شعر وخواطر

ربيبة الرِّيبة

الكاتبة/ سحر الشيمي،
‏sahar_shimi@

من حكمة الله في خلقه أن جعلهم شعوبا وقبائل ليتعارفوا ويتآلفو ، فالبشر جبلوا على الأنس بأمثالهم في عالم الإنسانية ، ولا يمكن لأي انسان ان يعيش وحده خاليا من الناس أو العلاقات الانسانية ،فلا يستطيع ان يحقق هدفه وحلمه وغايته دون مخالطة الناس في أي مجال من مجالات الحياة ، سواء عملية ، اجتماعية ، دينية ، أسرية ….الخ ، ولكن هذه العلاقات قد تنتهي بالنجاح والسعادة والأمان النفسي أو قد تتمزق وتنتهي بالفشل والشقاء بما ترتكز عليه من قواعد :المباديء ،القيم ، الثقافة ، احترام ، حسن ظن .و كثيرا ما يمر الانسان في علاقاته بمرحلة الحيرة والاضطراب، يجعل اليقين يتذبذب ويتأرجح بين الأمرين، من غير مرجِّح لأحدهما،وهي حالة فطرية تنشأ عند غياب الأمارة المرجحة، وعند الجهل بالحقيقة، وهذا ما يعرف بالشك الطبيعي الغير ضار اذا ما انقطع باليقين وانتهى ، ولكن اذا تطور هذا الشك الى قلق النفس واضطرابها بحيث يؤلف قصة خيالية بسيناريو وهمي لينتهي بالاتهام وسوء الظن ، قديكون نتاج حالة مرضيَّة تؤدي إلى توهم الحقيقة، وترجح التهمة بغير دليل، فهنا يتحقق الخطر الذي يفتك بأي علاقة لأن سوء الظن ربيب الشك وكلاهما ربيبتا الرِّيبة .وقد
نهانا ديننا عن سوء الظن وحذر من عواقبه ، لقوله تعالى ؛﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ﴾ [الحجرات: 12]،
وقال عليه السلام : ((إياكم والظنَّ، فإنَّ الظنَّ أكذب الحديث).. وذكر من عواقبه التجسس ، التحسس، الغيبة، وتتبع العورات والحكم في النيات وتبعا لذلك تتقطع الأواصر وينهدم بناء المجتمع ، فكم من أسرة تشتت ، وتجارة خسرت ، أعراض انتهكت ، جرائم متنوعة بين قتل وحقد ونزاعات كلها بسبب سوء الظن الناتج عن الشك ، الموصل لآفة الريبة الخطيرة .. وقد نفى الله من المؤمنين الارتياب فقال: (ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون). [المدثر/31]،
فلا يكون الريب الا بخلل يصيب الفطرة السليمة التي تميل لليقين والايمان المتأصل في الانسان منذ خلقته لأنه ما من مولود الا يولد على فطرة ، ولكن اذا تلوثت هذه الفطرة يُصاب القلب فيضعف اليقين ، فمن يؤمن بالله يهدي قلبه ؛ أي : يهد قلبه لليقين .
ولا يحصل حسن الظن بالناس الا بحسن الظن بالله الذي يثبت تقديره لذاته ورضاه عن قدر ربه بذلك يحمي فطرته من هذه الآفة الخطيرة التي تهدد كل علاقاته الانسانية ، فلنحسن الظن بالآخرين بضوابط لا تصل الى الاستغلال ونلتمس للآخرين الأعذار ولا نتتبع عوراتهم ولننقي انفسنا من الشك وسوء الظن لأنها ربيبة كل ريبة ..
همسة صادقة : لا تنسى وصية المصطفى : (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى