الأحساء
زهير بن جمعة الغزال
الطفل الوحيد قد يكون خجولاً إنطوائياً أو متسلطاً نتيجة للتدليل والتساهل.
* ليس هناك إرتباط بين الطفل الوحيد ومرض التوحد..
* التربية الصحيحة في مرحلة الطفولة من أهم عوامل الإستقرار النفسي للإنسان طوال حياته.
* يجب على الأبوين أن يشجعا الطفل على الإستقلالية وعدم الإلتصاق الدائم بهما.
* معرفة طبائع ونفسيات من ستتزوجه أمر مهم.
كثير من الأسر قد يهبهم الله إبنا وحيدا بمفرده أو إبنا مع مجموعة بنات وقد يهب الله بعض الناس بنتا وحيده أو مع مجموعة إخوه ذكور فقط وأمام هذا الوضع الأسري وجود طفل وحيد .. هل يمكن إعتبار هذا الطفل الوحيد في الأسرة ( ذكرا أو أنثي ) طفلاً محظوظاً؟ وهل وجود الطفل وحيداً في الأسرة ميزة أم عيب؟ وهل يؤثر ذلك سلباً أو إيجاباً علي نفسية الطفل أو الأبوين أيضا أم لا ؟ وماهي التداعيات النفسيه المتوقعة لهذا الوضع، وكيف يمكن تفادي التأثيرات النفسية السلبية التي قد تحدث في كافة مراحل الحياة لمناقشه كل هذه الأمور علاوة على أشياء أخرى تخص هذا الموضوع كان ذلك اللقاء مع الدكتور عزت عبد العظيم أستاذ وإستشاري الطب النفسي بمستشفى الحمادي بالرياض .
* بداية هل الإبن الوحيد فعلا محظوظ ؟
قد يعتبر بعض الناس أن الإبن الوحيد محظوظا نوعا ما نظرا لما أوجدته الظروف كونه وحيدا في الأسره فيناله من الإهتمام والرعاية أكثر مما لو كان طفلا مع وجود إخوه آخرين، ولهذا قد نجد الكثير من الحب والحنان والتدليل له والعطف عليه وتلبية رغباته بل وربما كثرة الإغداق عليه باللعب والهدايا والمال ليس من جانب الوالدين فقط بل ربما من باقي محيط العائله كالأجداد والأعمام والأخوال مثلا.. كما قد يحاط بالمتابعة الزائدة وربما الخوف الزائد عليه أيضاً ولكن للأسف قد يكون لكل هذه الحظوة تأثيرات سلبية على تكوين وبلورة طبائع شخصية الأبن الوحيد فيما بعد.
* ما المشاكل النفسية المتوقع حدوثها للطفل الوحيد؟
بداية يجب ألا نعمم أو نجزم بوجوب حدوث إضطرابات نفسية لأي طفل وحيد ولكن في نفس الوقت يجب ألاً نغفل أو نتوقع حدوث بعض الإضطرابات النفسية في ظل هذا الوضع لأن ما يحدث للطفل الوحيد من ظروف فريدة تحيطه في مجال الأسرة قد يكون لها تأثيراتها النفسية بلا شك مثل وجوده بمفرده في البيت وطريقة المعاملة وأسلوب التربية وربما تعارضها مع معاملة المجتمع له خارج نطاق الأسرة في المدرسة أو الشارع مثلا فهذه الظروف توجد وتنمي دلالات خاصة في نفسية الطفل وبالتالي تؤثر في تكوين ونضج شخصيته، ولذا فإن الأبحاث والدراسات قد تشير الى أن الطفل الوحيد قد يصبح شخصية إعتمادية سلبية أنانية ويكون سهل الإحباط والغضب إذا واجهته مسئولية أو تعرض لمشاكل الحياة، كما أن الطفل الوحيد قد نجده أحيانا شخصا خجولا إنطوائيا لا يستطيع تكوين صداقات قوية مستديمة خارج نطاق الأسرة كما أن إهتمام الأسرة به وتنفيذ متطلباته قد يجعله شخصية إعتمادية متواكلاً علي أسرته في إدارة شئونه فيصبح غير قادر علي تحمل المسئولية مترددا في اتخاذ قراراته أو ربما قد يكون الطفل الوحيد جريئاً عن الحد المقبول بل ربما يبدو متسلطا ومتبجحا لا يستجيب للأوامر أو حتي للنصيحة وذلك نتيجة للتدليل والتساهل في العقاب من جانب الأسرة وما قد يتبعه من إنحرافات سلوكية فيما بعد وخصوصاً في مرحلة المراهقة.
* هل هناك إرتباط بين الطفل الوحيد ومرض التوحد؟
ليس صحيحاً بالضبط أن هناك إرتباط بين الطفل الوحيد ومرض التوحد فهناك عوامل أخري هي المسببة لمرض التوحد، فهذا المرض النفسي قد يحدث لطفل حتى وإن كان في أسرة كثيرة العدد ولكن قد يكون الطفل الوحيد في الأسرة أو أي طفل آخر في أسره كثيرة العدد وخصوصاً إذا استمرت العزلة وعدم التواصل والكلام بين الطفل ومن حوله من الأهل حيث يعمل الأبوين لفترات طويلة ويتركون الطفل للشغالات أو تركه يشاهد برامج الأطفال وأفلام الكرتون بكثرة، هو بالتالي ربما يؤدي ذلك الى تأخر في الكلام والذي قد يلتبس على الأهل بأنه طفل توحدي. عموما فإن مرض التوحد يحتاج لمناقشته باستفاضة في لقاء آخر.
* هل تختلف الأمور النفسية إذا ما كان الطفل الوحيد ذكرا أم أنثي منفرداً أو متفرداً وسط مجموعة مختلفة في النوع؟
بالطبع هناك اختلافات على المستوي الفسيولوجي والنفسي بين الذكر والأنثى وخصوصاً في مجتمعنا الشرقي الذي يتمايز فيه الذكر عن الأنثي وما يلاقيه الذكر من رعاية واهتمام وتدليل أكثر من المتوقع عن الأنثى لكن في معظم الأحوال قد نجد نفس أسلوب التربية للطفل الوحيد ذكراً أم أنثى وبالتالي قد نجد نفس التغيرات النفسيه في الشخصيه والطباع والصفات سواء للذكر أو الأنثي علي حد سواء لكنها قد تكون بصوره مختلفه لدي الإناث عن الذكور؛ بالطبع هناك عاملا آخرا قد يكون له دور مؤثر في سيكولوجية الطفل الوحيد في أسره لديها عدد من الجنس المقابل بمعني أن يكون ولدا وسط مجموعه من الأخوات البنات أو بنتا بين إخوه من الأبناء بل وربما يكون الترتيب داخل الأسره له تأثيرات نفسيه. فالولد إذا كان الأول قبل إخوته البنات قد يصبح شخصيه مسيطره حيث يتقمص دور رجل البيت ويفرض سطوته علي إخوته البنات وخصوصا إذا وجد تشجيعا ورضا من الأبوين أما إذا كان الولد جاء متأخرا عن إخوته البنات ونظرا لمخالطته لهن فلربما تتأثر شخصيته بسلوكياتهن. وعلي الجانب الآخر فالبنت سواء جاءت قبل الأولاد أو كانت متأخره قد تتطبع بطباع الذكور وقد تتماثل مع طبائع وسلوكيات الذكور فتتصف بتحمل المسئوليه وصلابة الرجال أو قد تصبح علي العكس من ذلك إذا تربت علي الدلع والتدليل.
* هل يتعرض آباء الأطفال الوحيدين لضغوط نفسيه وكيفية التغلب عليها؟
من المتوقع أنه في حال وجود طفل وحيد للأسره قد يجعل الوالدين في حالة قلق وخوف مستمر علي طفلهم الوحيد وخصوصا من أي إصابه أو مرض بل وينتابهم الهلع إذا وقع له مكروه لأن فقدان الطفل غالبا يصعب تعويضه. ولتبديد هذا الخوف لدي الوالدين يجب عليهم الإيمان بقضاء الله وقدره وأنه لا راد لقضائه ولن يصيب أي إنسان إلا ما قد كتبه الله له (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا) وأن يتقين الأبوين بأن الله سبحانه وتعالي (هو خير حافظا وهو أرحم الراحمين) فمن الذي حفظ سيدنا يونس في بطن الحوت ومن الذي حفظ سيدنا موسي عندما وضعته أمه في التابوت وألقته في اليم وهو طفل وليد ومن الذي حفظه وهو يتربي في قصر فرعون عدو الله وعدوه؟! فإذا تيقن الآباء انه لا راد لقضاء الله وأنه هو الوكيل الحفيظ فسيسلِموا الأمر لله وسيتسريحوا من عناء وصراعات النفس المتعلقه بهذا الموضوع.
* ماهي النصائح التي نوجهها للأسر ذات الطفل الوحيد؟
من المعروف أن التربيه الصحيحه في مرحلة الطفوله من اهم عوامل الإستقرار النفسي للإنسان طوال حياته ولأن الطفل الوحيد له ظروف واعتبارات خاصه أثناء تربيته لذا كان من الواجب أن نوضح هذه الأمور:
– إن تربية الطفل الوحيد تحتاج لمهارات خاصه فهو ليس كأي طفل آخر داخل أسره متعدده فيها تنافس وصراعات وتواصل وتداخلات كثيره؛ فيجب ألاً نحيط الطفل بسور عالي من الحمايه والإنعزاليه ونترك له حريه الإختلاط والتواصل وتكوين صداقات ومعارف في محيط العائله الكبيره للأبوين أو الجيران أو زملاء المدرسه وتشجيعه علي الإشتراك في النوادي أو الجمعيات وما شابه ذلك لشغل أوقات الفراغ وتكوين صداقات وعلاقات جديده وكذلك لتنمية أي مهاراته لديه كالرياضه مثلا.
– عدم الإفراط في التدليل والدلع بل يجب أن يكون هناك وقفات حازمه عند الخطأ وحتي العقاب إذا كان الخطأ يتطلب ذلك كما يجب عدم تلبية كل ما يطلبه الإبن علي الدوام وأن يعلم أن هناك طلبات أو رغبات يمكن تلبيتها وهناك طلبات يمكن رفضها وأن يتعلم مبدأ العطاء والتعاون مع الآخرين قبل الأخذ منهم وأن هناك أصول وقواعد في علاقات الناس وتعاملاتهم يجب الإلتزام بها وهي مبنيه علي أساس من العدل والمساواه والإخاء والتكافل والود والمروءه.
– يجب علي الأبوين أن يشجعا الطفل علي الإستقلاليه وعدم الإلتصاق الدائم بهما وأن يعودانه بل يدفعانه أن يعمل لنفسه شخصيه متوازنه ومستقله يعتمد بها علي نفسه في قضاء إحتياجاته وأن يعلم أن الحياه فيها مصاعب ومشقه وبذل وتضحيه وفيها نجاح وفشل ويجب عليهما توجيهه الي التحلي بالصبر والمثابره والأخلاق الطيبه وإحترام الآخرين.
* هل زواج الولد الوحيد له تبعات نفسيه ؟ وكيف يمكن التغلب عليها ؟
من المؤكد أن زواج الإبن الوحيد أو الإبنه الوحيده له تبعات نفسيه في أكثر من إتجاه علي المستوي الشخصي أو العائلي من آباء أو من سيرتبط بهم زوجيا؛ من المعروف أن إختيار شريك الحياه له أصول وتقاليد ويحتاج لتفاهمات وقبول من أطراف متعدده منها الأبناء والأسر ومراعاة عادات وتقاليد وسلوكيات المجتمع كما أن الحياه الزوجيه تتطلب قدرا من المواءمه والمرونه في بداياتها فهذه المرحلة تسمي عنق الزجاجه. إن معرفة طبائع ونفسيات من سنتزوجه أمر هام وبالتالي فإن من يرتبط بالزواج من الإبن أو الإبنه الوحيده يجب عليه إدراك أمر هام هو أن من تزوجه له والدين هو كل شيئ بالنسبة لهم في الدنيا ويتفهم أن الوالدين قد يشاركانهما في حياتهما ولابد علي من يقبل بزواج الإبن الوحيد أن يكون هادئ الطباع، طويل البال، ودود، مجامل، متسامح، دبلوماسي ويتصرف بحكمه في بعض المواقف المتوقعه التي قد تصادفه وبالتالي فإن من لم يتوفر فيه هذه الصفات من الأفضل له الإبتعاد عن مثل هذه الزيجات. وأخيرا ندعو لكل من كان له طفل وحيد أن يبارك الله لهم فيه ويكفيهم الله شر أي مكروه.