أدبيات الصحيفة

حروف مبعثرة .!

 

بقلم : ريم العنزي

على أعتاب صباحي‏ يتملكني الصمت، ليست هي عادتي، وتكاد حروفي تتبعثر من عقلي وتنطفئ الكلمات فلا تظهر، ولكن قلمي يحاول جاهدًا استنزاف الكلمات المهاجرة، ويخطها لتظهر للنور قبل الانطفاء.

‏تَاهت كلماتي، أبحث عن النور الذي ‏بات موجوعًا واستيقظ متبلدًا، ‏وكأنّمَا صواعق تخترق جسدي ‏كادت تدمر روحي، ‏فكيفَ أربِّتُ عَلى حروفي وأعيدها، ‏وأعْقِل الكلمات الهاربة بحروف البَقاءِ؟
قررت ألا أبتسم وأطلق لنفسي هواها، ولا أتأمل، فكان ما لا يحمد عقباه. أردت أن أعيش لساعات كما يعيش اليائسون، أردت أن أعرف ما يشعرون به، لماذا تتعذبون؟
هي نفسي لماذا أعذبها، عدت إليها بابتسامتي، بعد ليل أجزم أنه أطول ليالي حياتي. حاولت أن أتجاذب مع حروفي الهاربة أطراف الحديث إلى أن أنهكتها، ونامت على أعتاب حجرتي‏ صامتة، يعتصرها الألم من هول ما رأت من يأسي.
‏نبضي يحمل صخب الحياة يستبيح الصمت. كنت أعلم أن وقت الألم سينقضي، وسيصبح يومًا جديدًا، وأشعر بدفء الشتاء، وأبتسم، وتعود حروفي وأخطها لكم هنا نغمًا.
‏لربما توقفت كثيرًا ليلة الأمس عن التفكير، والألم يجتاحني، وسرقت ابتسامتي. كان وجعي مؤلمًا جدًا، ومع بدايات الصباح أشرقت نفسي من جديد، وودعت عالم البؤساء المتذمرين. استغفرت وأطلقت العنان لابتسامتي من جديد، ‏استغرقت في التفكير، لماذا يعذبون أنفسهم؟

‏واستنزفت الكم الهائل من مشاعري في البكاء، ‏كل ذلك لأنني ارتضيت لنفسي أن تكون رهينة سهلة تقودها الظنون السوداوية، ‏حرروا قيود ظنونكم.
‏اختنقت أنفاسي عند نقطة عدم الرضا والتذمر، ‏فخرج زفير علق برئة الوجع فاعتصرني، ‏قد لايكون هناك اختناق من ألم، إنما هي زفرة تذكرني بالندم، ‏تشبثت بأضلعي حينها، ورددت اللهم لك الحمد حتى ترضى. ‏أثلجني حينها برد كبرد الشتاء، لا أعلم شدته. كان يشبه برد الشتاء ويفتقد الشتاء، ثم ما لبثت أن تنفست رضا وسرور، ‏وبأوردة قلبي نزف الياسمين، فبعثت بنبضات الروح عطرًا.
‏سأكتب لكم على مهل واقرأوني بصمت، أيها المتذمرون ‏تأملوا قبل فوات الأوان،‏ لماذا تنظرون للصفحة الأخيرة في معجم حياتكم؟ انظروا للأمل من أول صفحاته. عيشوا تفاصيله في يومكم.‏ التمسوا مني واقعي فهو ليس خيالي، أنا محاربة وأعاني ما تعانون وأملي كنهر لا ينضب.
انتشر المرض بنسبة 80%، ولكنه لن يطمس أملي وابتسامتي، أثق بقدرتي على تجاوزه ما دام ربي رحيم، ‏ولا تعجبون مما أكتب، أنا أنزف ألمًا ولكن برضا ويقين،‏كادت العتمة بداخلي أن تأكل كل مفاصل حياتي، ‏ولم يبقى مني سوى حرف رمادي، خالطت حرفي الرمادي بنور الصباح إلى أن توهج وأشرق وودع رماديته، ‏وأصبحت أنفاسي ملء سطور الكتب، وعدد حروف الأبجدية للغات العالم.
‏سأكون لقلوبكم على هيئة حور، سأبتسم والحاء نون، ‏سأنشر النور، حتى لو قلبتم الراء ميم، وادثرتم الليل هروبًا، ستفيقون من شدة ضيائي، سأخترق سباتكم وأضئ عتمتكم، لا بد أن تفيقوا وترون النور والحياة والسعادة. أمورنا بيد الله فلنبتسم.
‏إرادتي هي واقعي، سواء فشلت أم نجحت، فنجاحي أو فشلي من صنعي أنا وليس من صنع أي شخص آخر، أنا من يستطيع إزالة كل العقبات من أمامي، ولن أستطيع ما لم أخطئ وأسقط، أنا وحدي مالكة يومي، فزت أم خسرت فالاختيار هو اختياري والمسؤولية هي مسؤوليتي، لن أترك لعتمة الليل ووجعه أن يسلباني النور، سأحلق وأبتسم ما دمت أتنفس فربي رحيم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى