كاتبة/ سحر الشيمي،
sahar_shimi@
في مسارات الحياة المتشعبة الطرق ، تختلف سرعة الخُطا واتساع مداها بين شخص وآخر، كلٌ يأمل الوصول الى هدفه المنشود قبل السقوط في هاوية اللاوجود ، فمنهم من يصل ومنهم من يتعثر ولكنه يقاوم ويتجاوز وان تأخر ومنهم من يستسلم لأول عثرة فلا حراك ولا وصول !،تفكرت لبرهة لماذا ؟ فجاءت بفضله الاجابة ، لفقدهم لبوصلة النجاة من كدر الحياة وشقائها ، فيتيهون بالالتفات حولهم فلا يجدون الا فتات من بقايا ارواحهم التي دمرها الالتفات لما يقال والتدقيق في كل الصغائر والكبار ممن يصاحبونهم الطريق في رحلة الحياة ، سواء اقارب او اصدقاء او عابر سبيل قاده السفر للحظة لقاء؟!..
كثيرا ما يتكرر امامنا مشاهد للفراق وفقد العلاقات وفك الروابط الانسانية او الأسرية ، بسبب التدقيق والالتفات ،
وعدم اتقان فن التغافل والترفع عن تقويم الناس والاصلاح ، فلا تسامح ولا عفو ولا غفران ، فتضيع من بين ايدهم بوصلة راحة البال والاطمئنان ، و يغرقون في دوامة الكدر والشقاء وطول العناء . لفقدهم صفة
التغافل فهو فن يحتاج للكثير من ضبط النفس، وحساب العواقب، واستحضار الأولويات، وهدوء فكري ونفسي.ولا يكون الا بتجاهل الإساءة وغض الطرف عن أمر صدر من عدوّ أو صديق ، ليس ضعفاً، بل ترفعاً عن الخوض في جدال ، يؤدي لتدمير العلاقات ، وقد قال الإمام الشافعي: “الكَيِّسُ العاقلُ: هو الفطنُ المتغافلُ.”
وإن المُدقق والمُتتبع للسقَطات والهفوات شخصٌ محدود التفكير ضئيل الرؤية، لا تتعدى حدوده تحت قدميه، كثيرا من الناس لا تتضح لديه صورة التغافل المطلوب ويظن انه ضعف ونقص في الفكر او غباء،
ولكن الصحيح. انه احسن الناس خلقا ، لانه يعلم باساءة وخطأ من حوله ولكن يتغاضى ويتغافل كرما وترفعا عن سفاسف الامور وتوافهها، قال الشاعر:
ليس الغبي بسيداً في قومهِ
لكن سيدَ قومهِ المتغابي
وكما قال الإمام أحمد -رحمه الله-: “تسعة أعشار حسن الخلق في التغافل”.
،ولننتبه لأمر مهم، وهو أن التغافل والتغاضي لا يكون في حقوق الله وحدوده من الواجبات والمحرمات والأوامر والنواهي الشرعية، إنما يكون في أمور الحياة التي تصدر من اي بشر لنقصه وعدم كماله ، وهذا الخلق الطيب لا يوفق فيه الا اصحاب الحكمة والفطنة ونرى القدوة في سيد الخلق عليه افضل السلام . في توجيه الله له في قوله تعالى 🙁 إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ ) قال: لست عليهم بمسلط أن تكرههم على الإيمان،(٢٢) الغاشية .وكم في زمننا الحاضر يظن انه مسيطر على الخلق ، ويتوهم انه قادر على تغير طباعهم واصلاحهم ؟!،..
فلا نلتفت لعيوب وسقطات من حولنا وننشغل عن وجهتنا المقصودة فندور في حلقة مفرغة لن نجني منها الا فتات ارواحنا ،فالأولى لنا التغافل للوصول الى جنة التفاؤل ، ونرمم ارواحنا وان كسرت ، بسبحان الله وحمده فهي مفتاح كل ضيق لقوله تعالى 🙁 وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ(97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ(98). الحجر.
دمتم بعلاقات متآلفة بالتغافل لا حطام فيها ولا فُتات ،..
0 15 2 دقائق