أدبيات الصحيفة

آية و فنار (دين العلم والقلم )

اقرأ..
كانت كلمة البدء، أمر الرحمة، إرهاصة خير مابعده خير، ذاك الغيث الذي انهمر على جدب البشرية وقحطها، أول حروف الكتاب المجيد، أجمل الكتب على الإطلاق..
اقرأ يامحمد بكلمات هذا البيان، اقرأ ممجدا اسم الخالق العظيم الذي خلق كل إنسان من قطعة دم غليظ و رطب ، اقرأ فالله هو المستحق للربوبية و المعبود بحق و هو الأكرم وإن ربك لكثير الإحسان واسع الجهد.
الذي علم خلقه الكتابة بالقلم، القلم و ما أدراك ما القلم، جعله الله مذكورا في أول آيات تقرأ على نبيه و ماهذا إلا إثبات شرف و فضل للعلم و أدواته، علم الإنسان ما لم يكن يعلم ونقله من ظلمة الجهل إلى نهر العلم.
” كلا إن الإنسان ليطغى “حقا إن الإنسان ليتجاوز حدود الله إذا أبطره الغنى, فليعلم كل طاغية أن المصير إلى الله.
” أن رآه استغنى ”
أرأيت أعجب من طغيان الذي ينهى (وهو أبو جهل) عبدا لنا إذا صلى لربه (وهو محمد صلى الله عليه وسلم)؟ أرأيت إن كان المنهي عن الصلاة على الهدى فكيف ينهاه؟ أو إن كان آمرا غيره بالتقوى أينهاه عن ذلك أرأيت إن كذب هذا الناهي بما يدعى إليه وأعرض عنه، ألم يعلم بأن الله يرى كل ما يفعل؟ ليس الأمر كذلك لئن لم يرجع هذا عن شقاقه وأذاه لنأخذن بناصيته أي مقدمة رأسه أخذا عنيفا ويطرح في النار، تلك الناصية الكاذبة في مقالها الخاطئة في أفعالها.
فليحضر هذا الطاغية أهل ناديه الذين يتقوى بهم و سندعو ملائكة العذاب.
وَقَوْله تَعَالَى ” كَلَّا لَا تُطِعْهُ ” يَعْنِي يَا مُحَمَّد لَا تُطِعْهُ فِيمَا يَنْهَاك عَنْهُ مِنْ الْمُدَاوَمَة عَلَى الْعِبَادَة وَكَثْرَتهَا وَصَلِّ حَيْثُ شِئْت وَلَا تُبَالِهِ فَإِنَّ اللَّه حَافِظُك وَنَاصِرُك وَهُوَ يَعْصِمُك مِنْ النَّاس ” وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ “.
و رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ” أَقْرَب مَا يَكُون الْعَبْد مِنْ رَبّه وَهُوَ سَاجِد فَأَكْثِرُوا الدُّعَاء ” وهذه الآية موضع سجدة..
وبعد أحبة حرفي ..
ثمارنا المستفادة اليوم تنبت بلا بذور، وتطيب بلا سماد، و هل هناك ثمرة ظاهرة أعظم من هذه الثمرة، آيات تحث على التفكر و التدبر و التعلم، توقظ نائم الفكر وتحيي ميت الوعي، اقرأ أي تفكر و تدبر و فند وتعلم..
اقرأ وسخر طاقاتك العقلية كلها ومهاراتك العليا و الناقدة لتبدع و تنجز، اقرأ بسم الله واعترافا بعظمة الله وتأكيدا على تفرده بالألوهية و الربوبية، وهو من صفاته و كرمه أن علم ابن آدم الكتابة والتعلم ووهبه الأدوات لفعل ذلك.
هذا هو ديننا الذي يتهمه البعض بجهالة بأنه دين الجهل والاتباع بلا وعي، حاشاه و قد بدأ و ولد على كلمة اقرأ، وعلى صريف الأقلام.
التعلم وطلب العلوم الشرعية وسواها من العلوم النافعة ليس ترفا و رفاهية في هذا الدين بل هو ضرورة ووجوب يظهر مع كلمة الانطلاق لهذا النور.
نحمد الله أن جعلنا مسلمين من أمة الحبيب المصطفى.
د. فاطمة عاشور

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى