بقلم : د. فتيحة بن كتيلة – الجزائر .
مرحلة الشباب هي المرحلة العمرية التي تتوافق مع المراهقة المتأخرة، من الثانوي إلى مرحلة التخرج الجامعي أي تقريبًا هي المرحلة التي تبدأ من الخامسة عشر إلى الخامسة والعشرين، وهناك تصنيفاتٌ تقول إلى آخر العشرينات، ومهما كان التصنيف والتسميات، تبقى مرحلة الشباب مرحلة القوة والعطاء، وهي القلب النابض للأمة، والشباب هو المحرك الفعال لمجتمعه نحو التطور والتغيير، وهو العمود الفقري، وعماد الصحوة، تفتخر بهم الأمة، وعلى مدار التاريخ كانوا يتصدون لمواجهة الخطوب بكل قوةٍ وثبات، وما كان الصحابة إلا شبابًا وكذلك القادة الذين غيروا مجرى التاريخ، ما كانوا إلا شبابا، ولكن ليس كل الشباب قادرين على صناعة التاريخ، وتجديد البوصلة، ووضع لبنات البناء والتغيير، بل هناك شباب هم عالةً على مجتمعهم ومعول هدم لأمتهم، لذا نوجه الكلام إلى الشباب الفعال الطموح الإيجابي، الشباب المتسلح بالعلم النافع، وليس طلب العلم لأجل الشهادة أو الوظيفة أو الشهرة، بل ينبغي أن يكون طلب العلم طريقٌ لمعرفة الله، وسبيلٌ للنهوض بالأمة، وتكون له طريقة منهجية في التفكير بعيدًا عن التعصب والعنجهية، كما يجب عليه التحلي بالأخلاق الفاضلة والقيم السامية والمبادرة لقول الحق والنهي عن المنكر، ولا يستعرض ذلك على مواقع التواصل الاجتماعي، التي وللأسف صارت ملاذًا للشباب، فصار سلاحهم فيها مضغ الكلام الفارغ والتشدق، والمجادلات التافهة والخصومات العرقية والقبلية، التي تثير النعرة والسلوكيات الجاهلية من حقدٍ وخصام، فصار عندهم تصورًا ومفهومًا مشوشًا ابعدهم كل البعد عن فهم الواقع والتخطيط للمستقبل، فلا يفرقون بين الأصول والفروع في القضايا المهمة للنهوض بالأمة، أو بمجتمعهم، فخلطوا ترتيب الأولويات وضاعوا في اللغو والخصومات، فتجدهم يدافعون عن فكرةٍ أو رأي، دفاعًا مستميتا، وهي قد تكون فكرةً باطلة ًشرعًا وقانونا.
فليس من الإسلام أيها الشاب المسلم أن تكون متفرجًا على الأحداث التي تدور حولك ولا تصنعها أو تشارك في صنعها، وتبقى واضعًا القدم على القدم متفرجًا منتظرًا جان سليمان ليضع لك مقاليد الحياة الجديدة، أو تنتظر الفانوس السحري قائلًا لك (شبيك لبيك المارد بين يديك)، فواجبك أن تبذل الجهد وتسعى في الوصول إلى أهدافك النبيلة، وكل ما ينفع أمتك ويطور مجتمعك من فكرٍ وعمل، ولا يكون أكبر همك في الحياة نوع سيارتك، أو نوع حلاقتك أو عطرك وملمس بشرتك.
فالشباب اليوم مطالبٌ بطلب العلم النافع وبكل إخلاصٍ وتفان، كما يبذل جهده في تعلم المهارات الحياتية، وصنعة أو حرفة يقتات منها رزقًا حلالًا، ولا يكون عالةً على والديه، وأن يكون واعٍ بما يدور حوله من حيثيات العالم، ويواجه هذه التحديات بكل قوة ورباطة جأش، لا بالبكاء والعويل كالنساء عند كل مأتم، أو من خلف الشاشات فهو سلاح الضعفاء، كما يجب على المجتمع وكل مؤسسات التنشئة الاجتماعية أن تساهم في توجيه الشباب وتساعده على فهم الحياة، وكيف يحل مشكلاته بطرق علمية فعالة ويغرس فيه القيم والمعاني السامية وذلك من خلال القدوات والمدارس والندوات والمحاضرات التوعوية، علينا أن نغرس في نفوس شبابنا كيف يواجهون الأخطار والخطوب بثبات وعزيمة وقوة، ونتمسك بحبل الله ونلجأ إليه، فلا نصر إلا به وكل نصر بعيدًاعنه فهو باطل