مقالات مجد الوطن

( سَلطَـنةُ الحُـبِّ )

 

د. عبدالله عشوي

يا من تركتِ لبيبَ العقلِ حَيْرانَا
لِمَ ارتحلتِ و قد أهداكِ إيوانَا ؟

أمسى يُعاقرُ ما عَتَّقـتِ مِـنْ ألمٍ
خمراً و يشربُ في الأقداحِ أحزانَا

فينتشي كُلَّمـا ناديـتِ في حُـلمٍ
و يَسكبُ الدمعَ من عينينِ هتّانا

تَجرَّعَ المُرَّ بعدَ الشهدِ مُحتسباً
فما رأيتُ عَنَـاءً ، كالَّذي عَـانى

لا يقبلُ الضيمَ إلا عاشـقٌ وَلِـــهٌ
أضحى أسيراً لخلٍ حازَ سُلطاناً

أنتِ الوحيدةُ من دانتْ لِسَطوتِها
رُوحُ الحبيبِ بِعشـقٍ هَـدَّ أرْكَـانَا

لمَّا نصبتِ بسلطان الهوى شَرَكاً
وَلّاكِ أمــرَ فُــؤادٍ خَـــرَّ إذْعَــانَا

و صرتِ مصدرَ إلهـامٍ يُحيطُ بِهِ
فصاغَ فيكِ من الأشعارِ أوزانَا

و في سَماهُ غدوتِ الشمسَ مُشرقةً
و كُنتِ بالأرضِ في عيــنيهِ بُسْتَانَا

يرى بعينكِ أنواعَ الزهـورِ فَمِـنْ
أحداقِها عَكَسَـتْ للِـزهرِ ألوانَـا

و بِالخدودِ قُطوفُ الخوخِ دانيـةٌ
و الصدرُ شَــابَهَ بالنهدينِ رُمّــانَا

و في الشِفَـاهِ (كَباثٌ) في حلاوتهِ
نفحُ الأراكِ و طعمُ الشهدِ قدْ بَانَا

كالباسقاتِ علوتِ الجمعَ واقفةً
و بالمياسةِ مِنكِ القَــدُّ قَــدْ لآنَ

إذَا غُصونكِ هَـزَّ الريـحُ واحـدَها
هَـزَّ القوامُ بلينِ الخسـرِ أغصَـانَا

و بَـادَلتــكِ عصافيــرٌ مُغــــرِّدةٌ
صوتاً بصوتٍ و بالألحانِ ألحانَا

هذي مفاتنُ أُنثى في تصـورِهِ
من حُورِ عينٍ أتتْ تلهـو بِدُنيانَا

يا مَنْ نزلتِ إلى الدُّنيا كمعُجزةٍ
أو آيـةٍ خَــلقَ الرحمـنُ بُـرهَــانَا

ما ذا فعلتِ بعبـدٍ ناســكٍ فأتى
إلى الصلاةِ قُبيلَ الفجرِ سَــكرَانَا

نَادَى الفـلاحَ بِحــيّا في تَخيـُّـلِهِ
طيف الحبيبِ الذي أشقاهُ أزمَانَا

ما لا عيـونٌ رأتْ ، ظَــنّي رآهُ بِــــكِ
و لا خطرتِ بعقلٍ ، في الهوى حَانَا

لذا تجردَ من عقلٍ و من زمـنٍ
فلا يُلامُ صريعُ العشقِ أحـيانَا

رُدّي إليهِ فؤاداً ذابَ من كَمـدٍ
فقد قتلتِ بهذا الهجـرِ إنسـانَا

يشكو هواكِ و لكنْ يستلذُ بِـهِ
ففيهِ يلقى مَعَ الأوجاعِ سلوانا

إني بَنيتُ لأهلِ العشقِ صومعـةً
ءآوتْ إليها من العُشِّــاقِ رُهْـبَانَا

لكنَّها كَـذَبَتْ دَعــوى تَــرَهُّبِـهم
فَمَا أرادوا لِذكرِ الحُـبِّ نسيــانَا

و ليس يشفي جراح الحُبِّ في نظري
إلا تجــاهلَ حُـبٍ كانَ خُــذْلانَا

د. عبدالله عشوي
8-6-2022

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى