إن الحضارات العريقة التي يواكب علوها قمم السماء ابتدأت جذورها من التراث منذ الأزل
و إن التراث الذي خَلفهُ الأقدمون هو الذي أوصل الإنسان اليوم إلى ما وصل إليه.
لقد مكنت رؤية ٢٠٣٠ المواطن السعودي من الاستفادة من مكتسباته و قدراته الوطنية واستنهضت في الإنسان كوامن قدراته التنموية وكان ذلك من عدة انماط و أشكال رسمت تصدر الشخصية السعودية في المشهد المحلي والعالمي التي انبثق عنها تمكين الرؤية التي اولت اهتمامها بالإنسان السعودي و تراثه المادي والغير مادي. فقد أولت المملكة العربية السعودية اهتمامها بهذا الشأن بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين محمد ابن سلمان من خلال رؤية 2030 وتشكل عن ذلك ما تقدمه وزارة الثقافة بقيادة الأمير بدر بن عبد الله بن محمد بن فرحان آل سعود التي جعلت من الموروث السعودي شكلا عالميا من خلال أنشطة هيئة التراث التي جعلت من الهوية السعودية شكلا متحركا حيا يتطلع اليه العالم أجمع.
إن هذا الدور الذي قامت به وزارة الثقافة شجع وسائل الإعلام للعناية بظهور التراث السعودي بعدة انماطه واشكاله وقد أدى هذا الدور الريادي من الوزارة لإظهار التراث في كافة مناطق المملكة العربية السعودية وإظهار جمالياته في عدة صور تُعبر عن الهوية الحقيقية للتراث السعودي.
تعد احتفالية المملكة العربية السعودية بيومها الوطني 93 ظاهرة عالمية وطنية يفخر فيها أبناء هذا الوطن العطاء بإبراز ولائهم وانتمائهم للوطن ولقيادته الحكيمة من إظهار احتفاليتهم في عدة أشكال وانماط وكان من ضمن ذلك جمال الإنسان في اعتزازه بوطنه الذي هيء له ان هذا الوجود المتفاعل مع العالم من خلال إبراز وجوده واعتزازه بوطنه وتراثه ليمثل من خلال ذلك صور التراث السعودي العريق الممتد من جذور عريقه في ابهى صور الفخر والاعتزاز .
ومن أوجه هذا الفخر والاعتزاز بالوطن الغالي تلك اللوحة التراثية التي رسمها أبناء جبال خولان بن عامر تلك الجبال التي تقع في جنوب المملكة العربية السعودية بمنطقة فيفاء التي تعد انموذجاً تراثيا متجلياً يرسم شكل حضور تفوق المشهد التراثي السعودي التراث من خلال اهتمامه بتراثه المادي والغير مادي
تعد المكتسبات الطبيعية َالتي تمتلكها منطقة جبال خولان ابن عامر من مقومات جغرافية و مناخية و جمالية مشبعة بجمالية الطبيعة مكانا خصبا للحياة التراثية ومن أشكال هذا التراث الجمالي الزي واللباس الذي كان يلعب دورا كبيرا في رسم شكل جمال الموروث في منطقة جبال خولان بن عامر ومن خلال اللباس الذي يعد إلى الآن زيا يرتديه الناس في هذه المنطقة الجبلية شكلا يدل على الاعتزاز والتمسك بالموروث الحضاري الذي هو اساس أي تقدم .
تأتي منطقة فيفاء أنموذجاً جماليا مكانيا و تراثيا يرسم ويشكل هذا في التشكيل التراثي في عده صور وانماط من ضمنها الزي واللباس في شكل اللباس كما نرى في (رداء الرجل في جبال خولان )للتعبير عن جمال تراثه وهويته التي تُجسد المشاعر و الإعتزاز ،ويعد لباس الرجل في جبال خولان متقن بتمسكه إلى وقتنا المعاصر فهو يجسد صورة التمسك و الأصالة ، فهو يتكون من المصنف، وهو ازاراً غالباً ما يكون أبيض في أطرافه خطوط ملونه وهو يستر ما فوق السرة إلى نصف الساق تقريباً، و يُلبس فوق هذا المصنف حزام من الجلد يثبت فيه اسلحته المكونة من الجنبية أو الخنجر أو لبس حزام ( المسبت)، في حالة وجود مسدس معه، خاصة لتثبيت الرصاص، وهذه الاسلحة دائما يحملها اينما كان،و البعض يقوم بحمل البنادق بطريقه شبه دائمه.
أما شعر الرأس ففي معظم الاوقات يكون مفروقاً من الوسط ويُلبس فيه الفضة وما إلى ذلك مع وضع بعض الاشجار العطرية كالكاذي و البعيثران وغيرها من النباتات العطرية هذا هو اللباس التقليدي للرجل في جبال خولان .فالإحتفاء بهذه الهوية التراثية
يُعبر عن انتماء الشعب السعودي لهذا الوطن في مشهد متلون بالجمال ،إن إبراز هذا التراث و الإحتفاء بهذه الهوية التي تحمل الأصالة و التمسك في ابهى صور الفخر و الاعتزاز حيث الإحتفاء بزي الرجل السعودي بهذه الهوية يُمثل صورة و مشهد حضاري ممتد من جذور الإرث الذي هو أساس كل تقدم.
و هذا ما يسهم كثيراً في دعم تواجد التراث السعودي عالمياً و كذلك يُحقق هدف غرسه في الأجيال جيل بعد جيل للحفاظ عليه من الاندثار وجود قيمة التمسك و الأصالة التي هي جذور للفخر و الاعتزاز و التي هي أساس الحضارات العريقة و توهجها.
الكاتبة/ نورة عبيري