مقالات مجد الوطن

أديسُ مهلاً

…….

 

أدَيسُ مَهلاً بقلبٍ عادَ في الكِبَرِ

قلبٌ تعلَّق بالسَّمراء و الهرَرِ

 

قد عادَ شوقاً إلى الجنَّاتِ يفقدُهَا

واشتاقتِ العينُ للجوزاء وَ المَطَرِ

 

مَا قاطَعَ الطَّلُّ عُشباً في أزِقَّتِهَا

والوَشلُ فيها صديقُ الأرضِ والشَّجَرِ

 

نَهرٌ مِنَ الشَّهدِ يجري في مفَاتِنِها

وأنَهرُ الخَمرِ تروي لذَّةَ الثَّمَرِ

 

يا ألطفَ الخلق طيناً زادني شغفاً

يا رِقَّةً في هدوءِ الماءِ و البَشَرِ

 

جاءت لنا قدرٌ و العينُ تنظرُها

فقلتُ أهلاً بمَنَ قد حلَّ في نَظَرِي

 

في كلِّ عينٍ لنا فلتقعدي شَرَفاً

ولتملأَي قَدَري يا أجملَ القَدَرِ

 

هيَّأتُ مقعدَها في وسطِ مجلسِنَا

على يميني و في متكَى مِنَ الوَبَرِ

 

ناولتها الغصنَ قبلَ الكأس اسكبه

فماضغتهُ كقِرف ٍ فاحَ في الشَّذَرِ

 

وحادثتني عِتاباً سالَ مدمعُهَا

فقلتُ مثلكِ لايخفى عنِ النَّظَرِ

 

فلتعذريني فشَوقي كم يُعذبني

ظَرفي تعثَّرَ في منعي مِنَ السَّفَرِ

 

فلاطَفَتني وكفُّ الدفءِ ينعشني

عَادَ الشَّبابُ وراحَ الشَّيبُ مِن شَعَرِي

 

قامت لترقصَ هاتِ الشالَ أربطهُ

في وسط هيفاءَ واتقن رَبطةَ الخُصَرِ

 

تراقَصت في زجَاج الكأس نسكبهُ

وهزَّتِ الصدرَ و الأردافَ في سَكَرِ

 

ألقَت بشالٍ عنِ الرُّمَّانِ يسترُهَا

لا تقتلِ العينَ وارحم نعمةَ البَصَرِ

 

لا تفتنيني فمثلي لم يُعد هدفاً

خُذي قميصي على نهديكِ فاستَترِي

 

فَراقصتني أبَت رِجلايَا و انسحبت

لا يرقصُ الريمُ بينَ العجزِ و الغَجَرِ

 

عادَت كما جلَست في صدر مجلسِنا

أسقيتها الكأسَ لونَ التوتِ و الجَزَرِ

 

رَنَت إلى العودِ و الأوتارُ نائمةٌ

في ذلك الركنِ غابَ النّغمُ في الوَتَرِ

 

لمَّا اشارت فهاتِ العودَ أيقظهُ

وأيقظ اللحنَ في صوت ٍ من المُهَرِ

 

فدندنت بلبلاً قد هامَ يطربُنا

وبالمناشفِ مالَ الغصنُ في خَدَرِ

 

غنَّت فهامت لها الأطلالُ وانحدرت

واهتزَّتِ الذاتُ ياعينانِ فافتكري

 

ناولتها مَبسمَ الأرجيلِ ترشفهُ

ما أروعَ الريمَ يرشفُ مبسمَ الزَّهَرِ

 

تصاعَدَ الخيطُ قلباً كنتُ أرسمهُ

بينَ العيونِ بألوانٍ مِنَ السَّهَرِ

 

شَارت إلى الفحمِ عُد ناراً بداخلنَا

خذِ الأناملَ زِد فحماً على الحَجَرِ

 

تسلَّلَ العشبُ تحتَ الباب نرقبهُ

عطراً من الكأسِ والأرجيلِ والمَطَرِ

 

لاتنظري ساعةً و ابقي هنا أبداً

إني أخافُ عليكِ الليلَ فانتَظِرِي

 

فقلتُ نَامي هنا فالدارٌ واسعةٌ

والحضنُ أدفأ من شمسٍ و من سَقَرِ

 

فعانقتني و أنفاسٌ لها اقتربت

بينَ الخدود فليتَ الليلَ لم يَسِرِي

 

فكم تمنيتُ نُطفي البدرَ نحبِسهُ

فأوقفوا الليلَ ساعاتٍ مِنَ السَّحَرِ

 

وهامستني و كلُّ الشوق يحرقُنا

لا تفسدِ الحبَّ واترك وخزةَ الإبَرِ

 

ماجئتُ ماجنةً بل جاءَ بي ولَهٌ

وجرَّني الشوقُ يامجنونُ فاعتَذِرِي

 

فغُضَّ طرفاً عيون الليل ترقبنا

لا تفضحِ العينَ و ارقب مقلة القَمَرِ

 

فقبَّلتني بوردٍ فاحَ في شفتي

وردٌ تبلَّلَ في قارورةِ السَّكَرِ

 

فأسكرتني بكأس ٍ من شفائفها

ما أسكرتني كؤوسُ الليل و الهَرَرِ

 

فوادَعتني وراحت واختفت ورَمت

تلكَ الأنوثةَ بينَ البابِ و الشَّجَرِ

……………………………

أبو حليم ……

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى