د . ضيف الله مهدي
الرئيس رقباء مناجي بن إبراهيم بن علي أبو هادي يرحمه الله .
يمتد به النسب الكريم حتى سيدنا أمير المؤمنين الخليفة الراشدي الرابع الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه .
من مواليد محافظة بيش . درس بمدارس بيش الابتدائية وكان يساعد والده في مزارعه ، ثم سافر إلى مدينة الرياض ومنها إلى المنطقة الشرقية والتحق بحرس الحدود في مدينة الجبيل .
وبقي بالمنطقة الشرقية عدة سنوات ثم انتقل إلى منطقة جازان في أواخر التسعينات الهجرية . وعمل في النيد وجيزان وقرى ومدن الحدود ثم استقر به الأمر في محافظة العارضة وبقي بها حتى تقاعد في عام ١٤١٧هـ .
كتبت عنه بعد وفاته ، فسطر اليراع : ” اليوم لست أريد أنكأ الجروح وﻻ أهييج المشاعر ولا إعادة اﻷحزان ولا إسالة الدموع .. إنما حق له وواجب أن أكتب عن هذا الرجل العملاق الذي رحل قبل بضعة أيام .. فأقول بداية : اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب اﻷبيض من الدنس وتقبله بقبول حسن يا أرحم الرحيم .. عرفته رجلا لا تفارق محياه الإبتسامة الصادقة النابعة من القلب الصادق .. طيلة حياتي لم أره غاضبا أو رافعا صوته أو متجهما وجهه أو يسب أو يشتم أو يقلل من شخص ..
الله أكبر ما أعظم الرجال الذين يملكون شخصية وكاريزما كهذا الرجل الذي أكتب عنه هذه الأسطر المبعثرة .. هو الهدوء كله .. هو الصبر هو الصدق هو الرجولة .. هو البحر في أحشائه الدر كامن .. هو الحب والجمال وكل الفضائل .. انتقل إلى جوار ربه فابتسمت الشمس والنجوم والقمر مرحبة بمقدم روح عملاق ونفس إنسان عاش حياة طيبة زاخرة بالحب والجمال والسماء تمطر مسكا وعنبرا ،وطيبا وعطرا ، فرحة بمقدم الروح الطيبة .. سلام عليك أبعثه إليك يا ابن عروس الوادي الأخضر ( مدينة الحسن والجمال ) بيش ، سلام من على ضفاف الوادي الأخضر العملاق ، سلام من على الكثبان الرملية في الشواطئ الذهبية ، سلام أبعثه من جزر غراب ، وثيران ، ورقبين ، سلام من قاع الصبايا وقاع الذهب ، من المنقورية والراحة والمزقور ، من المطعن ومسلية ، من الكدرة والحلل والشريعة والغريف من السلامتين والعالية من العبادلة ومدبدب والمنزالة من الفطيحة والحقو من دولة والرزنة والقاهرة والخلاوية وأم الدفين .. سلام أبعثه إليك معطرا بكل الحب ومعانيه ، أهدافه ومغازيه ، أحلامه وأمانيه ، محملا بالفل والكاذي والمخضارة والبعيثران ، والشيح والواله والسكب والشار والنعثة والريحان وكل ورود وعطور جازان ومعها مسواك البشام .
يا أجمل من الجمال ، ومن هبوب رياح الشمال وحمام الطوال ، وجزر المرجان ولؤلؤ جزرفرسان . أيها الجميل كجمال البدر إذا اكتمل والطفل إذا اكتحل والزرع إذا أثمروالورد إذا أزهر والنهار إذا أدبر والليل إذا أقبل .
أيها الجميل كجمال جبل فيفا عند شروق الشمس ، والليل إذا عسعس والصبح إذا تنفس .. يا أجمل من أحلام الأمس ، ومن المناجاة والهمس والدندنة واللمس ، ومن جبال الحشر وقت الغلس ، ومن وادي لجب إذا احتجبت الشمس .
أيها الجميل كجمال الوادي العملاق ( بيش ) إذا فاض ومن مياه سمرة السمار ، ومن قوز الجعافرة عند الغروب وعقب نزول المطر في هروب ومن عروج صبيا عند الهبوب .
يا أجمل من فل ردايم أبو عريش .. ومن شاطيء الشقيق في فصل الربيع ، وعيبان إذا ازدحم البيع .. يا أجمل من نسيم العارضة والحرّث وأغصان رملان والوادي والحوذان والشيح والريحان والبحر والغزلان في رحيلك المر انخلعت القلوب وبكت النفوس قبل العيون .. في يوم رحيل اﻷخ اﻷكبر أبو عقيل مناجي بن إبراهيم بن علي أبو هادي .. تفطر القلب وحزن وعادت به الذكريات الجميلة ليتذكر أن أبا عقيل بدأ حياته عسكريا في سلاح الحدود في المنطقة الشرقية من وطننا الغالي ويعيش عدة سنوات مليئة بالجد والاجتهاد والكفاح ثم ينتقل بخدماته إلى منطقة جازان ليستمر في عطائه وخدمة وطنه حتى يحال للتقاعد . ما زلت أذكر تشجيعه لي وﻷخيه الأصغر منه ابن عمتي المقدم محمد أبوهادي يرحمه حتى نجحنا في دراستنا في المرحلة المتوسطة والمرحلة الثانوية وأصبحنا من موظفي الدولة .. لينتهي أجل محمد بعد أن وصل لرتبة مقدم في سلاح الحدود .. وليمهلني القدر وأجد في العمر متسع وفي اﻷجل فسحة ﻷشبع حزنا عليهما .. ما زلت أتذكر مزحه ومداعبته ولعبه معنا كرة قدم .. ليتدخل حكما بيننا إن بغى أحدنا على اﻵخر .. وتمضي السنوات ويهنينا بعد نجاحنا وتخرجنا .. وتمضي السنوات ليتغلل الحزن في داخل أعماقي حرقة وألما على الفراق المر الذي أتمنى أن نلتقي فيه مرة ثانية في جنان الرحمن عند مليك مقتدر رحمة الله تغشاك أبا عقيل وجعل الله قبرك روضة من رياض الجنة وجعلك من ورثة جنة النعيم فما عرفتك إلا باسم الثغر غاض الطرف سليم القلب عفيف الجوارح صبورا صادقا نظيف البدن طاهر في كل شيء .. فهل جزاء اﻹحسان إلا اﻹحسان وهل جزاؤك إلا جنات الرحمن ؟! فسلام عليك يوم ولدت ويوم وفاتك ويوم تبعث حيا.
ضيف الله مهدي – بيش . 3/2/1437 هجرية
رحم الله أبا عقيل الرئيس رقباء السيد الشريف مناجي بن إبراهيم بن علي أبو هادي وجميع موتى المسلمين .