مقالات مجد الوطن

الحنان هو الضمان للحب 

 

تولد السعادة من حب الغير ، و يولد الشقاء من حب الذات ، و الحنان صفة من صفات الرقي الإنساني، التي يتمتع بها الكثير من البشر ذكور وإناث ، و تلعب دوراً في تعاضد الأفراد ، خاصة التي تربطهم علاقات اجتماعية متقاربة ، كالأسرة و الأزواج و الأصدقاء ،و قد يتسم بها أصحاب المهن كالمربيات و الممرضات و المشرفين على رعاية المسنين ، أو من يتعاملون مع ذوي الاحتياجات الخاصة.

 

إن الشعور بالعطف و الرحمة

تجاه الآخرين ، و الحرص عليهم من أي أذى ، يدل على منتهى الحنان و هذا يجعلنا نميز بين الشخص الحنون من غيره ،فالشخص الحنون يحرص على تأمين حاجات الآخرين كالمآكل ، و النوم و حفظ الأغراض الشخصية من الضرر ، و السؤال الدائم عن الأهل و الأطفال

و الأصدقاء ،فهو شخص يهتم بمن حوله دون انتظار من الطرف الآخر أن يرد عليه جميل عطفه ..

 

تقترن صفة الحنان بالتسامح ،و المحبة و الترفع عن أخطاء الآخرين ،و المسارعة لمواساتهم ،مما يقوي العلاقات الأسرية ،فغالبا المرأة تحتاج أن يحنوا عليها زوجها،و الرجل يحتاج لهذه الصفة في زوجته لتهون عليه وطأة الحياة ،و ظروفها المختلفة ،و الوقوف إلى جانبه في السراء و الضراء ، قال تعالى في كتابه العزيز { و من آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة } و المقصود من المودة و الرحمة الحنان و الشفقة .

 

كما أن الحنان يساعد المراهقين على تجاوز أزماتهم النفسية، التي يواجهونها ،خلال مراحل عمرهم الممتدة من عمر الاثنين عشر عاماً إلى ثمانية عشر عاما، و يحمي الأطفال الصغار من الفساد الأخلاقي و الأنحراف لأنه يساهم في تهذيب النفس و تقويمها، و هي صفة ليست مقتصرة على الإنسان فالحيوان يحنو على صغاره و يداعبهم و يحميهم من أي خطر يحدق بهم …

 

هل يهتم الإسلام بموضوع الحنان ؟

 

نعم الإسلام علمنا الحنان، و الحنَّان من أسماء الله الحسنى، و هي صيغة مبالغة من الحنون، أي الذي يحنو على عباده ، لأنه مصدر الحنان في الأرض و السماء .

 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأى يوماً امرأة ترضع طفلها :

أتظنون أن هذه ملقية ولدها في النار ؟ قالوا :

لا يارسول الله ، قال الله أرحم و أحن على العبد من هذه المرأة …

 

لذلك ينبغي على المسلم أن يدعو ربه ” ياحنان يامنان ” أي الذي يحنوا على عباده و عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

يبقى الرجل في النار ينادي ألف سنة ؛ ياحنان يامنان …

 

و الله سبحانه وتعالى قال في كتابه الكريم { يا يحيى خذ الكتاب بقوة و آتيناه الحكم صبياً و حناناً من لدنا و زكاة و كان تقيا } سورة مريم .

 

و روي أن عن عمر بن الخطاب أمر بكتابة عهد لبعض الولاة فأقبل صبي صغير فجلس في حجره و هو يلاطفه و يقبله فسأله المرشح للولاية ،أتقبل هذا يا أمير المؤمنين ؟

إن لي عشرة أولاد ما قبلت أحدا منهم و لا دنا أحد مني …فقال له عمر ، ما ذنبي إن كان الله عز و جل نزع الرحمة من قلبك ، إنما يرحم الله من عباده الرحماء ..ثم أمر بكتاب الولاية أن يمزق و هو يقول إنه لم يرحم أولاده فكيف يرحم الرعية !!! و يقصد أن الرجل غير حنون على أبنائه …

 

آثار الحنان على العلاقات بين الناس :

 

– تحفظ العلاقات الأُسرية من النمطية والتباعد الذي جلبته الحداثة بين أفراد الأُسرة الواحدة.

– تجعل صاحبها مُنطلقاً نحو الحياة، وسهلاً في التعامل مع الآخرين.

– ⁠تُكسب الأجر لمن يتمتع بها، فهو يُفضل الآخرين على نفسه في أغلب الأحيان، ويشغل باله لأجل راحتهم.

– ⁠تعزز مفهوم الأُخوّة الإنسانية، ولا سيما في المِهن التي تتطلب التحلي بها

– ⁠تسمح للطفل بالنمو الآمن وتعزز ثقته بنفسه، وتزيد مهاراته العقلية، وترفع مستوى أدائه الدراسي.

– ⁠تحفظ العلاقة الطيبة بين الزوجين و لا ننسى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وافته المنية على حجر عائشة رضي الله عنها حيث قالت ” فلما كان يومي قبضه الله بين سحري و نحري و دفن في بيتي ” و اختار هذه الموتة بعد أن استأذن زوجاته أن يموت في بيتها .

– ⁠يساعد التعامل بها مع المراهقين

 

الحنان لا يكلف شيئاً فنحن بحاجة إليه في هذا العصر المادي ، و هو السكر الذي تحلو به أيامنا، و هو الشعور الرقيق الذي يقطع روتين الحياة و رتابتها ، كما أنه حل لكثير من المشكلات الزوجية المعاصرة .

 

ندى فنري

أديبة / صحفية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى