جدة – عبد القادر رضوان
أكد المدير الطبي لمركز هشام عطار للغسيل الكلوي التابع لجمعية البر بجدة الدكتور محمود محمد الصاوي أن الإدمان يعكس حالة من الاضطرابات الدماغية التي تتجلى في الرغبة القهرية للاستمرار في تعاطي المادة المخدرة أو الحصول عليها بأي وسيلة، مع الميل إلى زيادة في الجرعة المخدرة، مما يسبب اعتمادًا نفسيًّا وجسميًّا عليها، وينعكس ذلك بالضرر ًعلى الفرد والمجتمع.
وبيّن الصاوي أن المخدرات هي مجموعة من المواد التي تسبب الإدمان وتسمم الجهاز العصبي، حيث يطلق لفظ (مخدر) على ما يُذهب العقل ويغيبه، لاحتوائه على مواد كيميائية تؤدي إلى النعاس والنوم أو غياب الوعي.
موضحاً أن استخدام المخدرات قد يؤدي إلى مجموعة من الظواهر السلوكية والمعرفية والفسيولوجية التي تتطور بعد الاستخدام المتكرر للمواد، وتتضمن رغبة قوية في الاستمرار بذلك، على الرغم من العواقب الضارة، حتى يصل المدمن إلى مرحلة الاعتماد عليها وظهور أعراض انسحابية.
وتحدث الدكتور الصاوي عن أنواع المخدرات مبيناً أنها كثيرة ومتعددة، منها ذات المصدر الطبيعي مثل (القات، الأفيون، المورفين، الحشيش، الكوكايين، وغيرها)، أو ذات المصدر الاصطناعي مثل: الهيروين والامفيتامين (الشبو)، وغيرهما، وهذه المخدرات قد تأخذ أشكالا متعددة ومتنوعة في صورة: حبوب مخدرة ومذيبات طيارة وحقن (أمبولات)، وغيرها، لافتاً الى أن أكثر الأنواع انتشاراً في المملكة هي
الحشيش، ثم حبوب الكبتاجون، ثم مادة الأمفيتامين (الشبو)، وكلها مواد خطيرة تؤدي إلى الأمراض النفسية والعقلية والجسدية الخطيرة.
ونبه الدكتور الصاوي الأسر الى أهمية متابعة أبنائهم خاصة اذا ظهرت عليهم تغيرات سلوكية مثل: العدوانية، العزلة والانسحاب اجتماعي، ضعف في التحصيل الدراسي، كسل وغياب عن الدراسة أو العمل، زيادة غير مبررة في الحصول على المال، تذبذب وعنف في العلاقة مع الوالدين والإخوة والأخوات.
موضحاً أن اعراض الإدمان يمكن ملاحظتها بسهولة، حيث يشكو الابن المدمن عادة من النعاس، الرجفة، احمرار العينين واتساع حدقة العين، عدم الاهتمام بالنظافة الشخصية والمظهر العام، فقدان أو زيادة الشهية، هالات سوداء تحت العينين، اضطرابات النوم.
وعن مضاعفات الإدمان قال: هناك مضاعفات نفسية مثل: التغير في الشخصية، والتدني في الأداء الوظيفي والمعرفي، القلق والاكتئاب، الهلوسة، جنون العظمة،
وأعراض ذهنية مثل: الشعور باللامبالاة، وفقدان الحكم الصحيح على الأشياء.
وهناك إصابة جهاز المناعة مثل: الإصابة بالأمراض الجنسية، والأمراض الفيروسية كالتهاب الكبد الفيروسي، والإيدز، إضافة الى تأثيرات المادة المخدرة على وظائف الكلى وصولاً الى الفشل الكلوي.
إضافة الى الاضطرابات الهرمونية مثل: العقم والتأثير في عملية الإخصاب. تشوهات في الجنين.
وأخيراً هناك أعراض أُسرية ومجتمعية مثل: التفكك الأسري، مشكلات الطلاق، ازدياد حوادث السير، انتشار الجرائم للحصول على المال.
وتناول الدكتور الصاوي مراحل علاج الإدمان على المخدرات والتحديات التي تواجه المدمن موضحاً أن علاج الإدمان يتم على ثلاث مراحل من خلال المراكز المتخصصة في المملكة مثل مستشفى الأمل للطب النفسي بمحافظة جدة، حيث يتم العلاج كالتالي.. 1- مرحلة التقييم والتشخيص: لحالة المريض ووضع الخطة العلاجية له، وفي هذه المرحلة يتم توقيع الكشف الطبي على مريض الإدمان، وإجراء كافة الفحوصات والتحاليل الطبية، ومعرفة نسبة سموم المخدرات في الجسم، ويقوم طبيب علاج الإدمان بتحديد البرنامج العلاجي المناسب، والبدء في رحلة العلاج. 2- مرحلة الضبط الدوائي: والتعامل مع الأعراض الانسحابية لمريض الادمان سواء كانت النفسية أو الجسدية، وتتضمن هذه المرحلة سحب السموم من الجسم عن طريق بروتوكول دوائي وعلاجي يستهدف التخلص من سموم المخدرات بدون آلم، حيث يواجه المدمن في هذه المرحلة مجموعة من الأعراض الإنسحابية، نتيجة التوقف عن تعاطي المخدر، ويتم متابعة المريض من خلال الفريق العلاجي لحظة بلحظة، وملاحظة أي تغييرات تطرأ على الحالة المرضية
3- مرحلة التأهيل النفسي والسلوكي: والتي تضمن عملية التعافي والتغير لتحقيق العلاج الكامل، وتعتبر هذه المرحلة من أهم مراحل علاج الادمان وتسمى “العلاج النفسي”، وهي تأهيل مرضى الإدمان نفسياً وسلوكياً عن طريق عقد جلسات فردية وجماعية تستهدف معرفة الأسباب النفسية التي دفعت الشخص إلى الإدمان، كما تستهدف تصحيح المفاهيم المغلوطة، واستبدال السلوكيات والأفكار السلبية بأخرى إيجابية، إضافة الى معرفة أضرار إدمان المخدرات، لعدم التعرض للانتكاسة، ولا تنتهي فترة علاج الإدمان بمجرد الخروج من المستشفى، حيث يتم المتابعة والتواصل مع الفريق العلاجي على فترات، وتقديم الدعم المعنوي لحل أي مشاكل أو ضغوطات قد يصادفها المدمن بعد خروجه.
ودعا الدكتور الصاوي في ختام حديثه الأسر الى تعزيز الوازع الديني لدى الأبناء، واحترام آرائهم وتشجيعهم على التعبير واعطائهم الثقة بالبوح بمشكلاتهم، والتقرب منهم والتركيز على المبادئ والثوابت الدينية والثقافية وتنمية اهتمامات الأبناء بأنشطة إيجابية كالرياضة والرسم والبرمجة وغيرها وتعليمهم كيفية التعامل مع الضغط النفسي والإحباط وتخصيص وقت للسفر لأداء العمرة أو للزيارة وأوقات للمرح معهم وتخصيص وقت لقضائه مع كل ابن أو ابنة ومشاركة الأب والأم أنشطتهم المدرسية وإعلاء قيمة الحب العائلي، وأن عدم الرضا عن فعل معين لا يقلل من قيمة هذا الحب.