الكاتبة/ سحر الشيمي،
sahar_shimi@
تأملت في حركة عجلة الحياة وما يصاحبها من صنع، إنتاج واستهلاك لمواد تلبي حاجات البشر واستمرار حياتهم، فكل منتج له تاريخ بداية ونهاية لصلاحيته للاستعمال الآدمي، وهذا شئ مسلّم به، لأن الصانع يعلم بمنتجه فله الحق في ختم تاريخ صلاحيته.
هذا فيما يختص بصنع البشر، ولكن هل ينطبق هذا على الأشخاص إذا تقدم بهم العمر..؟؟ بأن يوضع عليهم ختم انتهاء الصلاحية للعمل أو الإنتاج أو العطاء..!! خلق الله الإنسان وفضله على بقية المخلوقات بالعقل والتمييز والقدرة على البناء والعطاء في كل مجالات الحياة وكلفه بعمارة الأرض والاستخلاف فيها، ولم يقيد هذا العطاء بعمر معين، فلو تسألنا بوعي وعمق في التفكير ونظرنا للواقع حولنا، هل العمر يعتبر مقياس لإنتاج الإنسان وعطائه..؟؟، وهل لأي إنسان حق في ختم تاريخ انتهاء صلاحية شخص آخر، أو اعداد المقابر لمتقدمي العمر قبل وفاتهم بإهمالهم وعدم الاعتراف بقدراتهم..؟؟
ذكر في العديد من دراسات علم النفس والاجتماع، أن كثير من الأشخاص لا يعون أن الإنجازات لا تحدد بالعمر، بل هي قابلة للتحقيق في مراحل عمرية مختلفة ومن لم ينجح في بداية الطريق قد يحققها لاحقًا. وقد أثبتت لنا صفحات التاريخ إنجازات لمتقدمين في العمر لم يصل إليها شاب في مقتبل حياته، واكبر شاهد قدوتنا وسيد بني آدم، نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، عمل منذ صغره برعي الغنم والتجارة ولكن كلفه الله بأعظم مهمة وهي الرسالة للثقلين وهو في عمر الأربعين، وزوجته السيدة خديجة تزوجته وانجبت واثبتت لبنات حواء أن صلاحية المرأة لا تنتهي في الأربعين، والكثير من العلماء والمفكرين من حقق نجاحًا مميزًا في الستين والسبعين أو الثمانين من أعمارهم.
وعلى سبيل المثال في العصور الحديثة من المشاهير ،الكولونيل (ساندرز) –وهو اللقب الذي مُنح له من قبل ولاية كنتاكي –قام بافتتاح مطعم KFC الأول عندما كان يبلغ من العمر 65 عاماً. وذكر آخر ستيني متقاعد ،أن نشاطاته تنوعت وبات لديه وقت طويل كي ينجز ما تمناه من قبل، حيث استثمر راتبه التقاعدي في مشتل صغير، ليقضي وقته بين الأزهار والأشجار فسدد ديونه كافة منذ إفتتاح المحل، وأصبح يشعر كأنه في الثلاثين من عمره، وكثير من أمثالهم وضعو بصماتهم في وقت متأخر من عمرهم وأينعت ثمارهم.
فلنتيقن كوننا بشر مكلفين أن العمر لا يجب أن يكون مقيدًا بأي سلوك إيجابي، فلا تجعل أيها الشاب الشيخوخة تسكن روحك باليأس والتشاؤم فيشيخ جسدك قبل أوانه، ولا تستسلم أيها المتقدم بالعمر لما يشاع حولك من أنك غير قادر، ولا تسمح لأحد ان يضع ختم صلاحيتك ما دامت الروح تسري في جسدك، فهي وقودك لتستمر في مسيرة عطائك، ولنتذكر مقولة “أعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدًا، “.
دمتم بروح لا تشيخ و يد لا تتوقف عن العطاء.