مقالات مجد الوطن

التحكم بمشاعر الغضب 

التحكم بمشاعر الغضب

 

ما يخبرك به غضبك ؟

 

تذكر آخر مرة شعرت فيها بالغضب أو الانزعاج، هل توقفت واستمعت إلى ما يخبرك به عقلك ؟

 

إن الأفكار التي تتولد لدينا في الوهلة الأولى من الغضب ،يمكن أن تجعلنا نفقد السيطرة تماما على مشاعرنا أويمكن أن تساعدنا على التحكم فيها إلى الأبد.

 

قد يتسبب الغضب في بعض المشاكل، لكنه في الواقع ليس أمرا سيئا .

 

فمن المنظور التطوري، يلعب الغضب دورا هاما في خدمة غريزة البقاء لدينا ؛ إذ “يحذرك من الظلم”، فعندما تغضب، يبدأ قلبك بالخفقان، فيزداد تدفق الدم، ومن ثم يحمر وجهك، وهذا مؤشر على استعدادك للمواجهة، و هذا “معروف باستجابة الكر والفر التي ينجر عنها استنفار الجسم لتوفير الطاقة اللازمة لمواجهة الظلم الواقع عليك”.

 

لا يتحول الغضب إلى مشكلة إلا عندما نفقد السيطرة عليه، فيسيطر هو علينا .

 

لقد تبين أنّ ثمة علاقة بين التحكم في الغضب والتعامل مع الأفكار.

 

فبالرغم من أن الغضب ينبهنا إلى وجود تهديد ما، فإن الأفكار التي تتولد بعد هذا الشعور هي التي تحدد طريقة الاستجابة له؛ وبالتالي فإن استراتيجيات مثل العلاج السلوكي الإدراكي، التي تعلم الناس أنماط التفكير الصحي، يمكن أن تكون حلاً ناجعا .

 

ما هي الأفكار الغاضبة التي تدفع الناس إلى الانفعال؟

 

وهل يمكن لبعض هذه الأفكار أن تكون أكثر ضررًا من البعض الآخر؟

 

رغم أننا نميل إلى التعامل مع مشاعرنا وأفكارنا باعتبارها مسائل شخصية ، فإنها في الحقيقة ليست كذلك؛ إذ أن الأفكار الغاضبة شائعة بين الناس على نحو يصعب تصديقه وأنها عادة ما تكرر نفسها .

 

فلنأخذ كمثال هذا الموقف المثير للغضب:

 

“تخيل أنك تقود سيارتك في منطقة سكنية وفجأة يرجع شخص بسيارته إلى الخلف قادما من ممر خاص ويكاد أن يصطدم بسيارتك”.

 

إليك ستة ردود فعل محتملة تقولها لنفسك :

 

“لقد فعل ذلك لإجباري على التوقف”.

“لقد كان على وشك تدمير سيارتي”.

“لم يعد أحدٌ يعرف كيف يقود سيارة”.

“أنا اخترت هذا الطريق أولاً، “ما كان ينبغي له اعتراض طريقي”.

“هذا الأحمق الغبي”.

“لابد أنه لم يرني”.

 

تكمن مشكلة الأفكار الغاضبة في أنها تزيد من احتمال تفاقم غضبنا بشكل عام فنقع نحن وغيرنا أسرى لهذا الغضب.

 

فما علاج التوصيف الجارح ، إذن؟

 

إنه التعاطف .

 

لتوضيح هذه النقطة، يروى ريان مارتن، أستاذ علم النفس في جامعة ويسكونسن :

 

أنّه ذات مرة كان يقود سيارته خلف سيارة تسير ببطء شديد فتملكه الغضب وتفوه بشتائم جارحة؛ ولكنه سرعان ما تذكر فتوقف لبرهة ووضع نفسه مكان السائق، ومن ثم أدرك أن السائق ربما كان خائفا ؛ يقول مارتن: “إذا بدأنا التفكير في الآخرين من منظور مختلف، فإننا بذلك نقوم بعكس تأثير التوصيف الجارح، وقد ندرك أن ثمة سببا منطقيا يفسر سلوكهم”.

 

بدلاً من تجاهل غضبنا، يريد منا مارتن أن نستمع إلى ما يخبرنا به هذا الغضب …

 

مشكلتنا التعميم المفرط، “عندما أصغي إلى نفسي، أستطيع ترويضها ، أستطيع أن أدرك ما يحصل لي ، ولكني في بعض الأحيان لا أرغب في إدراك ذلك”.

 

الخطوة الأولى للتحرر من سلطة الغضب تنبيه نفسك كلما تملكتك إحدى الأفكار الغاضبة .

 

في البداية، قد يستغرق الأمر ساعات أو حتى أيام حتى تدرك أنك قد استعملت أسلوبا جارحا مع شريكك أو أنك طلبت طلبات غير معقولة من زملائك في العمل، ولكن يمكنك – التدرب على ملاحظة غضبك وإعادة تركيز انتباهك، وهذه العملية “تحدث في لحظات”

 

إن الطريقة التي تتفاعل بها مع العالم ، لا يعني أن لا تغضب ، و لكن أن تكون أكثر وعيا بغضبك من معظم الناس .

 

ندى فنري

أديبة / صحفية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى