أدبيات الصحيفة

 سراب الارتواء ……

 

الكاتبة / أ. سحر الشيمي

الارتواء لا يكون إلا بشيء يذهب الظمأ ويروي العطش ، ومن نعم الله وحكمته في الخلق ان جعل من الماء كل شيئ حي فهو روح الحياة وسبب بقائها .

هذا ملموس ومحسوس لنا في حاجة الإنسان لغذاء وبقاء جسده ، ولكن هل يوجد نوع آخر من الارتواء يوازي في أهميته هذا الماء ؟. وما نوعه ومدى حاجتنا له في حياتنا ؟. لو تأملنا في الروح التي تحوي الاجساد هل لها ما يروي ظمأها ويشبع حاجتها كحاجة الجسد للطعام والشراب ؟.

نعم ان أرواحنا تحتاج إلى غذاء مهم متنوع من الحب ، العطف ، الولاء، الاهتمام ، والرعاية الإنسانية الكاملة من شخص لآخر بين أفراد الأسرة الواحدة أو خارجها ، أب ، أم، أخ،أخت،عمة أو عم، خالة أو خال أو جدة أو صديق أو زوجة.. تجتمع كل هذه الاحتياجات من بناء وحماية الأرواح وترميم وجبر كسورها في كلمة واحدة هي
” الإحتواء ” ..!

الاحتواء هو الوعاء الذي يحوي غذاء الروح والجسد واحتياج الإنسان له اشد من حاجته للطعام والشراب .. ولكن اختلاف مفهوم الاحتواء بين الناس اهدر قدرًا كبيرًا من أهميته حتى اصبح في بعضها يبدو كالوعاء الفارغ الذي لا يسمن ولا يغني من جوع .! ولأن الاحتواء فن لا يتقنه إلا من فهم معناه الحقيقي ولمس قيمته الجوهرية له ، فمن المؤسف ان نجد كثير من البيوت فقدت هذا الاحتواء فأصبحت آيلة للسقوط !..
و ان فقد الفتاة او الشاب لهذا الاحتواء من اهم أسباب الوقوع في وحل الانحراف …
و من صور الاحتواء الفارغ ، الأم التي توفر الاحتياجات المادية لأطفالها من مأكل وملبس وألعاب وترفيه ولكنها لا تخصص لهم وقت لسماعهم وحل مشاكلهم ، أو حتى احتضانهم وقت حزنهم أو آلامهم ، بل وتتركهم في مصاحبة الأجهزة الإلكترونية والمربية في رعايتهم وتدعي انها تحتويهم !!. ومنها إهمال الزوج أو الزوجة للجانب الروحي للطرف الآخر كإهمال الزوجة لمظهرها أو عدم اهتمامها برعاية زوجها وحاجته النفسية من دعم روحي واهتمام في كل احتياجاته .. وكذلك الزوج الذي قد يكرم بماله ويبخل بعاطفته وكلامه الذي يروي ظمأ زوجته ويدعي الاحتواء!؟..

اهمس لكل مدعي للاحتواء : ” تعلم وتأمل في معنى الاحتواء قبل ان تدعيه وتعطيه “.
الاحتواء سيد أقوى من الحب والعشرة
فالحب احتواء وليس اشتهاء.. والاحتواء ليس بطول البقاء وإنما بقيمة الحضور ، قد يكون الاحتواء بنظرة حانية ، ابتسامة صادقة ، ربت حاني على الكتف ، حضن دافئ، كلمة طيبة،لا تحتاج إلى وقت طويل ولكن لها اثر عميق في مسح دمعة أو ترميم أرواح منكسرة..

والاحتواء لابد ان يثمر بارتواء ناجع يشفي علل المجتمع ويروي ظمأ المشاعر في زمن تصحر و تيه الفكر وضياع الخلق و بعثرة القيم ..
ولا ندعي الاحتواء بمفاهيم خاطئة وفارغة فيكون كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء” حتى إذا ذهب إليه لم يجد شيئًا ..

احتوا أبناءكم ومن تحبون ولا تبخلوا بسقي أرواحهم حد الارتواء حتى تجنوا ثمارهم الطيبة..

دمتم بأرواح آمنة مستقرة و مطمئنة ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى