مقالات مجد الوطن

إضاءات في تربية الأبناء

إضاءات في تربية الأبناء

 

كلما اهتممنا بأطفالنا وحاولنا أن نفهمهم أكثر، و إذا استمعنا إليهم وتحدثنا معهم بطريقة ودية ولطيفة، ينعكس ذلك بشكل إيجابي على صحتهم العقلية في المستقبل .

 

يبدأ الأطفال في التأثير علينا حتى قبل ولادتهم، إذ نخطط لوصولهم ونعدل حياتنا للترحيب بهم ، وعندما يولدون فإنهم يغيرون أنماط نومنا، بل وحالتنا المزاجية كأثر جانبي لذلك.

 

هناك ما هو أكثر من ذلك، إذ تظهر العديد من الدراسات أن شخصية الطفل الفطرية هي من تشكل طريقة تربيتنا له.

 

تقول عالمة نفس الأطفال آن شافيز، من جامعة جورجيا: “بالطبع، تربية الأبناء تختلف حقا بناء على شخصية الطفل.

 

يأتي بعض الآباء إلينا لأنهم يواجهون بعض التحديات في تربية أطفالهم ويقولون إن طريقة معينة في التربية قد نجحت مع أطفالهم الأكبر سنا ، و لكن لا تنجح الآن ؟ نقول لهم: هذا الطفل مختلف تماما ولذلك فهو بحاجة إلى مجموعة مختلفة من الاحتياجات” ، لذلك فإن التركيز الشديد على الطريقة التي نتبعها في التربية يضع “قدرًا هائلاً من الضغط على الوالدين، كما أنه يخلق هذا الوهم المتمثل في أنه إذا قمنا فقط بكل الأشياء الصحيحة فسنكون قادرين على تشكيل أطفالنا بالطريقة التي نريدها وتربيتهم حتى يكونوا بالغين سعداء وأصحاء وناجحين” .

 

الواقع أكثر تعقيدًا. وكبداية، هناك أدلة متزايدة على أن الأطفال يؤثرون على آبائهم وأمهاتهم، والعكس صحيح – وهي ظاهرة تسمى “التربية ثنائية الاتجاه”.

 

وخلصت إحدى الدراسات الكبيرة التي تبحث في “التربية ثنائية الاتجاه” وضمت أكثر من 1000 طفل وآبائهم وأمهاتهم إلى أن سلوك الطفل كان له تأثير أقوى بكثير على سلوك الآبوين من العكس.

 

أظهرت الأبحاث أنه عندما يُظهر الأطفال سلوكا صعبا ، فقد يستخدم الآباء أسلوب تربية أكثر استبدادًا (صارمًا وباردًا).

 

يحب بعض الأطفال اللعب الصاخب، بينما يفضل البعض الآخر الأشياء الأكثر هدوءًا

وبالمثل، يتصرف الآباء الذين يعانون من مشاكل سلوكية بقدر أقل من المودة وقدر أكبر من العداء حسب شخصية الطفل .

 

ويحدث العكس للمراهقين

الذين يظهرون سلوكًا جيدًا ….يتصرف آباؤهم بقدر أكبر من الدفء والمودة بمرور الوقت.

 

ويكشف هذا أن تربية الأبناء القاسية ليست هي التي تؤدي إلى المشاكل السلوكية، كما تقول شافير، بل بالأحرى فإن “الأطفال الذين يتصرفون بشكل سيء ويعارضون آباءهم ويتحدونهم، هم الذين يدفعون آباءهم لاتباع أسلوب قاس في تربيتهم”.

 

أي أنه كلما تمرد الأطفال أكثر، صعد الآباء تهديداتهم وعقوباتهم – حتى لو أدى ذلك إلى تفاقم المشكلة، وأدى إلى مزيد من الصراعات والتحديات.

 

بالطبع، الآباء مسؤولون في نهاية المطاف عن كيفية استجابتهم لسلوك أطفالهم، لأنهم هم الأكبر سنا والأكثر خبرة، قبل كل شيء، وإذا وجدوا أنفسهم غاضبين بشكل كبير يمكنهم، على سبيل المثال، اللجوء إلى المعالجين الأسريين (نعلم أن إرهاق الآباء والأمهات آخذ في الازدياد).

 

ويمكن للوالدين تجربة الأساليب التي أثبتت جدواها في السيطرة على المواقف المشحونة عاطفياً، مثل إدارة مشاعرهم الخاصة بالتوتر والإحباط، وفهم مصادر غضب أطفالهم.

لكن التفكير في التفاعل بين السمات الشخصية الفطرية للطفل وردود أفعال الآباء قد يفتح آفاقًا جديدة ويوقف تلك الحلقات المفرغة.

 

طريقة التربية لا تهم، بل يعني فقط أن الطريقة التي نتبناها في التربية تعتمد على سلوك أطفالنا ….فقد يكون أحد الأطفال منفتحًا بشكل طبيعي وبالتالي يستمتع باللعب بشكل مستمر، في حين قد يفضل طفل آخر الأنشطة الفردية، وهو ما يعني أن نكون أكثر هدوءًا من حوله.

 

وقد يحب أحد الأطفال المفاجآت، بينما قد يجدها شقيقه مرهقة ويفضل النظام والروتين.

 

على الآباء والأمهات تحمل المسؤولية الصعبة المتمثلة في التكيف مع السلوكيات المختلفة التي يعبر عنها الأطفال والتأكد من رعايتهم لهم”.

 

من المهم أن نتذكر أن يتلقى الأطفال أساليب تربوية جيدة من الأهل، فتكون العلاقة صحية بين الطرفين ولا تعرضهم للخطر في المستقبل.

 

إن سلوكيات الوالدين الخاطئة والسلبية فقد تؤثر على الأبناء في المستقبل وتضعف شخصياتهم وتجعلهم أكثر عرضة للاكتئاب والقلق والعدوانية.

 

تربية الأطفال ليس بالأمر السهل، فإما أن تكون صحيحة وسليمة وإما أن تكون فاشلة تنتج عنها سلبيات بسبب عدم قدرة الوالدين على تأدية واجبهما على أكمل وجه.

 

ندى فنري

أديبة / صحفية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى