مقالات مجد الوطن

بين السماء .. والارض !

 

بقلم: احمد حسين الاعجم
جازانً

كثير من الناس ينظرون الى السماء بحب ودهشة
ويعشقون التّأمّل فيها
ويتحول هذا التأمل الى أمنية بامتلاك اجنحة للتحليق بعيدا في الفضاء باتجاه السماء
وهؤلاء الناس يرون الفضاء والسماء مكانا لائقا بارواحهم التي فيها من روح الله
ارواحهم النورانية المسكونة بشغف الحرية والانطلاق اللامحدود
والتحرر من كل قيود الحياة الارضية التي تقوم على الجسدية اكثر من قيامها على الروحانية
فمعظم تفاصيل الحياة الارضية تقوم على اشباع نهم الجسد بالتملّك والشهوانية والبقاء وما تستلزمه من صراعات لا تنتهي
وهي امور تنهك الارواح
لأنها تناقض شفافيتها ونورانيتها

فبقاء الانسان على الارض والدوران حول نفسه طوال العمر نوع من انواع السجن
الذي يقيد روح الانسان وفكره وحريته
فالارض وكيفما كانت كروية او مسطحة او بيضاوية او مثلثة او مربعة
تبقى محدودة قياسا بروح الانسان وفكره وطبيعته ورغبته في الحرية والانطلاق بعيدا عن اي قيود
فالارض اشبه بقصر او قلعة يقيم فيهما الانسان
وكلاهما محدودان بالنسبة لطبيعة الانسان
ولعل محدودية الارض
من اهم اسباب صراع البشر عليها منذ الأزل
فكل انسان يريد ان يمتلك اكبر قدر ممكن من الارض ليشعر انه يمتلك مدىً اكبر للانطلاق
وقدرا اكبر من الحرية

ومن المعلوم
ان الانسان جاء الى الارض من الجنة
اي ان الارض المحدودة
ليست سوى بديلا للجنة اللامتناهية التي تتناسب والروح الانسانية
كما ان الارواح البشرية العظيمة
تصعد بعد الموت الى السماء حيث يليق بها
وبمكوناتها
بينما تكتفي الارض بالتهام الاجساد البشرية الجامدة والمجردة
من الارواح
ومن الفكر
ومن الرغبة
في الانطلاق والحرية

وكأنما وجدت الارض
لتقيد حرية الانسان حيا
وتلتهم جسده ميتا
بينما الحياة الحقيقة للانسان
قبل الارض
وبعد نهاية رحلة الارض
هناك بعيدا..في السماء

فالارض في الواقع
تمثل .. جسد الانسان
بكل مافيه من شهوانية وانانية

بينما تمثّل السماء ..
روح الانسان
بكل مافيها من سموّ ونورانية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى