مقالات مجد الوطن

كفوف فارغة

 

ا/ ليلى حكمي

 

توجد هناك كفوفُ فارغة تمامًا مهما وضعنا لها من مكعبات الثلج شلالات باردة مهما تقاسمت معنا الرداء الوحيد الذي يسعدنا ، وأنا أتأمل خيوطه اللامعة نهاراً، ولقمتي الساخنة المحشوة باللطف والإحسان ، كم من أيادٍ عهدتها والعهد أزاح خطاه رويداً،

لاتحملُ خطوطًا متعرجة وحتى إن قامت فهي تقوم بمقام اللطم ، والجحود ، لاغير !

ذابت أمام ناظري في المنعطف ، بالقرب من بيتي القديم المهجور كل الرسائل القديمة لقد ذهبت !! وخطاي لها ساقان نحيفتان تدثر عيني وتخشى السقوط من تلك العيون التى كانت قديمًا تلمع ذهبًا وتبرق لي وأنا أجود وأسمع صوتي من أعالي المنابر القديمة يصيح بداخله لم يكن هناك شيء يستحق أي شيء مني سوى نفسي ؛؛

حينها نزلت !! وهرعت لزيارة صفحات قديمة كنت أعرف معالمها ومكانها جيداًوكانت تستقبلني بسرور وترفع من شأن حبري وهامة أقلامي صفحات بها عمر السنين في ملامح الأربعين ، كنت أنا من يبحث عن رد المعروف ولو

بكلمة شكر فقط لاغير !

وتقلبني نارًا لأعرف من أين أبدأ كي تنطفئ ، لمست يدي وحضنتها ،، وقلت لابأس أيها النار وأقمت التهم ُ على ذاتي البريئة بأن عدسة عيني يسكن بها غشاوة أو شيء من قوة نظرها ولّى مع العمر ؛ لكن كل شيء قد كان يسير بجانبي بعتمة وتموت أمامي نجومُ !! وتسقط ماذا هناك ؟! هل من لايستحق ، حان وقته لينتزع قناعًا رديئًا لم يكن يحتاج حتى أن ينزع ، كان كل شيء قد ظهر منه عندما اشتدت حرارة اللؤم منه وبدأ يذوب في كذب النفاق أني وجدته ،ملقي في ضعف التراحيب ، وتغير الملامح ، وفي كوب السكر نبرة ساخنة أذابته حتى احترق وحينها فقط تفرغتُ لمواساة نفسي ولم أعد حينها أخاف أي ملام وممرات السطور تعبر طريقها ، حازمة أمتعتها للذهاب الى مكان الأموات إذا مات اللئيم لانقيم عليه العزاء ، وجوه المكابر في الخذلان و مجاهر كموت الماء على الصخرة هذه المرة ، إنك بريء أيها الزمان ، اتركني أرجوك واذهب لمحاورة المواقف السخيفة التى تختبئ في جيوبك ، وترمي بكل التهم عليك !!نعم أنت !! أين هو موقف الجاحد ؛ اقتربت منه

إذا به ينبعث من عينيه وجسده رائحة نتنة تسمى النكران ،

وجاهداً أنا كنت من أُعيد الكلام وأنتزعُ نظارتي الجديدة من غمدها ، ولكن لا هي تلك الأسطر ؟ ولا هي تلك النفوس ؛ لايوجد سواي يقف وكل الحروف تصعد وتنزل بحنجرتي تلك المواقف رأيتها يومًا ما في توقيع عهود كاذبة ، وكل الكلام المحلى بالعسل وضع بنفس القنينة الزجاجية التى تحمل بداخلها سمٌّ له لون العسل ومذاقه ،

زرتُ حينها سدرة الوفاء المتكئة لسنوات خلف جدران

منزلي القديم المنعزل بذاته عن مد يديه للمسألة كما هم حين ذاك ، واجهني غصن السدر والأوراق مازالت نائمة وصافحني ورحب بوجودي حين لم ترحب بنا !هي تلك الكفوفُ التى علمناها جيداً !!! كيف أن تلتقط فاكهة النبق الصغيرة الحمراء وتتذوقها ، هي بحد

ذاتها أصابع الخذلان التى خفنا عليها يوما ما من وخز شوكة شجرة السدر ، هي من كانت لنا الأصيلة ، وذكرت الشوك إياه .!!! بمن أكن أنا !!

