محمد الرياني
تقابلا في الصباح، لايزال الندى يقطر من الأغصان، بيديه سلتان بهما ورد أبيض وورد أحمر، رأت في جبهته خطين متعرجين، قالت تهزأ به : أشبه بالأسلاك المهترئة تتدلى على أسوارك ، تعوذ من الشيطان الرجيم، كان متفائلًا يجمع الورد ولايزال الندى يقطر منه، أصابته كآبة وإحباط، حامل الورد الذي اعتاد على قطفه منذ أن كان صبيًّا أشقر يتنافس على ودِّه بنات الحي تبدو جبهته كالسور القديم ، تنهد على ربيع العمر، تناول وردة بيضاء ليمسح مقدمة رأسه تبعها بأخرى حمراء، رماهما على قارعة الطريق، جمع المزيد من الورد ليملأ السلتين أكثر، لايزال كلامها يضرب برأسه، لفتت انتباهه شجرة ورد طويلة ومعمرة، عليها ورد أبيض يكاد يغطي أوراقها الخضراء ، وازدادت دهشته باقتراب شجيرات بورد أحمر حولها، ذكرته بجدته الجميلة والأحفاد في يوم العيد، جال ببصره في الحديقة ولاتزال السلتان بجواره يفوح منهما الورد في الصباح وبجانبه شجرة قريبة تغني عليها العصافير ، وبعيدًا عنها هناك أخرى صغيرة ليس بها ورد عافتها العصافير لكآبتها، حدث نفسه: هذه في مقتبل العمر وهي مثل طفل مشرد يلبس لباس الشقاء ، نهض بكل النشاط وحمل الورد الأبيض والأحمر معه نحو رفيقة الدرب، وجدها تغرس في حديقة البيت مزيدًا من الورود، أحست به فوضعت يدها على مؤخرة ظهرها والتفتت إليه وإذا وجهه يورق من جمال المكان، وقف إلى جوارها ليزرع المكان معها، جاء النداء من الطابق العلوي، يسألون! متى ستمتد أغصان الورد حتى تصل إليهم ؟ قال للسائل ياشقي : ستكبر وسيأتيك الورد والندى، سألهم! هل يبدو وجهي كوجه السور القديم الذي تتدلى فوقه الأسلاك المهترئة، قالت رفيقة الدرب ( واو) من قال هذا، سمعتْهم التي تعوذ من شيطانها وهي تمر من خلف السور : ألقت عليهم الصباح معتذرة ، نادت عليها رفيقة دربه بأن تأتي لتتعلم منهما قطف الورد، نظرت من فوق السور لترى الحديقة، اعتذرت وراحت تتمتم، فهمَ منها بأن وجهه لايزال في فصل الربيع رغم التجاعيد.