أدبيات الصحيفة

لحظات الإفاقة !..

‏الكاتبة/ سحرعلوي الشيمي،

sahar_shimi@

 

كثيرا ما نسمع ونشاهد بل قد مر اكثرنا بمرحلة ما تسافر بها ارواحنا ونحن على الأرض لتحلق بنامن عالم الوعي الى اللا وعي ، تحت أثر مخدر لابعاد الشعور بالألم وتسهيل اجراء عملية جراحية لمريض ما ، ولادة قيصرية للمرأة ، استئصال ورم …. الخ لانقاذ انفاس الحياة لشخص ما ولحالة ما ، في هذه الفترة تسكن جميع الأعضاء وتهدأ وكأنها رحلت الى عالم الفضاء من اللاشعور والاحساس مصحوب بدموع او ابتسامة او هذيان في بداية الرحلة ثم يكون سبات تام ، وفي هذه الأثناء، ينتشر عواصف القلق وترتعد سماء أهله ومحبيه بالابتهال والدعاء لعودته من هذا العالم لهم سالما بلباس السلامة وروح العافية ، ولكن بعد انتهاء الرحلة يعود أو لا يعود المريض ،تأملت لحظة العودة : أي الإفاقة بعد الجراحة ، حين يبدأ العودة لعالمه المحسوس الواعي الواقعي ، يبدأ بالألم المصاحب بالبكاء أحيانا أو الصراخ ، ويتبدد سحب الحزن عن أهله لتمطر بغيث الحمد والثناء لعودته اليهم ، تأملت هذا المشهد وهو يتمثل في حياتنا اليومية بصور أخرى من التخدير الذي يصيب الإنسان دون أن يشعر فيطلق العنان لنفسه بالخضوع لهذا المخدر لتطول فترة الغياب عن الوعي التي قد تدخله في غيبوبة قد لايستيقظ منها ،
ومن صور المخدرات للنفوس وفكر الإنسانية ، الإنبهار ، الافتتان ، التبعية ، الانجراف وراء الملهيات وهوى النفس و الأضواء الخادعة الخاطفة للأبصار والمناقضة للبصيرة ، بل تجتمع كلها تحت مسمى (الغفلة ) .
لقوله تعالى: (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) سورة الأعراف، حيث وصف الله ، أولئك الذين لا يستعملون حواسهم لإدراك مهمتهم ووظيفتهم على الأرض بالضلال والغفلة، وما الغفلة إلا غياب الوعي.
يغفل الناس عن الحقائق لما يمرون به من الكثيرمن أحداث و كوارث فيدخلون عالم اللاوعي من الوهم للهروب من الواقع وألم الحقائق !.. ولكن من رحمة الله لعباده أن يرسل لهم منبه قوي فجأة لايقاظهم ولو للحظات ، قد تكون حبلا ممدودا لنجاتهم ، وقد تكون لحظات حاسمة ، اما التمسك بحبل النجاة بقوة والعودة من عالم الغفلة والهيام بالبحث عن الحقائق والعودة للواقع الذي يقوده العقل الواعي والقلب السليم أو البقاء في عالم الغيبوبة وفضاء اللاوعي واللادراك !،.
فيبقى في عالم الغائب الحاضر الذي لا يبقى لحياة ولا يذر أثر …ومن صور الافاقة ، كلحظة تنبه قائد السيارة لامكان حدوث اصطدام مميت فيتداركه بكبح سرعته او العدول عن مساره في الوقت المناسب لتنقذ حياته بهذه اللحظة أو الوقوع في دين او تهمة او اي مصيبة او ذنب أو جائحة تفاجئ الانسان فيأتي لطف الله له لينقذه ولو بكلمة او الهام او حركة بسيطة لا تخطر بباله … وأصدق مشهد نراه في قصة نبينا يوسف عليه السلام أيقظه الله لينقذه من الفحشاء، لقوله تعالى 🙁 وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ [يوسف:24].
فلننتبه للحظة الافاقة في نهاية عام نتألم فيه ولكنها اشارة لعودة الحياة وبداية عام جديد ،و قد تكون اللحظة الفارقة بين الرقي أو الاعاقة …
اللهم اجعل لنا من أمرنا رشدا ومن الشتات مخرجا ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى