أخبار الإقتصاد

ندوة الثقافة والعلوم الإماراتية تنظم حواراً عن ” الملصق ” كوسيلة اتصال عصرية

ضمن فعاليات اكسبو دبي 2020 :

 

جدة – ماهر عبدالوهاب

نظمت ندوة الثقافة والعلوم بالإمارات العربية المتحدة نقاشاً وحواراً هو الأول من نوعه على مستوى العالم العربي، بعنوان “الملصق وسيلة للتواصل الثقافي والاجتماعي” حضره معالي محمد المر رئيس مجلس إدارة مكتبة محمد بن راشد وبلال البدور رئيس مجلس الإدارة ود. صلاح القاسم المدير الإداري والفنانة التشكيلية د.نجاة مكي ونخبة من المتخصصين والمعنيين.

شارك في الندوة المصمم الإمارتي المعروف هشام المظلوم وهو أول مصمم إماراتي جرافيكي تخرج من جامعة الإمارات عام 1985 وأنجز العشرات من الشعارات والبوسترات لعل أهمها شعار تلفزيون الشارقة وغيرها الكثير من بصماته في هذا المجال وعمل رئيساً لمجمع الشارقة للفنون، الى جانب خالد الجلاف رئيس جمعية الإمارات لفن الخط والزخرفة الإسلامية ونائب رئيس تحرير مجلة حروف عربية الصادرة من ندوة الثقافة والعلوم والمتخصصة في فن الخط العربي، ود. عرفات النعيم أكاديمي ومصمم جرافيكي ومنسق مشاريع دولية في الفنون البصرية، والفنان التشكيلي والخطاط والمصمم والباحث في مجال الخط العربي تاج السر حسن.

أدار النقاش الروائي ناصر عراق مشيرا الى أن عام 1798 قد يكون أول معرفة للعرب بفن البوستر عندما هبط نابليون أرض مصرومعه 400 ألف جندي فرنسي واستطاع فرض شروطه وأوامره في مصر من خلال البوستر الذي يضم قرارات نابليون بلغة عربية بسيطة ومزودة ببعض الرسومات ومعلق على مداخل وأبواب الحارات المصرية، وبعدها عرف الناس الصحافة فن البوستر الذي تزامن مع نشوء الفرق المسرحية منذ بداية الربع الثاني من القرن الـتاسع عشر الميلادي.

ثم تطرق هشام المظلوم الى مدارس فن التصميم المرتكزة على خمس فروع منها التصميم المعماري والصناعي وثلاثي الأبعاد والأزياء والمجوهرات والجرافيك ( فن الطباعة والحفر)، وربط الى ان العناصر الأساسية للتصميم من الناحية الفنية يجب ان تعتمد على الفكرة المطروحة وبساطتها وقوة التصميم والمضمون ومدى ارتباطه بالحدث، أما الجانب التقني فيفضل ألا يتعدى التصميم أكثر من ثلاثة ألوان، بحيث يكون من السهل التحول إلى اللونين الأسود والأبيض معا للمحافظة على المضمون والقراءة وقوة الوضوح، والخضوع للتصغير والتكبير دون فقدان معالمه الرئيسية.
وأضاف المظلوم أن الملصق لابد أن يجيب على اسئلة (ماذا وأين ومتى) وفي الجانب المقابل لابد أن يكون هناك ابتكاراً ملموسا في الرؤية للتصميم مع جودة التصميم والإبداع الفني، ليتوافق مع كل النواحي والمجالات ان كانت ثقافية أو اجتماعية أو اقتصادية أو رياضية. مضيفاً إلى ان للملصق عدة مقاسات منها ملصق الشارع الذي لابد أن يكون مبسط وواضح، أما ملصق النافذة فيعتمد على المعلومة والتفاصيل للمعلن عنه. كما أوضح المظلوم بأن أول ملصق عالمي صمم في لندن في القرن الخامس، وان أقدم ملصق مطبوع في فرنسا كان في العام 1477 واحتوى الى الإشارة والتنويه عن الضرائب والملكيات التي تم فرض قوانينها آنذاك، وتعتبر بدايات الملصق الحديث في القرن التاسع عشرة مع بداية ظهورالطباعة التي روجت لهذا الفن، وذكر المظلوم أن هناك دول عربية محورية لها دور هام في فن تصميم الملصقات وتعتبر مصر هي الرائدة في هذا الفن، ومع استخدام الخط في عصر محمد علي تطور فن الملصق وزاد حضوره مع الوقت في المسرح والصحافة وازدهارالطباعة، كما كان للبنان والعراق دور مهم ومماثل في فن الملصق، فأقيمت المعارض السنوية لفن الملصق العراقي وفن الملصق العربي. وكان للمسرح دور مهم في بروز فن الملصق من خلال الإعلانات المسرحية والسينمائية. وأكد المظلوم الى أن الملصق السياسي يعتبرالأكثر تأثيراً في هذا المجال كما كان مشاهدا في الملصقات التي تطرقت للقضية الفلسطينية، واعتبر بأن لهجرة بعض الفنانين العرب دور مهم في تطوير فن الملصق من خلال الاطلاع على تجارب جديدة.
وعن تاريخ الملصق في الإمارات ذكر المصمم هشام المظلوم الى أنه قبل تأسيس الدولة الإماراتية ووحدتها كان للوجود الهندي في المنطقة دوراً في التعريف بفن الملصق من خلال الإعلانات الخاصة بالعروض السينمائية و اشرطة الكاسيت ومع ازدهار الطباعة والاستقرار الاقتصادي والنمو في دولة الإمارات أصبح للملصق حضور قوياً ومبهراً برز من خلال المؤسسات التعليمية والأكاديميات التي تدرس فن الملصق ومنها الجامعة الأمريكية وكليات التقنية وجامعة زايد ولكن اعتبر بأن ثمة مشكلة تكمن في عدم دراسة فن الخط العربي وعلاقته مع التصميم حتى يتم المزج بين الخط وتصميم الملصق بشكل مبتكر وأصيل، مؤكدا على أهمية تركيز المصممين على إيجاد خط عربي يتناسب مع الهوية العربية.

في حين عرف خالد الجلاف بأن الملصق هو عبارة عن إعلان ورقي مطبوع أو إعلان معروض للجمهور، ويستخدم كلمة “بوستر” ككلمة معربة، وللملصق عدة استعمالات سواء كان الترويج لمنتج أو حدث معين كالأحداث الوطنية و المهرجانات الاقتصادية والسياسية والفنية ايضاً. ويجب أن يكون الملصق لافتاً لانتباه المارة مباشرة، إلا انه لا توجد طريقة محددة لتحقيق ذلك، فهي تعتمد على خبرة مصمم الملصق إضافة لموهبته، وأضاف الجلاف عن خصائص الخط العربي بأنه يقبل التشكيل بأي شكل هندسي ويتماشى بأي صورة من الصور دون أن يطرأ على جوهره أي تغيير يشابه الأشياء ويقاربها نسبيا، وتنوع مفردات الخطوط العربية وتعدد صور حروفها مما منح للخط العربي جمالا، وبالنسبة للمقاييس فيجب ان تكون النسبة والتناسب مقننة بحيث يكون لكل حرف من الحروف حقه من الطول والقصر والسعة والضيق والهيئة فهو بمثابة قانون ينظم اشكاله ويضبط سلوك مفرداته، بحيث يتم الاستعانة به لإضفاء جمال على ما يضاف اليه كالعمارة والحلي والمجوهرات والأسلحة والنسيج وغيرها من الاستخدامات، وذكر الجلاف بأن ميزة استخدام الخط العربي بفن الملصق يبرز جمالية الحرف العربي، ومرونة الخطوط العربية للتطويع ضمن التصميم الكلي للملصق ومن ثم إضفاء صفة الهوية العربية للملصق العربي، وتعبير الخط العربي عن مواضيع الملصقات، وتدريس التصميم باللغة العربية واستخدام الحرف العربي من خلاله، وقدرة الخط العربي أن يكون مكونا منفردا ضمن الملصق العربي، فالمزج بين الحرف العربي والتصميم اللاتيني يضفي جمالية وقوة وعراقة على التصميم أيا كان.

بينما تناول الدكتور عرفات النعيم في مداخلته دور الملصق وعلاقته بالوعي وبالتحولات الاجتماعية ووسائل استخدامه في تعزيز الثقافة البصرية، فالملصق يعتبر شكلًا من أشكال التواصل البصري لتبادل المعلومات والأفكار والاستجابة للقضايا المحلية والعالمية، وتعزيز المنتجات والخدمات اذ يعتبر أكثر أشكال فن التصميم المعاصر قوة وأكثرها تأثيرا. وناقش عرفات تجربة الملصق في المنطقة العربية انطلاقا من الملصقات المسرحية والسينمائية في بداية القرن العشرين والملصق السياسي في الستينات والسبعينات والثمانينات وأبرز معارض الملصق التي تم تنظيمها في المنطقة من المعرض الدولي لملصقات الحائط في بغداد 1979، ومعرض أفضل مائة ملصق عربي ومهرجان الإمارات الدولي للملصق. وأشار الى ان مهرجان الإمارات الدولي للملصق يعد التجربة الأبرز في هذا المجال لاستمراريته واستقطابه لأعلام فن الملصق في العالم اليوم ولكونه إطار إبداعي أطلقته ندوة الثقافة والعلوم بدبي لتعزيز مكانة التصميم والابتكار في دولة الإمارات العربية المتحدة والخليج والشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ولتعزيز التواصل والتبادل الإبداعي مع الثقافات الأخرى، وتعميم ثقافة التصميم والابتكار للتعريف بالمنجز الثقافي والإبداعي الإماراتي والعربي محلياً وإقليميا ودولياً، ولتعزيز وسائل التعبير البصري وممارسة التصميم الجرافيكي والتفكير الإبداعي فمنذ البداية كان مهرجان الإمارات للملصق جزء من أسبوع التصميم في دبي فالدورة الأولى كانت حول “عام التسامح” واستقطبت٣٦٥ مصمما من أكثر من ٢٠٠ دولة، والدورة الثانية كانت حول موضوع ” الأمل ” واستقطبت 170 مصمما من ٥٦ دولة. والدورة الثالثة للمهرجان تنظم هذا العام وتتزامن مع “دبي إكسبو ٢٠٢٠” وموضوعها “تواصل العقول وصنع المستقبل” ويضم المعرض ١٩٢ ملصقا لأعلام فن الملصق في ٥٢ دولة وهو عدد الدول المشاركة في “دبي إكسبو ٢٠٢٠”.
بعد ذلك تناول عرفات بالتحليل أبرز التجارب العربية والعالمية في مجال الملصق وناقش وسائل النهوض بهذا الفن في المنطقة العربية وأشاد بالدور الذي تقوم به ندوة الثقافة والعلوم الإماراتية في دعم هذا الفن ولسعيها لتأسيس متحف للملصق واقتناء أفضل الاعمال العالمية واتاحتها للجمهور للاطلاع عليها والإفادة منها.

في الوقت الذي أشار الخطاط الكبير تاج السر حسن الى ان الملصق أو البوستر في وقتنا الحالي هو واحد من نماذج التصميم الجرافيكي (الرقمي)، وله ضرورة وأهمية وفاعلية بالغة نحو جذب انتباه المتلقين ليساعد في طرح المزيد من الفهم والذائقة الشعبية لرسالة محددة (سياسية، اجتماعية) (إعلامية، توعوية)، (تجارية، تسويقية) أو للجذب والمتعة، وللملصق استخدامات في الوسائل التعليمية من المطبوعات المعلقة والملصقة، وله رسالة نصية صورية قد تأتي مركزة أو مختزلة في مكونها من الصورة، الرسم، والجرافيك ومن الإشارة النصية .
وأضاف تاج السر عن تأسيس (الرسالة، الملصق) أو بلورته كرسالة تواصلية لها تاريخ في الحضارة الإنسانية منذ قوانين حمورابي والنصوص البابلية. ونقوش وكتابات الحضارة المصرية. والمعلقات الشعرية على أستار الكعبة، وهناك أمثلة كثيرة عبر القرون انتجت كمخطوطات منها الفرمانات العثمانية المعروفة. ويعزى تطور هذه الرسالة وانتشارها إلى ما بعد تأسيس تقنية الطباعة والتقدم في صناعة الورق بعد القرن الخامس عشر، فصار من الممكن طباعة العديد من النسخ من رسالة واحدة وتوزيعها أو لصقها.
وذكر تاج السر حول مدى إفادة التطورات التقنية في انتشار الملصق على مستوى الجموع من خلال التطورات التقنية من تطبيقات رقمية واستخدام للفيديو (الصورة المتحركة) وطرق البث عبر وسائل التواصل الاجتماعي العديدة والتنافسية من (الفيس بوك إلى الإنستغرام وخلافه) والتي فتحت آفاقاً كبيرة للملصق وسـرّع من وصول الرسالة، وأكد أن الملصق (كمصطلح) لم يعد ملصقاً إلا في دائرة محدودة، وأضحي إعلانا رقميا قد يجيء متبوعا بمطبوعات، ومعلومات تسويقية باتت تصل المتلقي الآن عبر الهواتف النقالة.
وفي ختام الندوة استعرض المشاركين نماذج من الملصقات والبوسترات الفنية التي ابرزت مراحل تطور مفهوم الملصق، وكانت التوصية الجماعية لدى المشاركين الى أهمية إبراز الهوية والخط العربي في تصميم الملصق. وأكد معالي محمد المر الى أن فن الملصق لم يلق حتى الآن اهتماماً يليق به على المستوى العربي، فالمنتج العربي ضعيف مقارنة بنظيره العالمي، وأشاد بجهود ندوة الثقافة والعلوم في التعريف بأهمية ودور وتأثير فن الملصق من خلال مهرجان الملصق الذي نظمته الندوة في دوراته السابقة، إلا أن تلك الجهود بحاجة إلى المزيد من الجهود والتكثيف الإعلامي والتثقيفي، والحضور الجماهيري سواء بالعرض الحي أو عبر التقنيات ووسائل التواصل، وهو مما يفرض تحديات على مصممي الملصق. مؤكدا إلى ضرورة تقديم ومتابعة البحوث والدراسات المتخصصة بهذا الشأن لأنها تعبر عن أوضاع اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية وغيرها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى