بقلم / نجود عادل المسلمي
في يوم ما كنت أجلس مع سيدة مسنة في أمسية جميلة.. وهي عربية تقيم منذ عقود في “السعودية”. اعرف تلك السيدة اللطيفة واعرف محبتها لوطننا ولحكومتنا الرشيدة بحكم العشرة وبحكم السنين الطويلة التي عاشتها في حضن الوطن.
تبادلنا أطراف الحديث وتناولنا مواضيع عدة حتى وصلنا الى نقطة مهمة أثارت فضولي.. فقالت جملة على لسان أحد السياسيين في بلدها (أن شعبنا أغنى من شعبكم).. عبارة أثارت استغرابي وأجبتها برفع حاجبي لا ارادياً. قالت: اسمعي يا بنتي .. في بلدي.. حارسة العمارة تملك 7 ملايين رصيداً في البنك، والمتسول يملك الالاف مخبأة تحت جلابيته يجمعها ويدفنها تحت الارض مع الملايين المدفونة سابقاً. فلكِ أن تتخيلي كم حارسة عمارة وكم متسول في بلدي؟ إضافة الى النصابين والأثرياء!!
ثم قالت: ألديك انت 7 ملايين؟
قلت لها: طبعاً لا .. فأكملت حديثها وقالت: هؤلاء يعيشون على جمع المال وكنزه ويضعون (القِرش على القِرش)، إن أرادوا الأكل طلبوا فول مع كاسة شاي، وإن أرادوا الماء (فتحوا الصنبور) إن أرادوا الترفيه جلسوا في الشارع يشاهدون (الرايح والجاي) وكنوع من التغيير يجتمعون للفضفضة، ينامون حيث يعملون مجاناً وبلا مقابل.. وحرموا أنفسهم رغم ما يملكون من التمتع بنعمة المال والحياة وهكذا أصبحوا اثرياء.. أما أنتِ وأنا فإن الحياة التي نعيشها هنا بلا خوف وبلا عنصرية وبكل سلام جعلنا نصرف مالنا لنعيش ونأكل ونشرب ونترفه ونسافر ووو ألخ من مطالب الحياة.
هنا استوقفتها.. وقلت إذن أنا غنية. غنية بالأمن والأمان والعدل الذي جعلني أعيش بكرامتي وبعزة نفسي، غنية بما املك من نعم لا تُعد ولا تُحصى سواء مال أو بيت أو وظيفة أو عائلة. لأقول لذلك السياسي المتباهي بثراء شعبه وعنصريته نحن شعب غني يختلف عن كل الشعوب ، غني بعلاقته بقيادته التي زادته عزة وكرامة ، لم تجعلنا نحتاج لأحد بحمد الله ، نعيش الحرية في حياتنا بفضل الله ، نسير في شوارعنا بأمان ونخرج من بيوتنا آمنين مطمئنين، نأكل ما نريد ونسافر متى نشاء ، ونُظهر نعم الله علينا ولا نخفيها لِتُدفَن معنا!!
نعيش في وطن أمّن لنا ما نريد .. إن أردنا الزهيد وجدناه وان أردنا الثمين وجدناه .. وطن قدم لنا العلاج والتعليم والترفيه مجاناً، ورغم ما يعيشه العالم من أزمة هذه الأيام إلا أن الإنسان لدى هذه القيادة يأتي أولاً مواطن كان أو مقيماً أو مخالفاً لنظام الإقامة، كلهم من يعيش على أرضه في الإنسانية سواء .. وطن قلبه على كل محتاج بالجوار أو في العالم ، معونات لا تتوقف بحمد الله ، وعطاء يمتد لكل بقاع الدنيا ، فتح كل السبل لعون كل محتاج وفقير وسجين ويتيم وأرملة وكل متعفف (بضغطة زر) عبر تطبيقات إلكترونية معتمدة وموثوقة من الدولة لتصلهم بكل حب وسرية تامة.
قدم لنا الوطن الكثير ، واسبغ الله علينا نعمه ظاهره وباطنه ، نؤدي دورنا في الحياة والمجتمع لا نحتاج لأحد إلا الله تعالى لنحقق رسالته في خلقه وهي الإعمار في الأرض . قال تعالى (هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا) فنحن كالغيث أينما حلّ نفع.
وفي كل الأحوال وتحت أي ظروف نقول دائماً (الحمد لله) على نعمه التي لا تعد ولا تحصى ، الحمد لله على أني “سعودية” أنهل من فيض هذا الوطن ، وأعيش في حضنه ، لمست عدله ، وشاهدت فصول تقدمه ، وحكمة قيادته ، وتطور شعبه الوفي .. ويكفي أن مجرد إحساسي بأني سعودية يجعلني أغنى سيدة في العالم .