الأحساء
زهير بن جمعة الغزال
مفهوم المبادرة قيمة عظيمة في عالم اليوم، لاسيما في دول العالم النامي مثل المغرب. الروح الإيجابية للشباب ثروة وطنية ينبغي تحويلها إلى نماذج إنمائية ثقافيا واقتصاديا واجتماعيا وعلى مستوى سلوك الأفراد أيضا.
في معرض الفرس للجديدة اكتشفنا روح المباردة لشباب من منطقة بولعوان، وهم من خريجي الجامعات والمعاهد منذ وقت طويل. اختار هؤلاء الشباب أن يسموا إطارهم الجمعوي باسم التعاونية الفلاحية للخيل والخير. كان الإسم مثيرا لأنه يمثل قيم مجلتنا صباح الخيل ويتقاسم مع الغير صعوبة الخير عندما يتعلق الأمر بالخيل. الأجمل كان نهوض أبناء المنطقة بمنطقتهم دون أن يسمحوا لتخرجهم الدراسي منذ العام 2005 أن يخرجهم من مشهد الإيجابية بعد أكثر من 10 سنوت.
في معرض الفرس للجديدة التقينا رئيس التعاونية الفلاحية الخيل والخير فأدركنا سعي الجمعية نحو الاهتمام بالخيول الأصيلة وإنتاجها وتخصيص ذلك الإنتاج لأغراض السياحة الفروسية بمنطقة تتميز بوجود مجموعة من المآثر التاريخية من أبرزها قلعة بولعوان الأثرية التي تم تشييدها عام 1710 على يد السلطان المولى إسماعيل.
يؤكد المنعم هذه الأهمية بقوله:” عمر قلعة بولعوان يتجاوز 300 سنة، ومن العيب إهمالها وعدم استغلالها في تمنية منطقتنا التي تعاني الأمرين، وفي نفس الوقت يجمعها مع المناطق الأخرى ذات العلاقة الطبيعية وضع مشترك عبر شريط وادي أم الربيع، وصولا إلى مدينة آزمور التاريخية بتراثها وغاباتها ونهرها وبحرها الأطلسي. لدينا مسار 100 كيلومتر تستغرق في خطتنا السياحية الفروسية 3 أيام مسير مع ليلتين مبيتا”.
روح الإستكشاف
البعد الوطني يتجلى جليا في هذا المشروع الذي يبحث عن المساهمة الفعالة في إذكاء روح المبادرة. إنها قيمة مثلى في زمن قلما يؤمن أهله بأهله. أسعدنا هذا التوجه الجميل نحو الجمال. ذلك حينما قال المنعم:” هدف تعاونيتنا ليس ربحيا، بل جاء مشروعنا من منطلق الغيرة على منطقتنا وإمكانياتها التي تفوق إمكانيات مناطق أخرى في المغرب وخارجه. الأهم هو إشراك جمعيات وفعاليات من الساكنة المحلية على طول الشريط الساحلي لوادي أم الربيع. نحن نهتم بالبنية التحتية لمشروعنا السياحي من خلال التركيز على اختصاصنا الفروسي، بينما نفتح وندعم المجال أمام غيرنا ممن يمكنهم تقديم خدمات المبيت أو الطبخ أو الخدمات المشابهة. ينبغي التنبه إلى أمر هام وهو أن منهجنا غير الربحي يتيح المجال واسعا لاستفادة السائح المحلي فضلا عن الأجنبي من الإمكانيات الأساسية المتاحة بأسعار يمكن القول إنها خيالية، لأن عملنا دعوة للإستكشاف وليس إلى الإسترزاق”.
إذا كان ثمة من هدف مادي في عمل هؤلاء الشباب ومبادرتهم، فإنه يتركز في سد النفقات وليس في جني الثمرات. فهم يعتبرون ثمرات تعاونيتهم، هو إنعاش منطقة غنية بمواردها وخصائصها الطبيعية رغم فقر تدبير هذه الثروة الوطنية. يقول المنعم:” هدفنا المادي هو تغطية نفقات الخيل. وأية أرباح ممكنة فهي مخصصة لما يقدمه أهالي المناطق الصديقة وجمعياتها وأيضا المساهمة في تأسيس جمعيات جديدة تدعم هذا التوجه السياحي الوطني”.
لم يعد مهما أن يتوفر المسار السياحي على بنية تحتية حديثة ذات خمس نجوم، لأن نجومية السياحة الوطنية ترتكز على الإمكانات المحلية بجاذبيتها المختلفة. فالسائح يجد في كل مكان نفس تفاصيل الضيافة والإيواء بمواصفاتها العالمية الموحدة. بينما يستطيع أن يتمتع بتجربة مختلفة يعشقها الجميع.
سياحة وطنية
يشير المنعم في هذا الصدد إلى أن التعاونية الفلاحية خير وخيل لديها إمكانيات استضافة تقليدية عبارة عن خيام، وهي تعتزم إنشاء منشآت سياحية بسيطة عبارة عن منازل خاصة بزوار المنطقة. ولم لا تعميم هذه المنشآت البسيطة على مسار نهر أم الربيع ضمن سلسلة سياحية وطنية.
أكثر من ذلك يؤكد المنعم أن مساهمة التعاونية تتوخى أوسع من سياحة المنطقة إلى سياحة الوطن. يقول:” وجودنا في معرض الفرس بالجديدة مناسبة للترويج لمشروعنا الوطني والتعاون مع مشاريع مماثلة وجدناها في منطقة الحوز بمراكش ودار بوعزة بالدارالبيضاء وغيرهما. مستقبلا لديا مشروع تشارك سياحي. تركيزنا منصب حاليا على تقوية مشروعنا باستغلال مسار نهر أم الربيع من منبعه في مدينة الخنيفرة إلى مصبه في مدينة آزمور”.
عندما يتعلق الأمر بنشاط يخص الهوية الثقافية الإيجابية للمغاربة، فمن الطبيعي التساؤل عما إذا كان للجوانب الاجتماعية على مستوى الطفولة حيز يخصص لهذه الشريحة المستقبل في المباردة.. فهل هل هناك نشاطات موازية يستفيد منها أهل المنطقة لاسيما الأطفال من المدارس وغيرها؟
يؤكد المنعم أن المشروع في بدايته ولدى التعاونية توجه نحو القطاعات الإجتماعية المختلفة والتعليمية والطموح ينصب على خدمة السياحة الفروسية على امتداد الوطن.
المبادرة الوطنية
هذا الطموح الكبير يستحق دعما مناسبا. ولاينكر المنعم أن الدعم الأساس كان أساسا فعلا لانطلاقة المشروع. الأمر يتعلق بدعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. ويؤكد أن الدعم الذي حصل عليه مشروع تعاونية خير وخيل كان من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، عبارة عن مبلغ مالي بقيمة 120 ألف درهم ت بها اقتناء3 خيول. يقول:” بدأنا عند تأسيس التعاونية بفرس واحدة. وكان رأسمالنا هو فكرتنا. تقدمنا بطلب إلى المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي منحتنا ثلاثة أفراس، واستطعنا بعد فترة وجيزة إنتاج 11 خيلا من السلالة العربية البربرية”.
ويشير المنعم إلى أن ثمة عائق بنيوي يلخصه بقوله:” نحن في حاجة إلى قطعة أرضية مناسبة لنشاطنا، غير أن الحصول على وعاء عقاري لتعاونيتنا أو أرض منحة من الأملاك الوطنية يتطلب الدخول في مسطرة إجرائية معقدة؛ إجراءات طوبوغرافية وإدارية معقدة. ولذلك نفضل العمل على اقتناء قطعة أرضية يتوقف أمرها على دعم جزئي نستكمله بجهودنا وتضامن أهل الخير والخيل لتعم الفائدة”.
أفق فني عالمي
:”نتمنى أن يكون مشروعنا ليس فقط ضمن اهتمامات الجهات الوطنية، بل أيضا ضمن تعاطف الجهات الخارجية، لاسيما من إخوتنا بالخليج العربي، حيث يتمتع أهله برؤية مشتركة للنهوض بالمشروعات ذات الطابع العربي. مشروعنا يستحق الدعم من أشقائنا لأنه يوفر للسائح العربي ولغيره كل شروط الترفيه الإيجابي والأمان والمتعة الحقيقية على الطبيعة وأصالتها”.
ويوضح المنعم مضمون الدعم المراد قائلا:” ليس من الضروري أن يكون الدعم ماديا، لكن بالإمكان دعم مشروعنا بالإستفادة من إمكانياتنا السياحية المناسبة. أهم من ذلك أن يساهم أشقاؤنا الخليجيون باستثمارات تعود عليهم وعلينا بالنفع. فالمنطقة بمكوناتها الأثرية والطبيعية تغري باستثمارات ذات قيمة تناسب ما يمكن تحقيقه من فوائد اقتصادية”.
وختاما يشير المنعم إلى أفق أكثر إيجابية بحالة من التقدير للمنطقة وإمكانياتها، هذه المرة ضمن أفق فني عالمي. يخبرنا المنعم قائلا: “زارنا عدد من نجوم الفن السينمائي ممن اكتشفوا منطقة بولعوان من خلالنا. وقد أبدوا استعدادهم لإنجاز أعمال سينمائية في المنطقة لأهميتها البنيوية والجمالية. هكذا نكتشف بدورنا أهمية منطقتنا لدى غيرنا من المختصين في مجالات أخرى. نحن فخورون بوجود إمكانيات طبيعية مثل النهر والهضاب والسهول والغابات والبحر. إنها توليفة طبيعية حبانا الله بها فلماذا نظل عاجزين عن الإستفادة منها في النهوض بمنطقتنا ووطننا”.