وقفت وتريثت قليلاً وكأنني سمعتُ صوت فئران المنزل القديم تقرض من بقايا الخبز والحبوب الذي قد زرع وأثمر من بقايا غيثنا ، عبئًا على خاطري !!! لقد تذكرت الفئران وجه الإحسان الذي تناثر بكل مكان!! قفز من أمامي فأر وأخذني الى فناء الدار القديم العاجز ؛ ياله من

فأر مسكين مازال خائفًا مني ، وقد شهد العهد وشهد ممرات خطوط تساقط بها بعض من حبات الأرز والحبوب .

في أيام قد كنا فيها نحرمهم ؛ وكم قد حاولنا كثيرًا أن نطعمهم السمَّ ونطعم الجاحد العسل ، ركض أمامي مسرعاً بحث معي في الأوراق القديمة لم يأكل منها شيئًا تركها لحين عودتي إليه مرة أخرى كان بالفعل منتظرًا لعودتي يوما ما ،

كان ينظر إلي ويهربُ مني ويعود لي ثانية ، حينها مسحت بكفي على تراب الفناء الشاحب وبه بعض الأشياء القديمة غير الصالحة للاستعمال من حديد ومن براميل ومن حذاء واحد تبادل مع الشمس اتفاقية البقاء ، وأخذت منه لونه

وقوته وأخوه الذي كان يخطو خطاه ، وأشار لي الفأر بأنه

يوجد هنا أعشاب صغيرة خضراء وأنها تزهر دائمًا في فصل

الربيعُ .

عجبتُ إذا العيون وهي ترى صنائع المعروف تجهله وتعجب بي حد العجب !

بذكر شجرة السدر ، رائحتي واسمي ؛؛؛

نعم لم يكن بوقتها النبقُ يانعٌ وحلو وأحمرُ ،

لكنها قدمت لي الأخضر كاعتذار وحشيمة ، للعيش والمأوى

وللجدار القديم الذي قد كانت تستند عليه ولم أقوم بهدمه ،

وأيقنت حينها من امتداد د الظل من تحتي وأنه لم ينس عهدًا مضى بيننا ، ولم يجحد أو ينسَ كم أنه قد تسلق هذا الظلَّ على ظهري ، نظرت إلى نهاية شجرة السدر الشامخة فوجدت مساكن النحل لم تفزع يومًا ما ملكة النحل وهي قد أوت إليها الجنود وكل يوم تتذوق من العسل قبل أن تعطيها الرحيق لتطمئن ضمير الأوراق بأنه مازال كما كان صافيًًا وحلو المذاق ، ولكنِ!! عجباً ماذا قدمت لها !!

أنا ونفسي وشجرة السدر المسنة لم تنس ذلك !!!

تبًّا لقد كررت نفس الخطأ القديم ،

أخفت الفئران التى بقيت على العهد ، لقد هربت من صوت

الباب القديم ، تناسيت أنها زرعت لي من المعروف شيئًا بمجرفة التراب ، التى يوماً ما رميتها به لأصطاده ، كم كنت جاحدة أنني يومًا ما أعطيتُ كل ماعندي ))وكل غالٍ لعيون بريقها مزيف بالسواد ، ذهبت رحلة في ممرات طريق منزلي القديم وفي نفسي المهجورة ولم أجد هناك أي شيء كان يستحق ، رجعت من هناك بكفوفِ فارغة تماما ، يحملني الندم على ظهره المحني ويقول لي : مابالك صامتة ؟ نعم إنني مدركا حقًّا الألم الذي تشعرين به من خنجر مسموم بالخذلان ولكن لقد كررت مرة أخرى خطأك !! كان بإمكانك أن تقدمي شيئًا من الشكر؟ وإني لا أرى شيئًا منك يستحق غير أنك الآن قبل أن أحملك ونغادر هذا المكان !! أن تصافحي وتلحي بالاعتذار الذي ربما لن ولم يكن مجدٍ الآن ؛العذر العقيم منكِ فقط للفئران .

ً

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى