية ضمن إحدى الفرق التطوعية لجمعية الكشافة العربية السعودية المشاركة في الحد من تلك الجائحة .
اليوم الوليد وهو يتخرج من الجامعة ، يعترف أن الكشفية غيرت الكثير في حياته ، وحققت له الكثير من طموحاته ، وآمال والديه الذين كانوا حريصين أن يكون فرداً نافعاً لنفسه ولوطنه وأمته ، ملتزماً بقيم دينه ، محافظاً على عادات وتقاليد مجتمعه ، يعرف قيمة الوقت واهمية النظام والانضباط .