مقالات مجد الوطن

وجهان في العيد 

 

محمد الرياني

 

قَدَري في صباحِ العيد أن أرى وجهًا من الماضي ، كم عيدًا جميلًا مرَّ على هذا الوجهِ الصبوح ،أسألُ النفسَ والعيدُ يتجددُ ويرسمُ بهجتَه على الرغمِ من مضيِّ العمر ،ياترى كم فرحةً وقفتْ مثل عصفورٍ أبيض يغني للعيد ،كم فرحةً استقرتْ على محيَّا الأزمانِ المتعاقبةِ على وجهٍ دارَ حوله العيدُ ليزرعَ فرحته ،وكم لحظةَ حزنٍ أطفأتْ بعضَ الفرح ،ومع هذا يسكن الوجهَ القديمَ بياضُ العيدِ الجديد .

قبلتُ رأسًا معتقةً من بياضِ الزمنِ الجميلِ ومن بياضِ العيد ، ابتسمَ لي الوجهُ وقد جمعَ كلَّ ابتساماتِ العمرِ مثلَ زهور أصيلة في آنيةٍ محفوظةٍ لم تبرح مكانَها منذ زمن .

قبَّلتْني لتمنحني من وحيِ عطرِها الفريدِ عطرًا خالصًا ،تخيلتُ الأماكنَ من حولي تضجُّ بالعطورِ الأصيلةِ والفرحون المارُّون من الطريقِ يستروحون معي ومعها الفتنةَ الباذخةَ التي جاءت لتجمعَ أعيادَ الماضي وأعيادَ الحاضرِ في صورتين متناقضتين هي وجهي ووجهها .

افترقْنا في الطريق ،ابتسمنا لبعضينا من جديد ، رأيتُ العيدَ مختلفًا ، أضاء بياضُه الناصعُ الأماكنَ ومنحَها عمرًا مبهجًا وسعادةً استثنائية .

في العيدِ تحتفلُ الأعمارُ على الرغمِ من اختلافِها وتباينها ،تجتمعُ الأعمارُ فرحةً مثلَ باقاتِ الزهورِ في الآنياتِ البيضاءِ التي تفرحُ معنا بفرحةِ العيد.

 

(كل عام وأنتم بخير)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى