مقالات مجد الوطن

أربعة

 

محمد الرياني

القريةُ التي تتثاءب في الصباح يسرقونها مع فتح الأفواه ، لطالما ظل يردد هذه العبارة ويعاتب الذين سبقوه لأنهم كانوا يغطّون أجسادهم من البرد ، فكلما رفعوا عن وجوههم الأغطية ليروا الشمس أعيدت عليهم حتى تدب الحرارة في عراقيبهم التي خرجت من تحت اللحف ، آخر الأبناء تمرد على اللحاف بعدما كثر المحتالون، سأل عن الأرض فأشاروا عليه أن يتغطى ولايسأل، استمع إلى النصيحة واقتنع بها ثم طرد التمرد، بات مرة ينام من البرد في الداخل ومرات يخرج لنسيم الليل حتى إذا مابرد الجو اختفى داخل غطائه ، الغرباء كتبوا آخر وثيقة على أرض القرية قبل أن يصلوا إليه، ثم وزعوها على الصغير والكبير كي يشهدوا على قوتهم، بقي هذا النائم الذي سأل أباه عن أرض جدّه ، تسللوا إليه ليلًا، اشتروا منه وهو يعيش أحلامًا دافئة بعدما أزالوا الغطاء عن رأسه، وضعوا له ثمنًا بخسًا ثم وقّع لهم دون أن يشعر، عندما أيقظته الشمس سمع احتفالًا همجيًّا، وجد بجانبه مالًا يسيرًا ظن أنه من مال جده أو أبيه، ذهب إلى مكان الاحتفال، عرف أنه غُدر به وأنهم استولوا على أرضه، همس أحدُهم في أذنه بأنهم اشتروا الأرض التي عليها الاحتفال، رجع إلى سريره يولول من هول الفاجعة، ألقى بجسده على السرير ينتظر منتصف الليل ليدعو عليهم، نام من القهر الذي أصابه ، شعر وهو نائم بحركة مريبة حوله، حمله أربعةٌ مع سريره وهو يرفل في الدفء وألقوه بعيدا ، وجد نفسه بلا غطاء ، بقي يمدُّ رجليه ويعطفها في العراء .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى