مروان سادس – متابعات
من المفترض بأن الوالدان هما واحة الأمان والحب اللّا مشروط في حياتنا، لذلك فإنّ إضطراب الشخصية النرجسية يعتبر إعتلال سيكولوجي يمتاز بنمط دائم من الشعور بالفخامة في الخيال أو السلوك لدى الحالات المصابة، حيث تتواجد هذه العلة النفسية لدى أحد الوالدين والذي هو أشدها وطأة وأكثرها إيلاماً، فهناك يعيش الأبناء في صحراء تفتقر أبسط ظلال الحب والأمان.
ففي حالة الوالدة النرجسية سيدور الوالد في فلكها والعكس، وتعتبر هذه الأسرة غير طبيعية، حيث أن الحب لديها مشروط بالإمتثال، والأبناء مجرد إمتداد للوالدين، وإحتياجات الأبناء وأحلامهم وحقهم في الحياة والسعادة أمر مرفوض تمامًا ليعيش الطفل دون حقوق، فالابن يضحي برغباته ويتفانى في تنفيذ أوامرهم التي لا تنتهي حتى لو بلغ حد الجنون أو الإنتحار، طمعًا في كسرة من الحب، لكن ذاك من عاشر المستحيلات لأنه سيُصنف في المجتمع كحالة (ميؤوس منها).
وفي تناقض داحض لمساحة الفرح، نجد علاقة الآباء النرجسيين بأطفالهم تفتقد الحميمية بشكل كامل، فلا يمكن أبداً لأي منهم أن يعطي الطفل شيئًا إلا بمقابل، من خلال منفعة شخصية مثلًا كالوجاهة المجتمعية التي يحرصون عليها كل الحرص، وكمثال شائع نرى أن الهدايا لا يتم تقديمها لأبنائهم إلا في إحتفالية كبرى وعلى مسرح مكتمل الجمهور.
ويمتاز الشخص النرجسي بالذكاء الإجتماعي الذي يؤهله للتلاعب النفسي، فهو يظهر بشكل مثالي أمام المجتمع، ويقوم من خلف الكواليس بإدارة مجموعة مساندة من الأفراد تسمى اصطلاحًا بـ«القرود الطائرة» وذلك لنشر الشائعات ضد الضحية المستهدفة.
أما كبش الفداء (الخروف الأسود) هو الإبن المميز الذي يجرؤ على محاولة تحقيق ذاته والإستقلال مادياً، حيث تبدأ العقوبات بالعنف الجسدي واللفظي والعاطفي والإنتقاص من خلقته وإنجازاته، وترفع الوتيرة بتطبيق العقوبات القصوى عبر الفرقة الطائرة، فهذا التمرد سيكلفه أن يقضي عمره قابعًا تحت طائلة تجريمه وتشويه سمعته وتكريسه ليكون بذلك “الإبن العاق” في المجتمع وإلى الأبد.
السؤال: هل من العدل يا ترى أن تنتهي الحياة هنا بين مطرقة العقوق وسنديان اليتم ؟!
الإجابة: بالطبع لا فهذا ليس عدلاً.
تأكّد عزيزي القارئ بأنك إنسان ولك الحق الكامل بعلاقات التي تجعلك سعيدًا، ولك الحق كاملًا في إنهاء كافة تلك العلاقات السامة.
لذلك غادر، أهرب بعيداً، ولا تلتفت للخلف أبدا.
