
فاطمه بكري
جازان _ العارضة
في أحد الأيام الهادئة، حيث كان النسيم يهمس بين أغصان الأشجار وتغني الطيور بألحانها الرفيعة، كان هناك حقل صغير محاط بالأشجار الخضراء. في هذا الحقل، كانت هناك زهرة فريدة من نوعها، لا تشبه أي زهرة أخرى. كانت وردة حمراء، لكنها لم تكن وردة عادية، كانت أجمل وردة في الكون.
من بعيد، كانت تبدو كنجمة صغيرة في قلب الطبيعة، تشرق بابتسامة مشرقة تحت أشعة الشمس. كانت بتلاتها تنبض بالحياة، كأنها تحمل في طياتها قصة طويلة من الأمل والحب. كلما اقتربت منها، كنت تشعر برائحة عطرها الذي يمزج بين الحلاوة والدفء، ويأخذك إلى عالم آخر، حيث لا توجد إلا السعادة والطمأنينة.
ولكن، لم تكن هذه الوردة قد نشأت في الأرض السهلة. كانت قد زرعت في زاوية صغيرة، بعيدة عن أنظار الجميع، حيث لا يمكن للآخرين أن يروها بسهولة. كانت تتحدى الرياح العاتية، تتمايل تحت الأمطار الغزيرة، وتواجه كل تحدٍ بكل قوة. رغم كل ما مرّت به، بقيت صامدة، لأنها كانت تؤمن بأن لكل زهرة وقتها لتتفتح، وأن الجمال لا يأتي إلا من بعد المعاناة.
مرت الأيام، وأصبح الحقل مكانًا مفضلًا للزوار. كان الجميع يتنقل بين الزهور، ولكن لا أحد يلاحظ تلك الوردة الحمراء في الزاوية البعيدة، حتى جاء شخص واحد، رجل مسن ذو لحية بيضاء وعينين مليئتين بالحكمة. اقترب من الوردة وابتسم ابتسامة خفيفة، وكأنه يعرف سرها.
قال لها: “كنت أعلم أنك هنا، كنت أعلم أن هناك زهرة ستكون الأجمل، لكنك لم تنتظري أن يراك أحد، لأنك كنت تنتظر أن تفتحين على العالم في الوقت المناسب.”
هزت الوردة بتلاتها وكأنها توافقه، وتفتحت أكثر، ليكون جمالها لا مثيل له. في تلك اللحظة، أدرك الرجل أن أجمل الأشياء في الحياة ليست دائمًا تلك التي تكون ظاهرة للجميع، بل هي تلك التي تنمو بصمت، وتنتظر اللحظة المناسبة لتكشف عن جمالها الحقيقي.
هكذا كانت أجمل وردة. لم تكن هي الأكثر شهرة، ولا الأروع من بعيد، لكنها كانت تملك نوعًا خاصًا من الجمال، جمال ينبع من الصبر والقوة والإصرار على أن تكون نفسها، حتى لو لم يراها أحد في البداية.
ومنذ ذلك اليوم، أصبح الحقل وجهة الجميع، وأصبحت تلك الوردة هي رمزًا للجمال الذي لا يُرى إلا بعد أن يمر ببعض اللحظات الصعبة، وهو الجمال الذي لا يعرفه إلا من يتأمل الحياة بعين القلب.