ساميةالصالح كامبردج
شهدت “كلية جدج للأعمال” في “جامعة كامبردج” بالمملكة المتحدة تأسيس “المركز الإستراتيجي للأعمال الخيرية” الجديد، والذي سيكرّس جهوده لفهم أشمل وقياس تأثير الأعمال الخيرية الاستراتيجية وتعزيز أثرها في المناطق الأسرع نمواً في العالم بما فيها الشرق الأوسط ودول آسيا النامية وأفريقيا، وذلك عبر منهجية تجمع بين البحوث المكثفة والموثوقة والتدريب التنفيذي وجمع مختلف الأطراف المعنية. ويأتي تأسيس المركز الجديد في فترة تحظى فيها الأعمال الخيرية بأهمية كبرى نظراً لدورها الجوهري في تعزيز المرونة الاجتماعية والبيئية.
ويهدف المركز إلى ترسيخ مكانته كمنصة رائدة للمعارف التي يمكن توظيفها لاتخاذ خطوات عملية تسهم في تعزيز تأثير الأعمال الخيرية المنبثقة من المملكة العربية السعودية والاقتصادات الأسرع نمواً في العالم، والعمل مع الجهات المعنية ورواد الأعمال الخيرية في هذه المناطق لتشجيع التعاون ومشاركة المعارف والرؤى القيمة ، ويأتي إطلاق المركز الذي تم تأسيسه من خلال رجل الأعمال الإماراتي بدر جعفر، وسط الموجة الرابعة من العولمة، التي أسفرت عن انتقال مراكز الثقل الاقتصادي نحو الجنوب والشرق. ففي عام 2019، كانت الاقتصادات الثلاثين الأسرع نمواً في العالم تقع جميعها في الأسواق الناشئة، وتشير التقديرات إلى أن تريليونات الدولار ستنتقل من جيلٍ إلى جيل في هذه المناطق على مدار السنوات العشر المقبلة، منها ثروات قدرها 2 تريليون دولار تقريباً سيتم نقلها بحلول العام 2030 في آسيا وحدها
ومن جانبها، تتمتع المملكة العربية السعودية بإرث عريق في مجال العطاء، فوفقاً لتقرير أصدرته كلية هارفارد كينيدي في “معهد هاوزر”، تحتضن المملكة نحو ثلاثة أرباع المؤسسات الخيرية في منطقة الشرق الأوسط. ويتوقع لهذه المرحلة التاريخية التي ستشهد جمع الثروات الجديدة وانتقال الثروات بين الأجيال أن تفضي إلى زيادة ملحوظة في نشاط العمل الخيري داخل المملكة العربية السعودية والاقتصادات الأسرع نمواً، وانطلاقاً منها ،وفي هذا السياق، قال بدر جعفر المؤسس الراعي للمركز الاستراتيجي للأعمال الخيرية: “نشهد سنوياً تخصيص ما يزيد عن تريليون دولار من رؤوس الأموال الخاصة للأعمال الخيرية، وهذا رقمٌ يفوق بثلاثة أضعاف حجم الميزانيات العالمية المخصصة للمساعدات الإنسانية والتنموية. وفي الوقت نفسه، تشير الدلائل بوضوح إلى أن الاقتصادات الناشئة تكتسب مكانة متزايدة كمصادر مهمة لرؤوس الأموال المخصصة للأعمال الخيرية والابتكار الاجتماعي. وتزامناً مع الانتقال المرتقب للثروات بين الأجيال حول العالم، فإنه من الأهمية أن ندرك مختلف المنهجيات المتعلقة بالأعمال الخيرية في هذه الأسواق، وكذلك العوامل المحلية والإقليمية التي ساهمت في صياغة ملامحها”.
وأضاف: “تسهم الشفافية والتكنولوجيا والانطباعات المتغيرة تجاه الثروات في صياغة ملامح جديدة لمنهجيات المتبرعين في التعامل مع مسألة العطاء حول العالم. وتجنباً للفشل في التصدي للتحديات العديدة المدرجة على الأجندة العالمية في السنوات العشر المقبلة، يتعين علينا بذل المزيد من الجهود للتواصل وتبادل الأفكار، والتعاون مع رواد الأعمال الخيرية الاستراتيجية في المملكة العربية السعودية وغيرها من الاقتصادات الأسرع نمواً حول العالم”.
ويأتي النمو الملحوظ الذي تشهده الأعمال الخيرية في الأسواق الناشئة في توقيت غير مسبوق من حيث الأهمية. وحتّى قبل انتشار وباء “كوفيد-19″، اشادت الأمم المتحدة إن العالم بحاجة إلى 2.5 تريليون دولار سنوياً لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول العام 2030. لكن الأزمة الراهنة جاءت لتفاقم من هذا العجز، فقد حذّر “البنك الدولي” من أن تداعيات الوباء التي قد تؤدي إلى وقوع حتى 100 مليون نسمة بين براثن الفقر المدقع في عام 2020.
وفي الوقت الراهن، ترزح الميزانيات الحكومية تحت ضغوطات متزايدة وغير مسبوقة نتيجة الوباء والتباطؤ الاقتصادي العالمي، إذ يتوقع “مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية – الأونكتاد” أن الاقتصادات الناشئة حول العالم ستكون بحاجة إلى حزمة إنقاذ قيمتها 2.5 تريليون دولار لمواجهة تداعيات الوباء. ومن هنا تأتي أهمية رؤوس الأموال الخيرية التي يمكنها المساهمة بدور محوري في تلبية هذه الحاجة، سواء بمفردها أو بالترافق مع مصادر التمويل الأخرى.
من جهته، قال البروفيسور ستيفن توب، رئيس جامعة كامبردج: “يواجه كوكبنا مجموعة متنامية من التحديات، منها ظاهرة التغير المناخي التي تهدد إمدادات الماء والغذاء ونظمها البيئية …