الكاتبة/ سحر الشيمي،
sahar_shimi@
ما بين عشية وضحاها بل، مع كل طرفة عين، تتبدل وتتغير أحوال البشر بأقلام القدر بأمر ملكي سماوي لا يتدخل به أحد ،
تأملت صور مختلفة قد تحدث في آن واحد ، يتفاوت فيها البشر ، في الرزق ، الصحة، المال،ولادة أو موت الخ… من الأحوال التي قد يرتفع بها أقوام ، وينخفض آخرين ، فخطرت لي آية تجمع هذه الصور في قوله تعالى؛( وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ۗ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ). 165الانعام . اختلف الناس في درجاتهم ،في القوة ، العافية، الرزق والخَلْق والخُلُق. لحكمة الإختبار للنفس الآدمية وسلامة القلوب ، التي بها تتفاوت الأعمال ويترتب عليها الجزاء ؟!،.
في خضم هذه الأحداث نرى كثير من الناس في قلوبهم مرض خفي يتجلى ويظهر عندما يرى غيره ، قد ارتفع درجة عنه في الرزق أو أمور أخرى،كان يتمناها فلم يحصل عليها أو قد تكون بين يديه نعم عظيمة مثلها او أكثر ،ولكن مع ذلك يتحرك قلبه بالغل ، الحسد ، الحقد والسخط الشديد على القدر ، فيبدأ بالندب والعتب ، لماذا فلان وانا لا ؟! ، وهذا ليس من حق فلان وانا احق منه بذلك ؟!..،.. وهكذا ،.وقد تشتعل نار الغيرة وعدم الرضا بما قسم الله فيسلك اقرب الطرق لابواب الغل والحسد الموصل للغدر . بصور متعددة تؤدي الى الطغيان في الخصام والضغائن، من هتك ستر مسلم، تتبع العورات، محاولات تصيد الزلّات، محاولات تشويه صورة شخص والإفتراء عليه، السخرية منه، وقد يصل الأمر إلى كراهية يصاحبها رغبة في الانتقام من الشخص المكروه ، إلى حد إفنائه أو إلغائه من الوجود.فهذا المرض الغادر بقلب الانسان قد اجتاح كثير من البشر في وقتنا الحالي ، فلابد من الوقاية منه، وتعقيم النفس وغسل القلب اليومي من هذا الغل بالقرب من الوهاب الرزاق والرضا عن اقداره
ويحب لغيره ما يحب لنفسه ، وليعلم ان ما قسمه الله له هو خير ، ليصل بذلك لصفات اهل الجنة لقوله تعالى : {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} [الأعراف:43].ويلقى الله بقلب سليم يوم لا ينفع مال ولا بنون ، وكما نحترز اليوم من جائحة صحية للجسد فلنحرص على وقاية القلب وتعقيمه من الغل والحسد المؤدي للغدر فهو ادهى و أمرّ ، دمتم بقلوب سليمة قادرة غير غادرة .
همسة أخيرة :
ارضى ما قسم ربك ولا تسخطُ
تقي القلب وانت تقدر فلا تغدِرُ
0 9 2 دقائق