تصحو صباحا و أنت متفائل ، تدعو الله أن يكون يومك كله خير
إلا أن البعض من الفجر يبدأ يتذمر و يشتكي دون سبب .
عندما تقلق تجاه أمر ما،
لابأس أن تمارس بعض السلوكيات التي تنم عن ردة الفعل تجاه التعب أو الضغط من المسؤوليات في العمل لكن التذمر معظم الوقت لتخفف من الغضب المتراكم في داخلك سيكون له نتائج سلبية.
التذمر و سيلة تعبير عن عدم رضا تجاه واقع أو تصرف ما ، و يساهم الاستياء في تشكيل انطباع معين عن ذاتك في عيون الناس و من الممكن أن يكون الاستياء رسالة لأحد الأشخاص بأن عليه أن يراجع تصرفاته أو سلوكياته .
إن التذمر و الشكوى من حدث عابر أو من حالة طارئة أمر طبيعي…
لكن التذمر و الشكوى عند بعض الناس سمة و عادة بصفة مستمرة .
المتذمر يشتكي من قلة التوفيق في حياته و من سوء الحظ و ظلم الآخرين و من جفاء الأهل و الأصدقاء و من سلوك الناس و من زحمة الطريق و من أسعار الماء و الكهرباء و من الطقس ومن كل شأن في الحياة .
المتذمر إنسان لا يرى سوى ما يثير الشكوى فحتى المناسبات التي يفترض فيها التفاؤل و الفرح كحفل زواج مثلا
، تجد المتذمر يبحث عما يتيح له الشكوى كطريقة تقديم القهوة أو نوعية الحلويات أو مكونات العشاء .
و هكذا يمضي وقته في البحث عن السلبيات و تجاوز الإيجابيات ، و يمثل دور الضحية للهروب من اللوم الذاتي ، و هو يعزز الأعذار لنفسه .
البعض قد يستمر في معاناته فهو حقيقة لا يرغب أن تنتهي تلك الآلام فهي المهرب و العذر له من مواجهة تحديات الحياة .
التذمر و الشكوى حالة معدية فكثير من الناس ما يتأثر بصديق أو قريب ممن ابتلي بهذه الحالة فتجد أن فئة من الناس يمثلون شلة لا يجمعهم سوى التذمر و الشكوى .
الإنسان السوي ينفر من كثرة التذمر و الشكوى لذلك المبتلي بتلك الحالة يعيش شبه عزلة عاطفية عن محيطه من الأهل و الأصدقاء مما يعزز لديه الشعور بالظلم و الجفاء و هكذا ينحبس في دائرة مغلقة من التعزيز السلبي .
لمساعدة نفسك إذا كنت شخص متذمر :
– افهم لماذا تشعر بالحاجة إلى التذمر:
حاول استبدال هذه الآلية غير الصحية بآلية صحية هي تحديد متى ولماذا تظهر .
يمكن التذمر أن تكون سلوكا مكتسبا ، حيث يتعامل بعض الناس بهذه الطريقة لأنهم نشؤوا في أسرة مكونة من متذمرين، فيصبح فعل التذمر جزءاً من طبيعة الشخص .
وللتعرف على آليتك ، عليك مواجهة نفسك بعد كل مرة تتذمر فيها ، وفيما يأتي بعض الأسئلة التي عليك أن تسألها لنفسك:
– بماذا أشعر الآن؟
– هل التذمر بشأن هذا صحيح؟
– ما الذي يمكنني القيام به لحل المشكلة التي أتذمر بسببها؟
– هل مِن شخص يمكنه دعمي في حل هذه المشكلة؟
– هل يتكرر التذمر بخصوص هذه المشكلة، أم أنه حدث لمرة واحدة؟
كن حذراً عند مواجهة نفسك، فهذا ليس وقت إطلاق الأحكام أو الحديث الذاتي السلبي .
يمكنك بمجرد تحديد المصدر بالتراجع عن ردود الفعل التلقائية التي تتمثل في التذمر، وتعلم كيف تستجيب لتحقيق هدف ما وبرؤية واضحة.
جد مساحة تعبر فيها عن مشاعرك بطريقة صحية:
لا يعني تخليص نفسك من سلوك التذمر أنك إيجابي ومبتهج باستمرار؛ ذلك لأن تطوير هذه العملية يستغرق وقتا ويتطلب الصبر و لا تتوقع الكثير في مدة قصيرة جداً، فمن المحتمل أن ينتهي الأمر بك وأنت أكثر إحباطاً وعرضة إلى التذمر .
لذا عليك إيجاد مساحة للتنفيس بعد مرور المشاعر السلبية، فهذه وسيلة للتعبير عن الإحباط دون العواطف العكسية التلقائية التي تغذِّي سلوك التذمر.
اعرف أثر التذمر فيك:
لعل الجانب الأهم في سلوك التذمر هو فهم أنك الطرف الذي يشعر بالألم الأكبر ، فصحيح أن هذا السلوك قد يشعرك بتحسن في اللحظة الحالية، لكن عواقب الحديث السلبي وخيمة؛ فقد أثبت العلم أن التذمر يتسبب بإفراز هرمونات التوتر في دماغ كل من المستمع والمتحدث، وأنه يمكن لهذه الهرمونات أن تؤدي إلى تدهور معرفي ومشكلات في القلب والأوعية الدموية والجهاز الهضمي.
يُشعِرنا التذمر على المستوى العاطفي بالسوء، لا لأننا غير قادرين على حل المشكلة من خلال التذمر فحسب، بل لأننا نطيل الوقت الذي نمضيه مع الأفكار السلبية ، وبعبارة أخرى، نحن نسرق السعادة من أنفسنا دون أن نجد حلاً للمشكلة ، لكن لا يزال بمقدورك وفي أي لحظة اختيار تغيير منظورك.
تظاهر بالسعادة:
ليس عليك أن تشعر بالسعادة لإثارة مشاعر السعادة، حيث أثبت العلم أنه يمكن من خلال محاكاة مشاعر السعادة تغيير الاستجابة العاطفية التي تتبعها، ويعرف هذا باسم “فرضية ردود فعل الوجه”
لتعزيز هذه الفكرة، أجرى عالم النفس والدكتور في جامعة ييل “سيجال بارساد” دراسة وجد فيها أنَّ السعادة مُعدية ،
فعندما يدخل شخص إيجابي إلى الغرفة، تزداد إيجابية المجموعة بأكملها، ويصبح الأداء في العمل أفضل أيضاً.
لذا، في المرة القادمة التي تشعر فيها أنك على وشك التذمر، أرغم وجهك على التحول إلى وجه سعيد واستند على التأثير الذي ينتج عن قول شيء إيجابي لأول شخص تراه، ودون ما تشعر به بعد بضع بعد بضع دقائق
تحد نفسك:
اجعل من هدف عدم التذمر تحدياً جديداً، فذكر نفسك بأن هذه العادة قد ترسخت في داخلك لسنوات، ولهذا فإن التغيير يستغرق وقتاً.
الشيء الهام هو أن تتعرف على سلوك التذمر عندما يحدث وتحدد مصدر آلية التعامل ثم تحول عقلك (ووجهك) إلى نظرة أكثر إيجابية .
لذا احتفظ بمفكرة يومية خلال خوضك لهذا التحدي، واكتب أفكارك ومشاعرك اليومية، وستتمرن بمرور كل يوم على التخلي عن سلوك التذمر وتكون شخصاً إيجابياً ويرتقي بمن حوله قبل حتى أن تدرك هذا.
ندى فنري
أديبة / صحفية