مقالات مجد الوطن

أحلامُ العصافير

 

محمد الرياني

ونذهبُ صوبَ عصفورٍ يلوكُ غصنًا وهو صامتٌ رغمَ الصباحِ وأصواتُ العصافيرِ حوله، نهزُّ الجذعَ الذي يقف على غصنه ولايزال يحتفظ بصوته، نثرنا له حبوبًا تشبه لونه النقي، ألقى البقايا من منقارِه وأقبلَ نحونا، هبطَ على كتفها باتجاهِ الأرض، انتابتني حالةٌ من الغيرةِ وهممتُ بالإمساكِ به وقَذْفِه إلى حيث أتى، قالت وهي تبتسم : أتغارُ من عصفورٍ جاء يطلبُ رزقًا؟ قلتُ لها رزقُه على الأرضِ وليس على كتفك، مالت نحو كتفي بينما الطائرُ الأبيضُ قد انهمكَ يلتقطُ الحبوبَ الذي انتثرَ أمامنا، جلسنا نرقبه وهو تارةً يلتقطُ بمنقاره الصغيرِ بذرةً بذرةً وتارةً يغني للصباح، امتلأ بطنُه ونحن لانريده أن يصعدَ إلى الغصنِ الأخضر ، هبطتْ من عُلوٍّ عصفورةٌ صغيرة، عرفنا أنها عصفورةٌ من تركِ العصفورِ لزاده وانطلاقه يرفرفُ بجناحيه نحوها ويحومُ حولها من الفرح، قلتُ لها ما أحنَّ هذا العصفور على عصفورته! لقد افتقدتُ لهذا الحنانِ وعهدي به منذ أن كنا صغارًا، قالت وهل تقارننا بالعصافير؟ دعك من أحلامِ العصافير، قلتُ لها وأنا أتنهدُ من فرطِ الحرمان صدقتِ.. صدقت، غاد العصفوران المكان ومعهما ظِلُّ المكانِ الذي نحن فيه، وضعتُ يدي في يدها نريد مفارقةَ المكان؛ سرعان ما رجعنا نجمعُ بقايا الحبوبِ البيضاء، همستُ لها :غدًا سيأتي طائرٌ عاشقٌ آخر وقد ألقى ورقةً يابسةً من فمه يريد أن يشاركنا الصباح، أجابتني بلهجةِ التصابي : أريدُ منك وعدًا بأن تتركَ العصفورَ يقفزُ حُرًّا ، دعِ الغيرةَ وأحلامَ العصافير .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى