قراءة في نص نجم من نجوم أكاديمية صبا
في قصيدة وطنية للشاعر الكبير حسن الأمير
وأرجو أن أكون قد وفقت
وطني الحبيب ملامحي وبياني
وطـني الحبيب مبادئي وكياني
مـنك اسـتمد الـبدر نور ضيائه
أنـت الـحياة وحاضري وزماني
يــا قِـبـلة الـدنـيا إلـيـك تـحيتي
بـحـرًا وتـعـشق صـوته ألـحاني
وطـنـي كـتـبتك لـلـزمان خـريدةً
فـاقت مـحاسنها بـديع لـساني
وطـنـي رسـمـتك لـلـخلائق جـنةً
ورسمت حولك بسمتي وحناني
وطـني الـحبيب قـداسةً ومـكانةً
أنـت الـنشيد وأنت أنت كماني
دُمْ عـالـيًا وطـني مـكانك عـاليًا
أنـت الصباح وأنت لي عنواني
أنـت الـسمو بـل الـزعامة كـلها
فـخر الـحياة وواحـة الأوطـاني
أ. حسن الأمير
العنوان دم عاليا
دم فعل أمر من الديمومة وهي الاستمرار
عاليا فاعل من علا والعلو يعني الفوقية وأراد الشاعر من ذلك أن يدوم الوطن عاليا لاينافسه وطن في مكانته بأي شكل كان ومن هذا العنوان انطلقت الفكرة والتي رام منها أن يظهر الولاء والانتماء حيث مشاعره احتضنت مبدأه وانصهربذاته هذا الاحتفاء وأراد تكريم وطنه بما يستحق من التعابير والعاطفة
الفكرة انطلقت من بوابة عنوانه وجاوزت الأفق لتجلب من مساحة هذا الوطن كل مايدل على علوّه ومكانته
المطلع :
وطني الحبيب ملامحي وبياني
بدأه بنفحة عشق وحب لوطنه وبأن ملامحه النفسية ماهي إلا جزء من وطنه وأنه جسده مخضّب بلون حب الوطن وفكره وبيانه مسرح أو منبر لإطلاق حواراته التي تشدو بعشق أبدي للوطن
وطني الحبيب مبادئي وكياني
المبدأ أسأس وأصل وتسليم وافتراض وعدم تناقض
الكيان ليس مجرد هيكل مجوف وإنما بناء فيه روح ويتنفس وينموا ويتحرك وكيان الوطن هو كل أرض الوطن بحدودها المعروفة وكافّة مقوِّمات الوطن السِّياسيّة والاقتصاديّة والثَّقافيّة والاجتماعية فعندما نقول للوطن أنت كياني فهاذا يعني أنه أحتوى الروح ونفخ فيها الحياة فتنعمنا داخله بالأمن والطمأنينة
مـنك اسـتمد الـبدر نور ضيائه
أنـت الـحياة وحاضري وزماني
البدر دائما يرتبط بالجمال ولذا نعشقه ونجعله رمز للجمال الذي لانرى مايفوقه في الحسن فما بالك لو قلنا أن البدر بضوئه الجميل استمد الضياء من وطننا الذي نراه مصدر الجمال وموئل الحب فهذا يعني أننانبادله بأعظم مانملك من الفداء
أنت الحياة توجيه وإشارة بأن لاحياة دونك ياوطن وحاضري هو وقت استطراد العمر في ثنايا ومساحة هذا الوطن وزماني كل ما يحتويني من كل جهات عمري
يــا قِـبـلة الـدنـيا إلـيـك تـحيتي
بـحـرًا وتـعـشق صـوته ألـحاني
القبلة رمز لاتجاهات أعظم عقيدة
ومركز الأرض
وأراد الشاعر من ذلك إظهار عظمة هذا الوطن ورغم أنه جزء من العالم إلا أن مكانته أعظم من الكل في المكانة والارتكاز والاستراتيجية
إليك تحيتي هذا اعتواف ضمني بمايكنه لوطنه ولذا انفعالات وعاطفة الشاعر أظهرت التحية التي استندت على الولاء والانتماء
تحيتي بحرا يريد من هذه الجملة بأن الحب والولاء والمشاعر تحمل عِظَم ومساحة بحر في جوفه
وتعشق العشق هو الحب بشغف صوته الهاء تعود لما تكثّف في داخله من حب دندنت به المشاعر التي تجيش بداخله
وطـنـي رسـمـتك لـلـخلائق جـنةً
ورسمت حولك بسمتي وحناني
كلما توغلنا بين مقاطع النص نشعر بأننا نرتقي عتبات ولاء تتعاظم بمكانتها وتزين بانتشاء جمالها هنا جعل من الوطن جنة والجنة عندما نطلقها نرى بأنها موطن الجمال ومن ازدياد مكانة الوطن في ذات الشاعر جعلها لكل خلق الله موطن
ورسمت حولك بسمتي هنا التبسم هو تهلل الوجه نتيجة تحرك خلجات الذات والقلب فنتج عنها الانشراح والتبسم والبهجة ولايأتي التبسم إلا من وراء سعادة واندهاش وابتهاج
وعندما يتلازم التبسم والحنان يرتبط برقة الطبع وتشكل المشاعر الجميلة في العاطفة
وعندما يعبر الشاعر بأنه جعل حول وطنه البسمة والحنان فسببه عظم مايحمل في طيات روحه وفي قلبه من حب لهذا الوطن
وطـني الـحبيب قـداسةً ومـكانةً
أنـت الـنشيد وأنت أنت كماني
كلما نتعمق في النص نتعمق في ذات الشاعر
ونجد نفائس وكنوز الولاء تتعدد وهنا وجدنا القداسة وهي هيبة ووقار جعلها كرمز لوطنه الذي يحتل المكانة العليا والقداسة مرتبطة بالطهر والنقاء والجلالة والبركة وكل ماهو جميل ومُهاب ومكانة الوطن في عيون العرب والمسلمين تعدت القوة والهيبة إلى الروحية حيث منزل الوحي والنبوة والمقدسات والمكانة هذه جعلت للوطن عند كل شعوب ودول الأرض المكان الأعلى والمرتقى الذي تنظر نحوه بدهشة وتعجب لما وصل إليه
أنت النشيد وأنت أنت كماني
هنا تعبير عن أنني حبك وعشق جعلني أراك قصيدة عشق لنشيدي وسبب لدندنة كماني وهو هنا تعبير عن الة الروح لا الآلة المعروفة
دُمْ عـالـيًا وطـني مـكانك عـاليًا
أنـت الصباح وأنت لي عنواني
كما أشرنا في العنوان
بأن دم هي من جذور الديمومة وهي الخلود
وجاء بالأمر دم لسبب فرط ما يملكه الشاعر تجاه وطنه فأطلق جملة دم عاليا وطني ليحول بين أي متسبب نفسي منافس آخر
ولتبقى المكانة العالية في موقعها كما يراها وكما أراد فهو يؤمن حتما بأنه في مكانته التي يستحق
أنت الصباح الصباح وقت تنفس الحياة
فجعله هنا كمفتاح الخير والبركات
وأنت لي عنواني من مبدأ الاعتراف بالانتماء الروحي والزماني والمكاني أطلق العبارة هنا
ليخبرنا بأن هذا الوطن العظيم بكل مافيه هو عنواني ليفتخر بانتمائه لهذا الوطن العظيم
أنـت الـسمو بـل الـزعامة كـلها
فـخر الـحياة وواحـة الأوطـاني
يستمر الشاعر في تمجيد وطنه بكل ألوان الولاء والانتماء وذلك باتخاذه السمو كرمز
عن العلوّ والرفعة والزعامة ومن حقي أن أفتخر لأنك مصدر فخر بما تعطيه من أسباب الراحة النفسية والطمأنينة والكرامة فأنت منطلق فخري وانتمائي وولائي
مع تحياتي وتقديري ومحبتي
لك أستاذ حسن الأمير