مقالات مجد الوطن

تاريخ الوسائل التعليمية

 

من كتاب
*الوسائل التعليمية على مر العصور*
لـ –
Dr : ظافرة القحطاني

موضوع يسرد تاريخ الوسائل التعليمية وتطورها منذ بدء الخلق على الأرض مرورًا بالعصور والحضارات المختلفة حتى يومنا هذا، وأهمية استخدام وسائل تعليمية في سير التعليم.

الوسيلة التعليمية

من اسمها يتضح أن الوسيلة التعليمية هي كل وسيلة أو أداة يستخدمها المعلم لإنجاح عملية التعلم، فهي كل وسيلة تساعد المعلم على توصيل المادة العلمية للمتعلم، وإضافة معلومات ومهارات جديدة له، وهي التي تساعد المتعلم على الفهم والاستيعاب والإدراك، وتنمية المهارات التعليمية التي يمتلكها وإضافة غيرها من المهارات الجديدة.

ببداية ظهور الجنس البشري علي الأرض بدأ البحث عن تعلم الجديد، وبمرور الوقت وتتابع الأجيال أصبح التعلم أساسًا من أساسيات حياة الإنسان، وجنبًا إلى جنب مع التعلم بحث الإنسان عن طرق ووسائل وأدوات تساعده على تعليم غيره معلومات وعلوم وخبرات.

وبما أن التعلم كان وما زال حاجة ضرورية من حاجات الإنسان فقد نالت الوسائل التعليمية التي تساعد على التعلم الجيد مرتبة وقيمة هامة في حياة الإنسان عبر العصور.

تاريخ الوسائل التعليمية

منذ العصور الأولى بدأ الإنسان في استخدام حواسه المختلفة لتعلمه، واستخدمها لضمان وصول العلوم والمعلومات من المعلم (كمرسل) إلى المتعلم (كمستقبل) ومن هنا بدأ التركيز على استخدام وسائل تعليمية تخاطب الحواس الخمسة التي يستخدمها الإنسان في تعلمه لمعلومات وعلوم جديدة.

ونرى أن الوسائل التعليمية قد واكبت كل خطوة تطور خطاها الإنسان في رحلته عبر العصور، فلم تتوقف الوسائل التعليمية عند شكل معين ولا نوع محدد، ولم تتأخر ولو بدرجة بسيطة عن قدر التطور العلمي الذي وصل إليه الإنسان.

مراحل تطور الوسائل التعليمية عبر العصور والتاريخ

بدأت أولى الخطوات في تاريخ الوسائل التعليمية مع أول جنس بشري وجد على ظهر الأرض، وهم أولاد سيدنا آدم (عليه السلام)، كلنا يعلم قصة الغراب الذي علّم ابن آدم كيف يواري سوءة أخيه؛ لأنه لم يكن يعلم كيف يفعل ذلك، فقد كانت هذه أول حالة وفاة تحدث على الأرض.

قال تعالى في [سورة المائدة : ٣١]

بسم الله الرّحمن الرحيم

“فَبَعَثَ اللهُ غُرابًا يَبْحَثُ في الأرضِ ليُريهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيّهِ”

صدق الله العظيم.

فقد علّم الله ابن آدم كيف يواري سوءة أخيه (يدفنه) بمحاكاة الغراب، فرآه ماذا يفعل في موقف مشابه، وفعل مثلما فعل الغراب.

الوسائل التعليمية والحضارات الإنسانية القديمة

عندما نبدأ بالحديث عن عصور ما قبل التاريخ عندما كان الإنسان لا يعرف القراءة والكتابة لم يقف هكذا مكتوف الأيدي متوقف عن التعليم والتعلم، بل استخدم تعبيرات الوجه والإشارات في توصيل المعلومات والتواصل مع غيره من البشر وإلا عاش وحيدًا منطويًا، كما استعان بالمحاكاة والتقليد لغيره من الطيور والحيوانات مثلما شرحنا من قبل، وكان لهذا أكبر الأثر في تعلمه الكثير من أساسيات الحياة التي تؤمن له العيش والاستمرار على قيد الحياة.

ونظرًا لأن هذه الفترة قد سبقت تطور اللغة فقد اعتمد الإنسان فيها على الوسائل بشكلها البدائي بالطبع في نقل أفكاره، وأحاسيسه وتعلمه.

ولعل آثار الإنسان التي اكتشفناها ولا زلنا نكتشفها التي تدل على استخدام الإنسان البدائي للصور والرموز في تسجيل ما يريد توصيله لغيره- هي ما يجعلنا نتأكد أن الإنسان القديم قد استخدم الصور والرموز واتفق عليها مع غيره ليستخدمها كوسيلة تواصل وتعلم.

 

وكما نعلم فاللغة الهيروغليفية القديمة أكبر مثال على ذلك، وكلنا نعرف قدر التقدم وعظمة الحضارة التي وصلت إليها هذه الحضارة الإنسانية القديمة في شتى العلوم. الذي عرفناه من النقوش على الجدران والمعابد وأوراق البردي التي عثر عليها الإنسان الحديث.

كما استخدم الإغريق الكتابة باستخدام الصور والرموز التي تعارفوا عليها وعلى مدلولاتها، نجد ذلك واضحًا في نماذج الأحجار التي تركوها لنا وظلت موجودة آلاف السنين، والكتابات على الجدران والفخار وجلود الحيوانات.

وهكذا فقد اعتمدت كل حضارة من الحضارات البشرية على وسائلها التعليمية الخاصة بها التي توصلت إليها، ولكننا نجد أن الإنسان منذ وجوده الأول على الأرض كان شغله الشاغل هو إيجاد وسيلة للتواصل والتعلم، وكان دائما يصل لهذه الوسيلة ويطورها ويستغلها لمصلحته ونفعه.

 

الوسائل التعليمية والأديان

نجد فكرة الوسائل التعليمية مستخدمة في كل الأديان السماوية الثلاثة بوضوح، فعندما نزلت الرسالة السماوية على موسى (عليه السلام) وذهب لميقات ربه أعطاه الألواح وفيها عن كل شيء وصفًا وتفصيلًا، فكما جاء في قوله تعالى في [سورة الأعراف : ١٤٥]

بسم الله الرحمن الرحيم

“وَكَتَبْنَا لهُ فِي الألْواحِ مِنْ كُلِّ شيءٍ مَّوْعِظَةً وتَفْصِيلًا فَخُذْهَا بِقُوّةٍ وأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا سأُورِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ”

صدق الله العظيم.

فهذه الألواح تعد من الوسائل التعليمية المستخدمة للتعلم.

أما سيدنا عيسى (عليه السلام) فقد كان دائم الوعظ والنصيحة للناس، وكان يستخدم بكثرة أسلوب ضرب الأمثال للناس لكي يتعلموا، وكان متبعوه يسمونه بالمعلم وكانوا هم تلاميذه الذين يتعلمون منه طوال الوقت.

وبعدها حمل الرهبان عن المسيح طريقته في التدريس، فقد استخدموا وسائله في إلقاء الدروس في البيئة الطبيعية للدرس، واستخدموا الوسائل التي تساعد على تحويل التعلم إلى تجربة تؤدي إلى اكتشاف، ومنهم الراهب (كونتيان) الذي كان ينحت الحروف على عظام الحيوانات ويستخدمها مع الأطفال لتعلم الحروف كوسيلة تعليمية

وفي الإسلام عندما نزل الوحي جبريل (عليه السلام) على سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) بالرسالة وأول ما قاله جبريل كان “اقرأ” يذل على أن هذا الدين دين علم، ولقد استخدم نبي الله محمد (صلوات الله وسلامه عليه) وسائله التعليمية لقومه بما يتناسب معهم فتارة بالتقليد، وتارة بالنصح والترغيب وهكذا

فكان سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) يقول للمسلمين: “صلوا كما رأيتموني أصلي” و”خذوا عني مناسككم” فهذا يعبر عن استخدام وسيلة التقليد والمحاكاة كوسيلة للتعلم ونقل الأفكار.

وفي القرآن الكريم والحديث الشريف أمثلة كثيرة على اعتماد التعلم في الإسلام على ضرب الأمثال للتعلم، مثل قوله تعالى في [سورة إبراهيم : ٢٤]

بسم الله الرحمن الرحيم

“أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفِرْعُهََا فِي السَّمَاءِ”

صدق الله العظيم

وكذلك هناك ما يدل على استخدام الصور والرسومات والخرائط، عن بن مسعود (رضي الله عنه) قال: “خطّ لنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خطًا، ثم قال: هذا سبيلُ الله، ثم خطّ خطوطًا عن يمينه وعن شماله ثم قال: هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه، وقرأ قوله تعالى “وَأَنّ هَذَا صِراطِي مُسْتَقِيمًا فَاتّبِعُوهُ وَلَا تَتّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصّاكُم بَهِ لَعَلّكُمْ تَتَّقُونَ” في [سورة الأنعام : ١٥٣] – رواه أحمد والنسائي .

Zafra

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى