مقالات مجد الوطن

11 روايتي: شرارة وبناتها حرائق!!

 

قاطعتني في مدخل حديثي وأخرجتني من مدخلها لمخرجي! واستأنفت مسترسلة:
– شعرت وكأنها عالقة في أرجوحة لا تعرف كيف تهبط؟ تأرجحت بعنف وتهور، تقبل وتدبر، طارت بها وتوقفت عاليًا.
هنا ذرفت دموعًا لا تذرفها إلا من زاد هلعها وقهرها. بينما هي على هذا الحال جرى الناصح الأمين في عروقي غضبان اسفًا على وضعها، وقلت لقناعة: بئسما خلفتِ لأمكِ من بعد زيارتكِ هذه.
زفرت أمها زفرة كاد قلبها يخرج من حلقها، وكأني رأيتها تفتح شفتيها قليلًا قليلًا، قالت بصوت خافت:
– الحمد لله على انها بخير. وهذه الحالة التي صرنا فيها بسبب السائق، لا أعلم كيف ينام مطمئنًا قرير العين تاركًا ابنتي معلقة في قائمة الانتظار يعيدها على حسب فضاوته.
وضعت يدي على منفذ الصوت للجوال كي أمنع تسرب وشوشتي إليها، وبشرت (قناعة) باسمة: “أمك عفت عنكِ بعدما عثرت عليكِ يا ضالتها”.
ضجت (قناعة) بالمكان كدعاية إعلامية واسعة في التلفاز، وأعلنت لأمها تأكيدًا على تصريحها الآنف: “أن السبب الرئيسي هو السائق الذي لم يعر توسلاتي أي اهتمام بالإضافة إلى انه علق هاتفي المحمول حتى أفرغ شحن بطاريته، وانفصل عن التواصل والاتصال، أنا استحق ما جرا لي بعد أن صدقت تشدقه ومديحه: “لا تهتم.. مشوارك معنا أسهل في الإياب قبل الذهاب”.. استلم نقوده مني وراح يغط في النوم هادئ البال. وأردفت دون أن تهيئ لأمها فرصة أو ثغرة تعبر منها. “وأنتِ تدقين عليه وكابل هاتفي موصل بالكهرباء. ماذا أفعل؟ لم أعرف ماذا أفعل؟ بيد أنني مازلت أشحنه وأنتِ لم تستطعِ عليه ولا معي صبرا”. ثم أتت إلى قلبها وانحدرت منه إلى عاطفتها، اعتذرت بشدة لها على سوء تصرفها ووعدتها بعد صلاة الفجر أن (الروح) ستعيدها إلى البيت وأنهت المكالمة بلطافة: “استودعتك الله الذي لا تضيع ودائعه يا أمي الحبيبة”.
فتحت عيني عليها وأطلت النظر في وجهها الحسن البريء وطفقت أضحك، ثم حذرتها: “إيّاك والكذب فالصدق منجاة”.
– لا أنا لم أكذب هذه الحقيقة.. الغالبية العظمى من السائقين يقومون بنفس الفعل.
– حسنًا.. هل تعلمين انكِ صنعتِ إعلانًا جميلًا: “لا تهتم.. مشوارك معنا أسهل في الإياب قبل الذهاب”؟
– لا..
– الذي أعرفه أن صناعة الإعلانات معقدة ولكي يصنع إعلانًا واحدًا تتضافر جهود كثيرة من علماء الاجتماع والنفس واللغة مع مراعاة الأحوال النفسية للتأثير في المتلقين.. ركزي على هذا الموضوع لعل فيكِ موهبة.
الروح/ صفية باسودان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى