محمد الرياني
ننام ملء الجفون، تنام الأشياء من حولنا، تصمت الجدران من أجل أن نستريح، تترك الأغشية التي تغطينا مكانها كي نستدفئ، تذهب القطط مثلنا كي تبحث عن راحة ولكن لانراها تتثاءب، نشفق عليها كي تنعم بالحرية، تغادر العصافير أعمدة الحديد التي تزين الشبابيك نحو أعشاشِها، لانجد تفسيرًا لفعل هذه العصافير التي تترك الأعشاش المعجزة لتجاورنا ثم ما تلبث أن تسكن منازلها في الظلام، تأتينا الأحلام وسط الصمت والسكون، مرة نرى عصفورًا في فمه ورقة عشب خضراء رائعة ومرة مايشبه الحشرة النافقة، أحيانًا نحلم بأعشاش تشبه أعشاش العصافير وأنّى لنا بمناقير تجيد سبك هذه الأعشاش العجيبة، وأنّى لنا أن نكون عصافير فنحلق بجناحين ونمازح بعضنا ببراءة، في الليل ووسط الأحلام تتلاشى زفرات التعب وآهات الندم وحسرات الفقدان، صمت الكراسي الوثيرة التي تريح أجسادنا غريب، تمضي بنا هذه الأسرَّةُ نحو الراحة، نحو البعد عن حياة الصخب عندما كنا نركض بلا طائل، في الصباح يرحل الصمت، تقبل العصافير تشقشق، توقظنا مع الكراسي كي نفتح لها الشبابيك لتتشبث بأعمدة النوافذة التي لاتزال تحتفظ بالندى، تبدو بطونها خالية بعد مساء جائع أطعمها الجوع معه، نفتح لها النوافذ، نحتار في هذه العصافير التي تبني الأعشاش المستحيلة ثم توقظنا لنطعمها، نظل في حيرة أكثر ونحن نرى الأعشاش تتدلى من بين أغصان الأشجار، نعود للنوم في مساء آخر، ننام ولا نحلم وكأن العصافير لا تريدنا أن نعرف بعض أسرارها، نكتفي بأن نرى الصمت يغلف كل الأشياء، اللحف وأفواه القطط والأرض المغطاة بالرخام وقد شبعت بردًا من الطقس الداخلي، نتمنى أن نكون مثل العصافير ولكن هيهات هيهات…