الأخبار الرئيسية

(بر جدة) تقدم نموذجاً فريداً في تطبيق معايير الحوكمة

ريبورتاج: الحوكمة والجمعيات الأهلية: مدلولات وأفكار على موائد الحوار

أعد التقرير: عبد القادر عوض رضوان

ثلاثية القانون والتنظيم والممارسات الإدارية تدعم العوائد الاقتصادية.

منصة تحقيق العدالة والشفافية والمساءلة.. نافذة للجذب الاستثماري.

نقص الإفصاح والشفافية وإخفاء البيانات المالية وراء انهيار الصروح الاقتصادية!!

أصبحت الحوكمة ” Governance Corporate” من الموضوعات الهامة في كافة الادارات والمؤسسات والمنظمات المحلية والاقليمية والدولية العامة والخاصة، خاصة بعد سلسلة الأزمات المالية المختلفة التي وقعت في الكثير من الشركات والمؤسسات العالمية، مثل الانهيارات المالية التي حدثت في عدد من دول شرق آسيا وأمريكا اللاتينية عام 1997م، وأزمة شركة Ernon والتي كانت تعمل في مجال تسويق الكهرباء والغاز الطبيعي في الولايات المتحدة الامريكية عام 2001م، وكذلك أزمة شركة WorldCom الأمريكية للاتصالات عام 2002 م، وترجع هذه الانهيارات في معظمها إلي الفساد الاداري والمحاسبي بصفة عامة والفساد المالي بصفة خاصة، بالإضافة إلى ذلك فإن من أهم أسباب انهيار المنظمات هو افتقار إداراتها إلى الممارسة السليمة في الرقابة والإشراف ونقص الخبرة والمهارة وكذلك اختلال هياكل التمويل وعدم القدرة على توليد تدفقات نقدية داخلية كافية لسداد الالتزامات المستحقة عليها. يضاف الي ذلك نقص الشفافية وعدم الاهتمام بتطبيق المبادئ المحاسبية التي تحقق الافصاح المناسب بجانب عدم إظهار المعلومات المحاسبية لحقيقة الأوضاع المالية للمنظمة.
نتيجة لكل ذلك زاد الاهتمام بمفهوم الحوكمة وأصبحت من الركائز الاساسية التي يجب أن تقوم عليها الوحدات الاقتصادية.

مفاهيم ودلالات

وتعرّف الحوكمة بأنها (مجموعة الهياكل والعمليات اللازمة لتوجيه وضبط المؤسسة وتحديد وتوزيع الحقوق والواجبات بين المشاركين الرئيسيين في المؤسسات وضمان فهم المساهمين وأعضاء مجلس الإدارة والمدراء لها، وكذلك تحديد القواعد والاجراءات الخاصة باتخاذ القرارات بشأن أمر الشركة) وذلك حسب تعريف مؤسسة التمويل الدولية (IFC) ،
بينما ساهم الإتحاد الدولي للمحاسبيين (IFAC) من خلال لجنة المحاسبين المهنيين في عالم الأعمال التابعة له (PAIB) في تعريف الحوكمة بأنها مجموعة من المسؤوليات والممارسات التي يقوم بها مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية (هيئة الحوكمة) بهدف (1/ توفير التوجيه الإستراتيجي، 2/ ضمان تحقيق الأهداف، 3/ التأكد من إدارة المخاطر بشكل صحيح، 4/ التحقق من استخدام موارد المنشأة بشكل مسؤول) إذ يعكس هذا التعريف جانبي الأداء والالتزام في الحوكمة.

حوكمة الجمعيات الأهلية

وعلى المستوى المحلي، ونظراً لأهمية الإدارة الرشيدة في مختلف القطاعات برزت أهمية الحوكمة فيها، خاصة في الجمعيات الأهلية، وجاء إنشاء منصة (مكين) لحوكمة الجمعيات الأهلية ليؤكد على أهمية هذه المنظمات، فتم سن مجموعة من الأنظمة والأدوات والإجراءات والنماذج من أجل ضمان مدى التزام الجمعيات الأهلية وتقييمها بمتطلبات الأنظمة مثل نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية ونظام مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب ونظام جمع التبرعات المعمول بها في المملكة.
وقد جاء ذلك كله انطلاقاً من رؤية المملكة 2030 التي نصت على: “تحقيق أعلى مستويات الشفافية والحوكمة الرشيدة في جميع القطاعات ومنها القطاع غير الربحي”.

(بر جدة).. شفافية وإفصاح والتزام

لقد تعاطت الجمعيات الأهلية مع معايير الحوكمة وحققت نجاحاً ملحوظاً في تطبيق تلك المعايير، وقد برزت جمعية البر بجدة كواحدة من الجمعيات الرائدة التي طبقت معايير الحوكمة المتجسدة في الشفافية والإفصاح والالتزام.
يقول معالي الدكتور سهيل بن حسن قاضي رئيس مجلس إدارة جمعية البر بجدة: لقد حرص مجلس الإدارة على تطبيق الجمعية لمعايير الحوكمة المتعلقة بالسلامة المالية والامتثال والالتزام بالأنظمة واللوائح مع تطبيق اعلى معايير الشفافية والافصاح ونشر جميع التفاصيل المالية من خلال الموقع الالكتروني أو عبر التقارير المختلفة والتي كان تقرير الاستدامة الذي صدر مؤخراً واحداً منها ، مع الحرص المستمر على تحقيق الاستدامة المالية كهدف استراتيجي من أهداف الجمعية، كما قدمت الجمعية برامج توعوية لموظفيها حول غسيل الأموال، والمخاطر المحتملة وسياسة تعارض المصالح. وتسعى الجمعية دائماً لضمان جودة تطبيق تلك المعايير من خلال تحقيق متطلباتها وصولاً الى تحقيق أدوارها التنموية المنطلقة من مسؤولياتها المجتمعية.
من جهته أكد المهندس محيي الدين بن يحيى حكمي الرئيس التنفيذي لجمعية البر بجدة أن مفهوم الإدارة الرشيدة يقتضي تطبيق حزمة من المعايير المعاصرة التي تضمن تحقيق أفضل النتائج وتترجم الجودة والتميز في الأداء. وقد حرصت جمعية البر على وضع عدد من الأهداف الاستراتيجية المؤطرة بمجموعة من القيم والمبادئ التي تستهدف تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030 التي عنيت بتنمية القطاع غير الربحي ليساهم في المشروع التنموي لبلادنا.
من هنا جاءت معايير الحوكمة لتدفع بمساهمات الجمعيات الأهلية في التنمية المستدامة، لذا حرصنا في جمعية البر على تطبيق اعلى معايير الحوكمة المؤطرة بمنظومة الشفافية والإفصاح والالتزام والامتثال بالأنظمة مع الحرص على السلامة المالية وقياس رضا أصحاب المصلحة وتوعية الموظفين بمخاطر غسيل الأموال وتضارب المصالح، كما حرصنا على الإعلان عن ذلك كله عبر مختلف الوسائل الممكنة وقد جاء تقرير الاستدامة الأخير للجمعية ليكشف بكل وضوح عن كافة التفاصيل المالية والإدارية ويوضح الدورة الكاملة لها في أنشطة وبرامج الجمعية.
أما الأستاذة منيرة السبيعي أخصائي وحدة الحوكمة بجمعية البر بجدة بالجمعية فقد أكدت أن جمعية البر بجدة حرصت على تطبيق أعلى معايير الحوكمة، وتمثَّل ذلك في تعيين الجمعية لأخصائي للحوكمة وإلحاقه بالعديد من الدورات الخاصة من الوزارة، كما انطلقت الجمعية في تطبيق كافة معايير الحوكمة بداية بالشفافية والإفصاح فكانت الشفافية مع المستفيد والمتبرع والمتعاقد بنشر كامل التبرعات والمساعدات ووضع قياس لرضا المستفيدين والعناية بهذا الجانب لمعرفة مدى رضا كافة المستفيدين من خدمات الجمعية، كما قامت بتدريب موظفيها وإرشادهم وتوعيتهم بمخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ونشرت المواد الإرشادية التي تُعنى بتوضيح خطر هذه الآفة والطرق التي تستغل فيها وكيفية تجنبها وحرصت على وضع السياسات في حال الاشتباه واتخاذ الإجراء المتبع.
وأضافت السبيعي: لقد أفصحت الجمعية عن كافة البيانات الخاصة بمعايير الحوكمة المالية ونشرت تقاريرها المالية، كما اهتمت بمعيار الامتثال والالتزام وذلك بالتزامها بكافة الاشتراطات والسياسات واللوائح من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية ونشرت كل ما يخصها على موقعها الخاص وكافة قنواتها الرسمية، إضافة الى حرصها على متابعة كل ما يستجد في خدمات المستفيدين وتطوير خدماتها لتسهيل وصولها بشكل ميسَّر، كما عقدت العديد من الاجتماعات لقياس المخاطر في الجمعية وتحديدها سواء مخاطر تشريعية أو تنظيمية او مالية أو بيئية او اجتماعية أو تشغيلية وتحديد أهم تلك المخاطر وطرق حلها وآلية معالجتها.
ومازالت جمعية البر تولي الحوكمة اهتماماً كبيراً وحرصاً شديداً بتطبيق كافة متطلباتها.

مقومات الحوكمة

وللحوكمة نوعان من المقومات (مقومات خارجية، ومقومات داخلية) وعليهما يتوقف تحديد مدى الجودة والنضج الذي من الممكن أن تصل له الحوكمة في تطبيقها وممارساتها. حيث ترتكز المقومات الخارجية على المناخ الاستثماري للدولة والتي تشمل عدة جوانب أهمها البيئة التشريعية والأرضية القانونية والتنظيمية التي يتم ممارسة الاستثمار من خلالها مثل (نظام التقاضي، نظام الشركات، نظام التجارة والاستثمار، نظام مكافحة الغش التجاري، نظام الإفلاس، نظام حماية المنافسة، وغيرها من الأنظمة و القوانين ذات العلاقة)، وكذلك من المقومات الخارجية هو كفاءة الصناعة المالية ويقصد بها (البنوك، وسوق المال والتمويل) وكذلك كفاءة الأجهزة الرقابية )كهيئة سوق المال أو حسبما تسمى في الدوال الأخرى، وهيئة المحاسبين القانونيين ولجان المراجعة المعتمدة) بالإضافة إلى المنظمات المتخصصة بالمهن الحرّة مثل مكاتب المحاماة، ومراكز التصنيف الإئتماني والشركات الاستشارية المالية. إذ إن وجود هذه المقومات الخارجية يضمن سلامة البنية التحتية وصلابة الأرضية التي تهيئ للمنظمات تطبيق نموذج الحوكمة الخاص بها.
وفي المقابل فهو يعتمد أيضاً على مقومات داخلية والتي بدورها تشير إلى القواعد والأسس التي تحدد كيفية اتخاذ القرارات وتوزيع السلطات داخل الشركة بين الجمعية العامة ومجلس الإدارة والمديرين التنفيذيين، والتي يؤدى توافرها من ناحية وتطبيقها من ناحية أخرى إلى تقليل التعارض بين أصحاب المصلحة.

منصة العدالة والمساءلة..

ونخلص الى القول: إن الحوكمة منصّة ضامنة لتحقيق العدالة والشفافية وضمان حق المساءلة، ومصدر حماية لحقوق المساهمين أقلية كانوا أم أغلبية، كما أنها مدعاة لتدفق الأموال المحلية والدولية ومشجعة لجذب الاستثمارات، وضامنة لتوافر مراجعة محكمة للأداء المالي وداعية للالتزام بالقانون، كما تضمن وجود توزيع للأدوار والمسؤوليات عبر هياكل تنظيمية محكمة تمكن من المحاسبة والمساءلة، وتمكن المراقبة المحايدة والمستقلة من أداء أدوارها دون تأثير أو تحيّز أو تعرض للضغوط، علاوة على ذلك فهي أداة فعّالة لنشر ثقافة العدالة في المعاملة والتعامل والتي تبعث الإطمئنان لدى كافة أصحاب المصلحة، بالإضافة إلى إسهامها في تهيئة الطريق أمام اللجوء إلى القضاء في حالة أي إخلال قد ينشأ مع ضمان حفظ الحقوق، والتأكد من قدرة المساهمين في ممارسة سلطتهم بالتدخل في ظهور الإشكاليات بما يضمن لهم حقوقهم.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى