مقالات مجد الوطن

صُوَر

 

محمد الرياني

أحبَّها بجنون لدرجة أن خيال صورتها يظهر له في كل مكان، يتعمد فتح صفحة الأفراح قبل الصفحات الأخرى ليرى منصات العرس، يرى الصور تلبس فستان الفرح سرعان ماتتضح الحقيقة أمامه، يمزق الصفحة تلو الصفحة كي لايرى الفرح، ينظر في المرآة كي يتخيل نفسه بجوارها فيكتشف الزيف الذي يعيشه، حتى الأواني التي تصطف في غرفة والدته يرى صورها مطبوعة داخل إطارها ، يشتهي الماء فيشرب حد الارتواء، يطلب المزيد منه كي يتكرر حضورها على الماء ، نصحته أمه أن يتجنب هذا الحب ، رمى النصيحة في الهواء لتتبعثر كالرماد، نام في النهار وقت القيلولة فرآها تلبس فستان الزواج، قام مذعورًا وهو يلوم نفسه على إغفاءة منتصف النهار، تعوذ من هذا الحلم وهو يقول لعلها من الأضغاث، تمنى أن يأتي الليل ليرى حلمًا آخر فيعبث بالأواني ابتهاجًا، ظل ينتظر الغروب وحضور الليل كي ينام في أوله ، تنفس الصعداء وهو يتثاءب قبل أوان نومه، نام وهو يفكر فيها كي يراها في الحلم، شاهدها ترتدي فستانًا وتجلس بجانب غيره، لم يصدق حلميْ النهار والليل ، جاء الصباح بخبر لم يسره ، طاف حول الأشياء ليتأكد من أنها قد تزوره في الخيال، ظهرت الأشياء في البيت على حقيقتها بلا أوهام ، هز بعضها ليرى شيئًا يعجبه فيذكره بها، حركها أكثر فلم ير خياله صورتها ، تراجع للخلف للهروب من وسواسه، اصطدم بأمه التي تسمرت خلفه لترى جنونه، صاحت فيه والجدران ترتعد من الصدى، فزع من الصوت نحو الصحون الدائرية، أغلقت عليه الباب كي لا يرى الهواء .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى