أدبيات الصحيفة

غيْمُ الهِيم …

‏ Sahar.Alshimi
‏@sahar_shimi
قال الشيخ علي الطنطاوي عن الحب: ليس في الناس من لم يعرف الحب.وليس فيهم من عرف ما هو الحب.
للحب محطات ومواسم متدرجة يمر بها الانسان بقارب مشاعره التي يموج بها بين مد وجزر وقد يغرق في بحر الهوى أو قد يصل الى مرسى المودة والرحمة والرضا.
وللحب أصول وفروع ، ولكن سنركز على احدى فروعه التي تتدرج في مراحل بين ابن آدم وبنت حواء ،
تبدأ بالهوى والاعجاب ، ويليه التعلق ، الكلف، الشغف،التيم ، العشق فالهيام.وهو أعلى درجات الحب، حيث يصل المحب الى جنون الشغف اللامنطقية ،بأن يفني روحه وفكره في سبيل الوصول لحبيبه ويخيل اليه انه قد وصل للرعاية والسعادة التامة بذلك ، ويهيم بين أودية عاطفته عطش لا يرويه راوي ،وقد ظللته غيوم متناثرة بين حزن وخوف من الفقد وبين انتظار غيث يرطب أرض فؤاده الظمآن ، وفكره الحيران ، فيكون كالإبل الهيم العِطاش الَّتِي يُصيبها داءٌ فَلَا ترعى ولا تَرْوَى مِنَ الْمَاءِ، وقد ذكرت في قوله تعالى 🙁 فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ).الواقعة (٥٥).
وقد بلغ أمر الحب والمحبة بالعرب مبلغا عظيما حتى ألّفوا فيه مؤلفات عدة، وكانوا ينظرون إلى أمر المشاعر على كونها فطرة مقدرة ، ما دامت في نطاقها السليم ،
يقول (ابن القيم – في روضة المحبين) :(والشفاعة للعشاق فيما يجوز من الوصال والتلاقي سُنةٌ ماضية، وسعيٌ مشكورٌ”). ومن وصفه لذلك :
عطفا على صب بحبك هائم/ إن لم تصله تصدعت أعشاره.
لا يستفيق من الغرام وكلما/ حجوبك عنه تهتكت أستاره).
فالحب الذي يعقبه مودة ورحمة ذلك العشق الذي تمطر سحابه في روضة تثمر بالقرار سرورا ووداً ، أما الهيام المُهلك الذي لا يعرف للقرار مهدا ومسرة ،ستعصف به ريح ٌعقيم وتظل أرضه مجدبة لكل هِيَمٍ سقيم ، فلنغيث ذلك القلب المتيم المكلومُ بدعوةٍ المهيمن الذي يهيمن هيمنة شفقة ورحمة ، اشد من شفقة الأمُّ الرؤومُ ، لأنه من معاني اسمه المهيمن انه رقيب عليم لما في الصدور رقابة رحمة وحفظ ورعاية المهيمن عليه. وحتما سيروي ظمأه بغيث من السماء عجيبُ ،كما أحيا أرضه الميت بقوله 🙁 وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَىٰ بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ كَذَٰلِكَ النُّشُورُ) (9)فاطر ..
فليس للمستهام قلبه … الاّ المهيمنُ الذي رعاه وطيّبُه..
دمتم بقلوب زاهرةً بمودة ومحبةٍ وارفة ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى