مقالات مجد الوطن

لحم نيّء

 

محمد الرياني

قالت له : لاتشترِ اللحم إلا من عند عبده الجزار، ظلَّ يردد عمي عبده….عمي عبده، لكنَّ محل عمي عبده دائمًا مزدحم، سأحاول لعلي أجد منفذًا إليه، في الطريق قابل أحد المشترين ، تمنى أن يعطيه المبلغ ويعطيه اللحم الذي في يديه، اكتفى بسؤاله هل تريد لحمًا؟ لم يقل له مانفسه، حثه على المبادرة فلم يبق إلا اليسير منه، وجد رجلين ضخمين يشتريان، نظر إلى جسده وجسدهما… سأل نفسه ! كيف يمكنني الوقوف بين كتفي هذين الضخمين، انتظرَ أن يتركا له شيئا، تبددت آماله بعد نزعِ بقية الخروف من حامل التعليق الحديدي ووضع اللحم في الميزان، نظر إليه أحدهما نظرة بعين حمراء وهو يسأله  : كأنك تريد لحما!! نادى على الجزار: ياعبده ياعبده: غدًا لاتنس هذا الصغير من اللحم، ظل يراقب القطط وهي تأخذ الشحم وتختبئ في غرفة مجاورة، وأحيانًا يرمي إليها ببعض العظم، فكر بحيلةِ الصغار أن يشتري مع جزار آخر، فهو لايبتعد كثيرا، رآه يقترب منه فناداه وهو يقول دعك من شحم وعظم عمك عبده، قطع له قطعة لحم حمراء ووزنها فإذا هي المطلوب، وضعها له في كيس بنّي وقال له : امش بسرعة حتى تلحق وقت الغداء؛ بينما عمه عبده يضرب بالسكين على طاولته الخشبية ويتمايل مع كل نقرة، أقبل نحو أمه فاستقبلته وهي تردد القسم :هذا ليس من لحم عبده، لاتحتل عليّ بالكيس الذي سرقته عليه، كرر لها القسم ، وضعتِ اللحم في التنور، حان موعد الغداء ولم تفعل معه النار شيئا ، التفتت إليه وقالت ضاحكة: جزاؤك أن أضعه للقطط وتأكل معها، ضحك وعينه على الحطب كي لايصيب رأسه عود يابس ، جاء الليل وهم ينتظرون استواء اللحم ، أقبل عليهم عبده الجزار ينادي، سمعه الصغير فهرب وترك لهم العشاء، أكلوا الخبز بلا لحم ومرق ، اختبأ حتى تنتهي القطط من التهام اللحم النيء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى