شعر وخواطر

ضيف السماء

 

ياعَدُوّاً تُشْعِلُ الأرْضَ لهيبا .
تُلْصِقُ الإجرامَ والقَوْلَ الْمَعيبا
في نبِيٍّ خصَّهُ الرحمنُ فرْداً
عن بني الإنسانِ تشريفاً وطِيبا

صيغَ من مِسْكٍ وريحانٍ ونورٍ
رضعَ الأخلاقَ والنُّبْلَ ربيبا
بشّرَ اللهُ بهِ الرُّسْلَ قروناً
زيّن َ السِّدْرَةَ والعرشَ المَهيبا

ونما في حضْرَ ةِ الرَّبِّ يتيماً
وبنا بالخُلُقِ السّامي شعوبا
جاءَ والدُّنْيا بنيرانٍ تلظّى
حيثُما تمْضي ترى كرباً عصيبا

ماجَتِ النّاسُ ببعضٍ في ضلالٍ
ملأوا الأرْضَ نِزاعاً وحروبا
فأتى النّاموسُ من ربٍّ رحيمٍ
فتحَ الآفاقَ والبابَ الرَّحيبا

نزل الوحْيُ السّماويُّ بإقرأ
علّمَ الإنسانَ واسْتَجْلى القلوبا
فاحَتِ الأنفاسُ من قلبٍ رقيقٍ
من فَمِ المُخْتارِ تجتازُ الدُّروبا

وتوالى الطُّهْرُ كالْبَلْسَمِ يشْفي
كُلَّ نفسٍ تشْتكي ضيقا وحوبا
عبْقَرِيٌّ جادلَ الكُفْرَ وأعْيا
سكبَ الإيمانَ في النّاسِ سكيبا

وتحدّى بِهُدى القُرآنِ قوماً
أعْجَزَ الفُصْحَ أديباً وخطيبا
حرّرَ الأرواحَ من جهْلٍ مُذِلٍّ
وتساوى الخلْقُ عُرْباً وجليبا

غيّبَ الأحْسابَ والعُصْبَةَ حتّى
أصبح الميزانُ بالتّقْوى وجوبا
هل عرفْتَ الآنَ من ساومْتَ فيهِ
أيّها المملوءُ فِسْقاً وعيوبا

إنّهُ مِصْباحُ ربّي إذْ تجلّى
فتّقَ الغيْهَبَ شرقاً وغروبا
إنّهُ المُخْتارُ من موْلَى السّماءِ
من أضاء الأرضَ قُنّاً وسهوبا

من دعاهُ اللهُ ضيفاً للتناجي
فرقى المِعْراجَ مُشتاقاً مُنيبا
عن يمينِ الرّبِّ في العرشِ تلألأ
عدَّهُ الرّحمن إكراماً لبيبا

خُذْ من الإعْجازِِ ياهذا دروساً
وانظُرِ الآياتِ والسّرَ العجيبا

جاءهُ الحيوانُ يشكو من ظروفٍ
مسحَ العبْرَة واسْتلَّ الندوبا
منعَ الجورَ على المأجورِ حتّى
أدْهَشَ العالَمَ بالعَدْلِ حقوبا

وأمالَ الجِذْعُ أغْصاناً بشوقٍ
وتدلّى والِهاً غضّاً طروبا
واستلانَ الجبلُ الشّامِخُ منهُ
حتّى كادَ الصّخْرُ شجواً أن يذوبا

أتُراكَ اليومَ قد أدركْتَ عدْلاً
أم تبقّى في شقوقِ الصّدْرِ ريْبا
أيّها الجاني خَسِرْتَ الحرْبَ فعْلاً
وبقيتَ اليومَ تسْتَفُّ الذّنوبا

مايزالُ الحالُ والأنفاس تسري
إنّها أسبقُ للريحِ هُبوبا
وأذانُ اللهِ في الآفاقِ يدعو
من أرادَ الخُلْدَ أحرى أن يُجيبا

لن تَصُدَّ الدّينَ بالغِرْبالِِ واعْلَمْ
أن دونَ المُصْطفى ناراً وشوبا
دينُنا يزدادُ في الأرْضِ عُلُوّاً
فالتَحِفْ بالقَهْرِ مُحْتَدّ اً غضوبا

بُؤْ بإثْمٍ صُغْتَهُ حِقْداً وعَدْواً
وادْخُلِ المِخْدَعَ واجتزَّ الصليبا
والعَقِ الجُرْحَ كثيراً ياعدوّي
والتمِسْ للنّبحِ والنّشْرِ قليبا

فنبيّي المُصطفى في كُلِّ قلبٍ
يملأُ الأرواحَ أنْساً ونسيبا
قد كفاهُ الرّبُّ ما تروي وتُخْفي
وكفى بالرّبِّ حِصْنا ورقيبا

قصيدة للشاعر/عبد الصمد زنوم
الشريف المطهري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى