مقالات مجد الوطن

وداعا الرمز دكتور النهاري

 

بقلم : خالد فاروق السقا

دون تلويحة وداع فارقنا الدكتور عبدالعزيز محمد النهاري، عضو هيئة التدريس بجامعة ألملك عبدالعزيز السابق، ورئيس تحرير جريدة البلاد السابق، وهو فقد جلل ومصاب أليم لكنها أقدار الله فينا، ولا نملك سوى أن ندعو له بالرحمة والمغفرة وأن يدخله الله تعالى أعلى جنان الخلد، وخالص التعازي لأسرته الكريمة وزملاء المهنة وطلابه ومجتمعنا ووطننا بأكمله فقد كان أحد رموز الإعلام الذين شرفوا مجتمعهم ووطنهم خلال مسيرة طويلة من العطاء والتفاني.
عرفت الفقيد الراحل في مبتدأ حياتي المهنية في الصحافة، ومعه كانت أحلى أيام عمري في جريدة البلاد حيث استفدت من عملي معه الكثير، وكان يرسلني لإجراء الحوارات والتحقيقات الصحفية المهمة وتغطية المؤتمرات الدولية وفي القطاعات العسكرية، لذلك تشربت قواعد وأصول المهنة منه فقد كان “يرحمه الله” مدرسة صحافية وإبداعية تخرج فيها كثير من الأجيال الصحفية.
الدكتور عبدالعزيز النهاري ونعم الرجل، فهو صديق وحبيب الجميع، يخدمهم بكل ما يستطيع، وذلك مما يعرفه عنه كل من عاشره وعمل إلى جانبه، وقد كانت لي معه كثير من المواقف التي لا تنسى، وأذكر أنه ذات مرة طلبني في مكتبه “الله يرحمه” وكلفني بعمل تحقيق صحفي من صفحتين عن جوازات جدة “، وفعلا بدأت باللواء يوسف فاضل رحمه الله كان مدير عام جوازات جدة وتسع ضباط ورؤساء الأقسام بما فيها قسم الأرشيف، ولقي ذلك التحقيق نجاحا كبيرا، وشكرني الراحل وصرف لي مكافأة مالية، وبعدها أصدر قرارا بتغطيتي لكل مناسبات القطاعات العسكرية.
وأيضا لا أنسى أول حوار في الجريدة ساعدني فيه الدكتور النهاري الذي كان أيضا صديقا لوالدي “رحمهما الله” كما لن أنسى شقيقي وليد الذي كان زميلا وصديقا لابنه محمد عبدالعزيز النهاري في مدارس الثغر النموذجية منذ الطفولة، ومحمد نجل المرحوم الدكتور عبدالعزيز النهاري صاحب خلق رفيع وقلب طيب كوالده المرحوم، وكان سببا في أن أعمل في جريدة البلاد بعد اجتياز المقابلة الصحفية بكل اقتدار وبعدها أجريت أول حوار مع معالي الدكتور عبدالله نصيف أمين رابطة العالم الإسلامي، وأذكر أنني كلمت ابنه عمر في ذلك، وكان زميلا أيضا لشقيقي وليد ومحمد النهاري ووافق مباشرة لدرجة أن أستاذ شاكر عبدالعزيز رئيس قسم التحقيقات الصحفية قال لطاقم الصحيفة “دا لسه جاي أمبارح ويعمل حوار مع معالي وزير”، وتم نشره وكانت توجد صفحة بإشراف الأستاذ الفاضل سهيل طاشكندي في نصف الصفحة العلوي، وكان تبويبها استضافة مسؤول والنصف الثاني الأسفل استضافة ابن مسؤول، واستمرت لمدة ست شهور حصلت بعدها علي المستوي الأول في مدن المملكة ومكاتب الجريدة، ووقتها نشرت حوارات مع الأمير ممدوح وابنه، وزير الحج وابنه، وكثير من الأمراء والوزراء، وقد كانت بحق أيام جميلة، الله يرحمهم جميعا.
وذلك غيض من فيض في ذكرى رحيل أحد أعمدة الصحافة السعودية، ولن أستطيع أن أوفيه حقه مهما كتبت عنه وكتب غيري من زملاء المهنية أو أهل الثقافة والأدب والمجتمع، فالراحل قامة كبيرة وله علاقات واسعة عنوانها الكبير هو المحبة الصادقة، وإذا أحب الله عبدا حبب خلقه إليه، ولعل ذلك ما كان عليه الدكتور النهاري، سائلين الله القدير الجليل أن يتغمده بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته، فقد رحل جسدا وبقي رمزا في القلوب له أجمل وانبل وأعطر الذكريات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى